سالم اليامي

أعلن معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد «أنطونيو غوتيريس» قبل أيام اسم مبعوثه الجديد إلى اليمن السيد «هانس غروندبرغ» وهو دبلوماسي سويدي عمل في المنطقة العربية وفي اليمن على وجه الخصوص ممثلا للاتحاد الأوروبي، وكان مسئولا عن قسم منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج بالذات في وزارة الخارجية السويدية. هذه كل مؤهلات الرجل التي تحدث الكثيرون عنها كمسوغات للتفاؤل بهذا الوجه الجديد كمبعوث أممي إلى اليمن والكل يرجون أن يكون حظ الرجل أفضل من حظوظ من سبقوه في هذا المنصب، حيث خرج من سبقه من المنصب الدولي الرفيع دون تحقيق إنجازات ملموسة يمكن الإشارة إليها في مسألة الحرب في اليمن.

كانت البداية مع المغربي جمال بن عمر تبعه الموريتاني ولد الشيخ أحمد، ثم البريطاني مارتن غريفيث. الثلاثة وجدوا أنفسهم في وضع صعب، فحرب اليمن معقدة بمعنى الكلمة، من عدة زوايا الزاوية الأولى المحيط الداخلي اليمني بتعدد أطرافه، واختلاف طبقاته، وبنمو بعض الأطراف المباشرة في الصراع بعد قيام الصراع ذاته، حتى أن المراقب يجد نفسه في دوامة يمنية يصعب على غير المختصين، كما هو الحال مع بعض اليمنيين فك كل رموزها، ثم هناك الدائرة الإقليمية والتي كانت في مطلع الأزمة مركزة في لاعبين رئيسيين ثم مع الوقت أصبح هناك أطراف إقليمية تؤثر بشكل ملموس وفعلي في الأزمة، وفي الدائرة الثالثة تأتي الدائرة الدولية أو تفضيلات القوى الكبرى، ورؤيتها لإدارة الصراح، ومنطلقاتها للحل، كل هذه الدوائر بتشابكها وتعقيداتها لم تمنح أيا من الرجال الثلاثة شهادة نجاح كاملة، وأنا هنا لا أدافع عن المبعوثين السابقين، ولا عن المبعوث الجديد كونهم من رجال الدبلوماسية ولكن لأني أعرف طبيعة العمل الدولي من زاويتين مهمتين، الزاوية الأولى هي منطقة العمل للمبعوث الدولي والضرورات بأن تتوافر لها بعض المقومات وهذه المقومات متغيرة فمنها ما هو خاص بأطراف الصراع، ومنها ما هو خاص بالبيئة الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة وقدرة الأطراف على إنجازها ثم هناك الضروريات التي يجب توافرها في البيئة القريبة من الموظف الدولي وهي الإجراءات التي تسهل حركته، ولقاءه بالأطراف المهمة، ومرونة العمليات في مكتبه. كلامي هذا لا يعني أنني كمراقب لا أتوقع أن يحدث المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن فرقا في العمل الموكل إليه أبدا بقدر ما هو محاولة لفهم طبيعة هذه الوظيفة، وطبيعة الشخص الذي يقوم بالمهمة. وكأني هنا أتطرق إلى عنصرين مهمين في حياة، وعمل أي مندوب دولي وهما البواعث الشخصية لدى الرجل. إضافة إلى البواعث الموضوعية، وتتعلق الأولى بقدرات الموظف وتفضيلاته، وشغفه بممارسة العمل الموكل إليه، والعمل بطريقة لا تعترف بالاستسلام في مواجهة الصعاب، أما الشؤون الموضوعية في تلك الروابط ذات الصلة بطبيعة المهمة هل هي تقريب بين وجهات نظر، أو حل صراع عرقي، او الفصل في مسائل بين دول. وبطبيعة الحال كل هذه العوامل مؤثرة في المهمة الدولية للمبعوث ويتوقف على فهمه الجيد لها كثير من الأمور، السؤال الذي واجهته في بعض اللقاءات التلفزيونية حول ذات الموضوع كان يتمحور حول الكلمة التي يمكن أن تقال في هذه المناسبة لمبعوث معالي الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن. وفي الحقيقة أود وأعتقد أن غيري كثيرون من أبناء اليمن ومن العرب عموما يأملون من السيد غروندبرغ ألا يكون نسخة مكررة ممن سبقوه إلى هذا المنصب، وأن يستفيد من أخطائهم الشخصية، والمهنية التي وقعوا فيها، الشيء المهم الذي يمكن أن نوجهه للمبعوث الجديد هو أن يستثمر الظرف الدولي الجديد المتمثل في الإعلان الأمريكي إلى ضرورة وقف الحرب في اليمن، والعودة إلى أهم مرتكزات الصراع تنظيميا وهو القرار 2216 والذي يضمن تطبيقه تحديد هوية الخصوم الحوثيين المنقلبين، والشرعية الداعية للسلام، كما أن استثمار المبادرة السعودية التي أوكلت آلياتها التنفيذية للأمم المتحدة فرصة أخرى للنجاح، وكذا الاستفادة من اتفاق الرياض الذي هيأ كثيرا من الظروف الداخلية وقد يجد من المناسب البناء على كل ذلك لكي لا يخرج من المنصب لا سمح الله ولم يحقق شيئا في مهمته.

@salemalyami