د. خالد الغامدي

يلتقي الكثير من الناس في حياتهم بشخصيات تظن أنها دوماً على حق ويرى أن رأيه أو تصرفه من إخلال في الطابور أو رفع الصوت أو عكس مسار...إلخ. صواب وما عاداه خطأ، وإن حدث وخالفه أحد برأي آخر يتحول النقاش لمشكلة كبيرة، وقد ينهي علاقته مع هذا الشخص لمجرد أنه خالفه الرأي.

لذا نجد أن الأشخاص، الذين يعتبرون أنفسهم على حق يفتخرون بقدرتهم على التحليل المنطقي والعقلاني وهم يتميزون بذلك وهذه النوعية تقوم بتفصيل وتحليل كل موضوع أو موقف من أجل إظهار الخلل في تصرفات الآخرين سوى من أفعال أو أقوال ولديهم القدرة في الاستمرار في المناقشة والعراك، بل قد تصل إلى جدال عقيم سيستمر إلى الأبد. وهذه النوعية من النقاشات العقيمة موجودة بمختلف الأشكال وفي جميع المجالات وهذه الفئة منهكة جداً وقد تجد نفسك في صعوبة للوصل معهم لنقطة التقاء. وهؤلاء الشخصيات لا يقتصر أثرهم السلبي على علاقاتهم فقط وإنما يمتد لأسرهم وأبنائهم وقد يكونون من أتعس الأسر والسبب رغبتهم الدائمة بأن يكونوا على حق وخوفهم من أن يكونوا مخطئين ودائما على صواب وأن الرأي الذي يصلون إليه هو الرأي الأمثل لذلك، فهم يسيرون باتجاه تنفيذه دون الالتفات إلى آراء الآخرين لأنهم كبار وأولياء أمور وأصحاب خبرة ولكنها ليست مبرراً لأن تجعلهم متفردين في اتخاذ القرارات. وهذا ما يجعلهم يواجهون المشاكل في حياتهم بانفصال أو هروب الأبناء أو فشل في الحياة لعدم وجود الحوار الهادف.

من حق كل إنسان أن يرى نفسه على صواب ولكن ليس من حقه أن يقوم بتخطئة الآخرين، فهذا قد يصعب التعايش معه ويصعب علينا تقبل هذا النوع من الشخصيات. لكن هناك حلولا نتعلمها ونعلمها للتعامل معهم؛ لأن الأشخاص الذين يعتقدون أنهم دوماً على حق، هم أشخاص لا يشعرون بالأمان ويحتاجون أن يثبتوا أنهم على حق بأي ثمن كان. لذلك إذا قيل لهم إنهم ليسوا على حق أو صواب، فسوف يشعرون بالهجوم ويدافعون عن أنفسهم.

من هذه الحلول أن تكون هادئاً وقوياً والمحافظة على ثقتك بنفسك خلال المناقشة معهم لتكون في موقف القوة؛ لأنه سيعتبر الانفعال دليل ضعف وسيهاجم بقوة أكبر، ونحن كما سبق ذكرنا أن هذه الفئة تقوم بتفصيل كل موضوع أو موقف، لذلك كن أنت السباق وادعم كل كلمة أو عمل تقوم به بالدليل، فهذا سوف يصعب عليه الهجوم أو النقاش، فتحضير المسبق مهم مع هذه الفئة سواء كان النقاش أسريا أو في العمل، وأثناء النقاش ننصح بعدم السب أو الشتم أو رفع الصوت؛ لأن هذا سيجعلك في موقف ضعف وضيق الأفق وتجنب الحديث عن الحدس أو الشعور. مثال أنا أحس بأنك كذا أو أشعر بأنك كذا لأنها تفقدك القوة وتؤثر سلباً على حديثك أثناء النقاش. أخيرا الكلام القليل والموزون يعطيك درجة عالية من الاحترام والثقة بالنفس والتأثير على الآخرين. ويقول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: «الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».

إذاً بالصبر وتعلم مهارات جديدة نستطيع التعامل مع الشخصيات صعبة المراس.

@drkali2008