عبدالله إبراهيم العزمان يكتب

سقط طفل على الأرض وتعرض لكدمةٍ بسيطةٍ، وبدأ بعدها بالبكاء والتشكي من شدة الألم، فسأله والده: هل يؤلمك ذلك يا بني، فقال الولد منزعجًا: نعم إنه يؤلمني كثيرًا، فرد عليه الأب مواسيًا، هل تعلم يا بني أن الألم نعمة، فتعجب الولد وقال: وكيف يكون ذلك يا أبي؟

هل تصور أحدنا أن يعيش حياته يومًا ما بدون ألم، كأن يدوس على إبرة دون أن يشعر بها، ثم يكتشف صدفة وجودها في قدمه ويقوم بإخراجها، أو أن ينسكب عليه الماء الساخن دون أن يشعر به، ويتفاجأ فيما بعد بالتشوه الذي حصل له، أو أن تحدث السكين قطعا في يده دون أن يعلم.

يعاني قرابة ١٥ مليون شخص مرضَ الجذام حول العالم، وهو مرض كفانا الله وإياك شره، يسبب فقدان القدرة على الشعور بالألم، وكأن المريض واقع تحت تأثير المخدر، وبالتالي يفقد القدرة على تمييز الأخطار المختلفة، كالصعقات الكهربائية واللسعات الحارة أو الشديدة البرودة. ويكون بذلك أكثر عرضة للإصابات المباشرة كبتر الأصابع أو الأيدي.

ومن الحقائق العلمية أن الإنسان يتعرض عادة لجرح بسيط مرة كل أسبوع أو ٤٠٠٠ مرة في حياته، كالإصابة بسكين المطبخ، أو بشوكة من نبات، أو بلسعة من ماء ساخن، والمعروف بحسب الدراسات أن ٪٩٥ من هذه الإصابات تحدث في الأصابع وفي الإبهام تحديدًا، ويكون الإنسان الصحيح قادرا على حماية نفسة في الغالب، بينما لا يكون مرضى الجذام أو المصابون بارتفاع مستوى السكر قادرين على حماية أنفسهم، نظرًا إلى فقدان الإحساس في الأطراف، فلا يدرك أحدهم تعرضه للإصابة في مكان ما، وبالتالي يظهر عليهم ندبات وعلامات تشوه قد لا يعرف المصاب أين ومتى حدثت له.

كما أن الشخص الصحيح، يقوم عادة بنزع الحذاء عن قدمه عند شعوره بالضغط المتواصل أو المتكرر عليها، بينما لا يتسن ذلك لمرضى الجذام أو السكر، مما يؤدي بهم إلى تهتك الأنسجة، وقد يفقدهم عددًا من أصابعهم نتيجةً لهذا الضغط المتواصل والمنهك على الأطراف.

فالألم يا بني نعمة وهبنا الله إياها، فلولاه لما عرف الإنسان أن لديه مشكلة في بطنه، أو كسرا في يده أو ذبحة في صدره، ولولاه لما قدر الأطباء على تشخيص الأمراض ومعالجتها، وعمل التدخل الجراحي اللازم في الوقت المحدد.

يقول الشاعر أبو الهدى الصيادي:

أواه من ألم الفراق لأنه داء جسيم

يا له من داء

لم يشفه إلا اللقاء

ولم يزل يخفيه خوف شماتة الأعداء

بتصرف من كتاب هبة الألم للكاتبين بول براند وفيليب يانسي

azmani21@