د ب أ - واشنطن

أحيانا ما توصف أفغانستان بأنها «مقبرة الإمبراطوريات» بسبب قدرتها على المقاومة وإلحاق خسائر غير متناسبة بالدول الأكثر قوة. وكانت الإمبراطورية البريطانية خسرت صراعا استمر لأربعة أعوام هناك، خلال الفترة من عام 1839 وحتى عام 1842، على الرغم من أنها تمكنت من تحقيق بعض أهدافها في حرب ثانية بعد أربعين عاما.

ويقول الكاتب والصحفي تريفور فيلسث، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال انتريست» الأمريكية، إن الاتحاد السوفيتي واجه هزيمة على أيدي المجاهدين المسلحين المدعومين من جانب الولايات المتحدة خلال ثمانينيات القرن الماضي، وهو صراع أدى في النهاية إلى إفلاس موسكو والتعجيل بزوال الاتحاد السوفيتي.

ويوضح فيلسث أنه بعد وقوع أحداث 11 من سبتمبر في عام 2001، غزت الولايات المتحدة أفغانستان وأطاحت بحكومة طالبان، لكنها سرعان ما أصبحت غارقة في حالة تمرد خاصة بها.

وفي أبريل الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن القوات الأمريكية سوف تنسحب من أفغانستان، لأن الولايات المتحدة حققت أهدافها لعام 2001 وتفاوضت على اتفاق سلام مع حركة طالبان. وعلى الرغم من أن طالبان انتهكت اتفاق السلام بشكل صارخ، إلا أن انسحاب الولايات المتحدة من البلاد يكاد يكون اكتمل حاليا، مع وجود عدد قليل جدا من القوات الأمريكية في البلاد.

وأثار تقدم طالبان السريع للسيطرة على المزيد من الأراضي في أفغانستان، إنذارات من روسيا إلى الصين، حيث أدى سحب القوات الأمريكية إلى إفساد توازن القوى في جنوب آسيا، بعد أن ظل ثابتا لمدة عقدين تقريبا.

وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية، تكهن الباحث جوردون تشانج، بأن القوة الرئيسية التالية التي من المتوقع أن تدخل أفغانستان قد تكون الصين، التي تسعى للاستفادة من انسحاب الولايات المتحدة من خلال توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية هناك.

وقال تشانج إن «الصين تريد دخول أفغانستان بشدة»، مشيرا إلى اهتمام بكين بالثروة المعدنية غير المستغلة في أفغانستان وقدرتها على الاستثمار في إطار مبادرة الحزام والطريق. كما لاحظ أن الصين لديها مصلحة في حرمان عناصر الويغور المناهضة للصين من ملاذ آمن في أفغانستان، بعد أن وجدوا الأمان هناك. وتشترك أفغانستان مع طاجيكستان، في حدود وعرة طولها 80 كيلو مترا، على طول ممرها الشمالي الشرقي، على الحدود مع منطقة شينجيانج ويغور الصينية ذاتية الحكم، والمثيرة للجدل.

إلا أن تشانج أكد أنه من المحتمل أن يأتي التوسع داخل أفغانستان - سواء عسكريا أو غير ذلك - بتكلفة سلبية كبيرة لبكين. واستشهد بالصراع الصيني المستمر مع الهند، والذي له تأثير كبير في كابول، مؤكدا أنه من الممكن أن يقوم القادة الهنود بعد ذلك باستهداف البنية التحتية الصينية في أفغانستان أثناء أي صراع مستقبلي بين القوتين الآسيويتين. وأشار إلى أنه من الممكن أيضا أن تفرض الولايات المتحدة تكاليف على الصين، باستخدام اتصالاتها الخاصة.

ويعتزم وزير الخارجية الصيني وانج يي، السفر إلى آسيا الوسطى الأسبوع المقبل لإجراء محادثات حول أفغانستان، وكان قد حذر الأسبوع الماضي من أن المهمة الأكثر إلحاحا في أفغانستان هي «الحفاظ على الاستقرار ومنع الحرب والفوضى».

كما أشار تشانج إلى أنه بينما حافظت الصين على تواجد بعثات خارجية ناجحة في مناطق مضطربة أخرى، مثل إقليم دارفور في غرب السودان، فإن المهمة في أفغانستان تتطلب التزاما أكبر بكثير، وستجد الصين صعوبة كبيرة في المغادرة بمجرد الالتزام، مثلما حدث مع القوى الكبرى الأخرى.