خالد الشنيبر

تحدثت في مقال سابق عن مؤشر البطالة، وعلاقته بمؤشر المشاركة في القوى العاملة، وذكرت بأن مؤشر البطالة لا يعكس بالضرورة حالة التشغيل في سوق العمل، وهذا المؤشر يمكن أن يزيد أو ينقص بدون أن يتغير عدد المشتغلين، ولذلك لا بد من الحذر عند قراءة وتحليل هذا المؤشر، وعدم الاعتماد عليه فقط عند الرغبة في معرفة نجاح المبادرات والقرارات التي يتم تطبيقها على سوق العمل.

وفقاً لآخر نشرات سوق العمل، نجد أن معدل بطالة السعوديين انخفض، مقارنة بالربع السابق، والبعض اعتقد أن سبب الانخفاض هو توفير فرص عمل جديدة للباحثين عن عمل من السعوديين، ولكن في الواقع السبب الرئيسي لذلك هو انخفاض معدل المشاركة للسعوديين، والكثير يتساءل عن أسباب هذا الانخفاض في معدل المشاركة للسعوديين، والإجابة الواضحة لهذا التساؤل هو أن الجهات المعنية في تلك الإحصاءات استبعدت المتقاعسين وغير الجادين في البحث عن العمل من الإحصاءات الرسمية، وهذه الخطوة تعتبر صحيحة اقتصادياً بالرغم من أهمية الوقوف على أسبابها؛ لأن زيادة المشاركة في القوى العاملة للسعوديين تعتبر هدفًا إستراتيجيًا عاماً ومهماً في سوق العمل، وأنا شخصياً أعتبر مؤشر المشاركة في القوى العاملة هو أهم مؤشر مختص في قياس متانة سوق العمل، ومن خلاله يتبين لنا نجاح وأثر برامج وزارة الموارد البشرية التي يتم تطبيقها على سوق العمل.

لدينا نماذج لكفاءات سعودية أثبتت وجودها في سوق العمل، وبشكل قوي خلال السنوات الماضية، ولدينا منشآت عديدة قامت بتطبيق ممارسات وإصلاحات عديدة داخلية لتطوير بيئة العمل لديها، حتى تستقطب الكفاءات السعودية، وبنفس الوقت هناك مجموعة غير منتظمة من الطرفين ينبغي التعامل معهم بنفس المستوى وليس بحماية طرف على الآخر، وما سأتطرق له في هذا المقال هو حماية لكل العاملين وأصحاب العمل الملتزمين بالأنظمة.

من اطلاع على نشرات سوق العمل، نجد أن الوظائف بالغالب ما زالت تدور حول من يمتلك خبرات سابقة، وذلك يعني أن بطالتنا تنحصر بشكل رئيسي في المتعطلين من لم يسبق لهم العمل، وبتشخيص أعمق نجد أن هناك عدم استقرار للعامل مع صاحب العمل وبشكل لافت بالرغم من وضوح أحقية كل طرف في احترام العلاقة التعاقدية، ويرجع سبب ذلك لعدة عوامل يتحملها جميع أطراف سوق العمل، وعلى رأسهم وزارة الموارد البشرية، وقد يتساءل البعض عن دور وزارة الموارد البشرية في هذا الأثر، والإجابة بشكل مختصر أن الوزارة تعتقد -للأسف- أن حمايتها المفرطة لطرف على الآخر من خلال تغييراتها في السياسات هو مقياس لنجاحها في سوق العمل، وواقعياً هذا الدور هو دور قسم لشؤون الموظفين وليس لجهة مسؤولة عن تنظيم سوق العمل لحماية جميع أطرافه. حتى نصل لحلول مستدامة في تحسين سوق العمل؛ ينبغي أن يكون التعامل سلوكياً ونظامياً مع طرفي سوق العمل العامل وَصاحب العمل، وما ينتظره القطاع الخاص في الوقت الحالي مع توجه رفع معدلات التوطين هو وجود أداة لتقييم العاملين في القطاع الخاص وذلك في معيارين الالتزام في الحضور وَ الالتزام بإكمال فترة العقد، ومن خلال تلك الأداة بإمكان أي صاحب عمل مستقبلي الإطلاع على تقييم الموظف قبل توظيفه في أهم معيارين من وجهة نظري الشخصية، وهذا التوجه سيكون له أثر في زيادة معدلات الاستدامة والالتزام. أصحاب العمل ومختصو الموارد البشرية يفضلون المرشحين قليلي التنقل ومن يحترمون فترة عقودهم السابقة، بالإضافة للموظفين الملتزمين بأوقات العمل الرسمية، ومن مبدأ التوازن في حماية طرفي سوق العمل سيكون هناك رفع لمستويات الالتزام وبشكل كبير؛ مما يساهم ذلك في دخول الباحثين عن العمل الجادين في الالتزام واحترام عقد العمل.

ختاماً.. ما أتمناه كغيري من مختصي الموارد البشرية، هو وجود توازن في حماية طرفي سوق العمل، وبنفس الوقت وجود تقييم لجميع العاملين وذلك في معيارين الالتزام في الحضور وَ الالتزام بإكمال فترة العقد، فليس من المنطق أن يتحول الدور من حماية جميع أطراف سوق العمل بحماية متوازنة إلى أي مسار آخر.

@Khaled_Bn_Moh