كتبت - نورهان عباس

67 % حصة «الاستثمارات العامة» في الشركة

أكدت صحيفة وول ستريت جورنال أن المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم، أكبر مستفيد مالي منفرد من ازدهار شركة ناشئة أمريكية في قطاع السيارات الكهربائية، متوقعة أن تسجل السعودية أرباحا تقارب الـ 20 مليار دولار، نتيجة استثمار بقيمة 2.9 مليار دولار لشركة «لوسيد موتورز»، وهي شركة لتصنيع السيارات الكهربائية في منطقة خليج سان فرانسيسكو، التي من المقرر إدراجها علنا بعد إتمامها اندماجا مع شركة استحواذ لأغراض خاصة (SPAC)، يوم الجمعة الماضي.

وقالت وول ستريت جورنال: يمتلك صندوق الاستثمارات العامة أكثر من 60٪ من الشركة، والتي من المتوقع أن تبلغ قيمتها السوقية حوالي 36 مليار دولار على أساس سعر سهم شركة الاستحواذ لأغراض خاصة الحالي.

وكان محافظ «صندوق الاستثمارات العامة»، قد صرح في بداية العام الحالي بأن الصندوق يملك ما نسبته 67% في شركة «لوسيد» للسيارات الكهربائية، بحجم استثمارات بلغ 1.3 مليار دولار، مبينا أن الصندوق يهدف من الاستثمارات الأجنبية لتحقيق أهداف مالية وأهداف أخرى لدعم الاقتصاد.

ويأتي الإدراج تتويجا لمكاسب الاستثمار الذي قامت به المملكة في الوقت المناسب خلال عام 2018 في شركة لوسيد، عندما كانت الشركة تكافح من أجل البقاء. وجاء شريان الحياة السعودي لينقذ الشركة بفضل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الذي قاد صندوق الاستثمارات العامة في المملكة لإنفاق مبالغ غير مسبوقة على الشركات الناشئة، كجزء من محاولة لتنويع ثروة البلاد بعيدا عن النفط، حسب تأكيد الصحيفة الأمريكية.

رهانات ضخمة

في الآونة الأخيرة، استفاد الاستثمار السعودي في شركة لوسيد من ظاهرة أسهم الميم، التي أعادت تشكيل الأسواق المالية. وأدى تدفق متداولي الأسهم الهواة إلى ارتفاع أسعار الشركات المندمجة مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، لا سيما في مجال السيارات الكهربائية، إذ يراهن المتداولون على أن الشركات الناشئة ستحاكي نجاح شركة «تسلا» في سوق الأسهم، والتي تستفيد من تحول صناعة السيارات بعيدا عن الاعتماد على محركات البنزين.

وحصلت لوسيد جنبا إلى جنب مع شركة «تشرشل كابيتال كورب آي في» على متابعة كبيرة بشكل خاص على موقعي ريديت وتويتر. بعد الإعلان عن الاندماج المعلق للشركتين في يناير. ودفع جنون الإنترنت بسهم تشرشل لصعوده لأعلى بأكثر من 500٪ بحلول شهر فبراير الماضي، قبل أن تتراجع الأسهم بشكل كبير بعدها.

وتبلغ القيمة السوقية المتوقعة لشركة لوسيد ما يقرب من ضعف القيمة المقدرة لشركة «نيسان موتور»، وحوالي ثلثي قيمة شركة «فورد موتور»، التي سلمت أكثر من 4 ملايين سيارة العام الماضي. ولم تبع لوسيد أي سيارات بعد، لكنها تخطط لبدء الإنتاج في وقت لاحق من هذا العام.

نمو سريع

وأبرمت أكثر من 23 شركة تصنع سيارات أو بطاريات كهربائية صفقات من أجل الاكتتاب العام من خلال شركات الاستحواذ لأغراض خاصة في العام الماضي. وجمعت هذه الصفقات أكثر من 17 مليار دولار للشركات، التي لا يملك كثير منها أي إيرادات، لكنها جذبت المستثمرين بفضل توقعات النمو السريع. وقالت لوسيد إنها تتوقع إيرادات تبلغ 22 مليار دولار في عام 2026.

وتعتبر لوسيد أكثر قيمة بكثير من أي شركة من الشركات الناشئة الأخرى في مجال السيارات الكهربائية بالولايات المتحدة، والتي تم طرحها للاكتتاب العام مؤخرا، والمكاسب السعودية هي الأكثر وبفارق كبير جدا من حيث إجمالي الدولارات. وتعتبر ثاني أكبر شركة أمريكية في هذا القطاع من حيث القيمة تم إدراجها مؤخرا، هي شركة «كوانتوم سكيب كورب»، التي تقدر قيمتها بنحو 9 مليارات دولار. وحققت شركة «فولكس فاجن إيه جي»، وهي من كبار المساهمين في «كوانتوم سكيب»، مكاسب تزيد على مليار دولار من استثمارها البالغ 300 مليون دولار في الشركة.

استثمارات ذكية

حاولت شركة لوسيد، التي تأسست في عام 2007، في البداية تصنيع البطاريات قبل تحويل نموذج أعمالها إلى صناعة السيارات. ولعدة سنوات، لم تكن شركات السيارات الكهربائية رائجة بين أصحاب رؤوس الأموال، ولم تتمكن الشركة من العثور على تمويل لبناء مصنعها.

وشرع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في ضخ الأموال في قطاعات تشمل التكنولوجيا والسيارات الكهربائية. وأجرى الصندوق السعودي محادثات مبكرة حول صفقة شراء محتملة لشركة تسلا في صيف 2018، قبل أن يختار لاحقا الاستحواذ على ملكية الأغلبية في لوسيد الناشئة، مع التزام أولي بقيمة 1.3 مليار دولار. وكجزء من الصفقة، التزمت لوسيد ببناء مصنع في المملكة، وفقا لإيداعات الأوراق المالية للشركة.

وحسب وول ستريت جورنال، قال مسؤولون في الصندوق السعودي في السابق إن نهجهم مدفوع برؤية 2030، وهي خطة البلاد لتنويع الاقتصاد.

جدير بالذكر، أنه من بين الرهانات الأخرى التي قدمها الصندوق السعودي استثمار بقيمة 3.5 مليار دولار في شركة «أوبر تكنولوجيز»، وأكثر من 400 مليون دولار في شركة الواقع المعزز «ماجيك ليب»، كما تعهد سمو ولي العهد بضخ مبلغ قيمته 45 مليار دولار لصالح صندوق «سوفت بنك فيجن»، وهو المبلغ الأكثر ضخامة على الإطلاق الذي يضخه صندوق الثروة السعودي.