سعود القصيبي

ليس من الغريب أن نسمع كلمات سلبية حول إيران، فهي دولة، ومنذ عهد الخميني تصادمت مع جيرانها، بل مع أغلب دول العالم. كما أن العقوبات الدولية، في محاولة للمحافظة على السلم الدولي، أخذت وقعها عليها إلا أنها ما زالت على نفس توجهها الخميني من التوسع الخارجي، وعلى حساب اقتصادها ومواردها. ولا يريد العالم استعادة أمثال هتلر والنازية؛ لأن الأحلام لمثل نهجهم تنغص العالم، فحجم الدمار والخراب بأسباب ألمانيا النازية كان بالغًا وعلى نطاق عالمي.

ولا غرابة في أن نرى تدخلات إيران تأخذ وقْعها سلبًا على دول الشرق الأوسط، فنرى اقتصاد لبنان واليمن وسوريا مدمرًا والعراق مترنحًا، فهو من نهج التطرف الذي تباع فيه الأيديولوجية وتُشترى، وعلى حساب الإنسان والعيش الكريم. وما كانت وقفة العالم ضد الشيوعية حصارًا إلا بسبب أمثال تلك الأيديولوجية المتطرفة، والتي أخذت وقْعها بالنهاية على اقتصاد الاتحاد السوفيتي حتى تفكك. ونحن اليوم نقف على مشاهد مماثلة في إيران لما رأيناه وقبل سقوط الاتحاد السوفيتي من انقطاع في الخدمات المختلفة، ونفاد السلع، ومن بطالة. إلا أنه لا أحد قادر على أن يتنبأ بما هو قادم، وما قد يؤثر، بالإضافة إلى المشهد الداخلي الإيراني. إلا أن لقراءة الصورة والحالة العامة يجب علينا معرفة حال الاقتصاد الإيراني.

ليس وحدها العقوبات الاقتصادية المالية والنفطية التي تشنها الولايات المتحدة والدول الأوروبية العنصر الرئيسي المؤثر على الاقتصاد الإيراني، إنما هو بالإضافة للفساد المؤسسي المستشري بكل أنحاء النظام، وسوء الإدارة، وأخيرًا وقع فيروس كورونا على حال الاقتصاد.

وتواجه إيران عددًا من التحديات، ومن أهمها الفقر، البطالة، ارتفاع الأسعار، والنقص بالماء والكهرباء. ويأتي تأمين الخبز على هموم المواطن الإيراني في ظل ارتفاع الأسعار، فالتضخم يفوق 30% مع انخفاض في قيمة الريال الإيراني بلغ 44%. وتمثل البطالة نحو ربع السكان، بالإضافة إلى أن 80% من مواطني إيران تحت خط الفقر.

كما أن لانقطاع الكهرباء المستمر بأسباب عدم كفاية الإنتاج وقْعه على حال الاقتصاد، وأدى إلى توقفه بعدد من المدن.

ويأتي هذا بعد أن خفضت إيران صادراتها من الكهرباء إلى العراق في محاولة يائسة لوقف انقطاع الكهرباء لديها. ومن مظاهر سوء الإدارة عدم سيطرتها على كوفيد ـ 19، فقد وصلت حالات الوفيات الرسمية منه لنحو 97 ألفًا في وقت بلغ التطعيم فقط 3.3% من السكان فقط.

ويشكل عدم توافر المياه الكافية همًّا للسكان، بالإضافة إلى حال الاقتصاد، ومن نزوح إلى المدن الكبيرة؛ مما يضيف إلى حال البطالة. كما أن هناك بحيرات جفت، وأنهارًا نضبت، ويتوقع محللون أن المياه الجوفية تلك هي الأخرى ستنضب في 12 مقاطعة من 31 من المقاطعات الإيرانية إن استمرت السياسات الزراعية، كما هي في الاكتفاء الذاتي الزراعي.

بالإضافة لتوافق انتشار الفيروس العام الماضي مع عاصفة من التحديات المالية على إيران، فأسعار البترول انحدرت بشكل كبير، بينما في ذات الوقت راهنت على أسعار لميزانيتها مرتفعة، ومن 50 دولارًا للبرميل لتصل فعليًا إلى 15 دولارًا، بالإضافة إلى بيع نحو نصف التوقعات منه.

وتطمح إيران إلى المزيد من الاستثمارات الصينية والروسية، والدفع الإضافي في تنويع الاقتصاد، ومن الصادرات غير النفطية؛ الأمر جعل سابقًا نحو 37 مليار دولار سنويًا تأتي كحصيلة من تلك الصادرات وقبل الأزمة الحالية. وأيضًا كسند داعم، تؤدي دولتا تركيا وقطر دورًا هامًا معززًا من تأمين المدفوعات الخارجية.

إن حال إيران يوشك على الانتفاضة إن استمر تأزم الوضع الحالي، وفي المعطيات الاقتصادية هو يشابه بأيام تلك الثورة التي أطاحت بالشاه، وأسقطت الاتحاد السوفيتي، فهل التاريخ يُعيد نفسه؟... لا أحد يعلم.

@SaudAlgosaibi