وليد الأحمد

تنافس المدن العالمية على استضافة الأولمبياد يبدو مفهوماً من منظور تسويقي وإعلامي باعتبارها أكبر وأعرق حدث رياضي في العالم للألعاب المختلفة، لكن الجدوى الاقتصادية لا تزال محل جدل وتساؤل.

وفقًا لدراسة أجراها باحثون في جامعة أكسفورد، فإن ميزانية كل ألعاب أولمبية منذ العام 1969 تتجاوز المخطط لها بنسبة ​​172 %، بما يتجاوز أي نوع من المشاريع العملاقة مثل الطرق والجسور والسدود وغيرها من المشاريع الكبرى.

أولمبياد طوكيو، التي انطلقت الجمعة الماضية لم تكن استثناءً، فاليابان قالت إنها ستخصص لها ميزانية بـ 7.3 مليار دولار، لكن الإنفاق الفعلي تجاوز 28 مليارا حتى العام 2019 مع توقعات بأن يصل إلى 35 مليارا وفق تقرير نشرته نيويورك تايمز. الأولمبياد الماضية في ريو دي جانيرو البرازيلية عام 2016 قُدِّرت ميزانيتها بـ14 مليار دولار، فيما بلغ الإنفاق 20 مليار دولار. وقبلهما استهدفت أولمبياد لندن في العام 2012 خمسة مليارات دولار وأنفق فعلياً 18 مليار دولار حتى في الألعاب الشتوية تجاوزت مدينة سوتشي الروسية ميزانيتها المقدرة بـ 10.3 مليار دولار إلى 51 مليارا في العام 2014.

تجاوز الميزانية ليس التحدي الوحيد، بل إن الأثر الاقتصادي تحدٍ أكبر، فدراسة أخرى نُشرت في المجلة العلمية Journal of Economic Perspectives تشرح كيف أن الأحلام الوردية للمسوقين المهتمين باستضافة مدينتهم للحدث الرياضي الكبير عن الأثر الاقتصادي في الخطط المسبقة لإقامة الأولمبياد تتبخر على أرض الواقع لأنه عملياً «صفر» أو جزء صغير إذا استثنينا ازدهار قطاع الإنشاءات. يضاف إلى ذلك الاضطراب الاجتماعي والبيئي، ولهذا صوّت الأهالي في مدن عدة أوروبية ضد دخول مدنهم في سباق الترشح للألعاب الأولمبية خلال السنوات القليلة الماضية.

لكن حسابات الدول لا تبدو اقتصادية فحسب دائما، فطوكيو التي استضافت الأولمبياد لأول مرة عام 1964 بعد نحو 20 سنة على نهاية الحرب العالمية الثانية كانت رسالتها سياسية بأن اليابان لم تعد من قوى المحور، بل مجتمع رأسمالي وشاب ينمو بسرعة، أما في 2021 فرسالتها تجاوز عثرة فوكوشيما، وأن المعجزة الاقتصادية اليابانية مازالت حاضرة.

woahmed1@