فيصل الخريجي

القوة الناعمة (Soft Power) ‏مصطلح حديث نسبيًا، وهو مصطلح ابتكره أستاذ العلوم السياسية السيد/ جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والاستمالة والإقناع بصورة ناعمة أو غير مباشرة ودون إكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع، حيث عرفها بأنها: «القدرة على الجذب لا عن طريق الإرغام والقهر والتهديد العسكري، والضغط الاقتصادي، ولا عن طريق دفع الرشاوى وتقديم الأموال لشراء التأييد والموالاة، كما كان يجري في الإستراتيجيات التقليدية القديمة، بل عن طريق الجاذبية، وجعل الآخرين يريدون ما تريد». وتم استخدام منهجية القوة الناعمة للتأثير على الرأي العام وتغييره من خلال قنوات رسمية وغير رسمية، موثوقة وغير موثوقة (مضللة)، والضغط من خلالها وبخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، ويستخدم المصطلح حاليا على نطاق واسع في الشؤون الدولية من قبل المحللين والسياسيين. لذلك قال جوزيف ناي إنه مع القوة الناعمة «أفضل الدعايات ليست دعاية»، يقصد أن تلك الدعايات تتحول إلى حقيقة عبر اعتناق الناس لها وتصديقهم بها وتأثرهم بانتشارها وأسلوب طرحها، موضحا أنه وفي عصر المعلومات تعد «المصداقية أندر الموارد». ابتكر جوزيف المصطلح في كتابه الصادر عام 1990م وقام بتطويره في كتابه الصادر عام 2004م بعنوان القوة الناعمة.

في العام 2007م تحدث الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني هو جينتاو بأن الصين بحاجة إلى زيادة قوتها الناعمة. وتحدث أيضًا وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس عن الحاجة إلى تعزيز القوة الناعمة الأمريكية عن طريق زيادة الإنفاق على الأدوات المدنية. ووفقًا لمسح مجلة مونوكل للقوة الناعمة عام 2014م، تتبوأ الولايات المتحدة المركز الأول تليها ألمانيا ثم المملكة المتحدة واليابان وفرنسا وسويسرا وأستراليا والسويد والدنمارك وكندا. إن فكرة الابتلاع الناعم الذي قامت به إيران للأحواز العربية في عام 1925م؛ وابتلاع أربع عواصم عربية مؤخرا بصورة ناعمة، تمثل فكرة مشابهة لفكرة القوة الناعمة، حيث قامت إيران بتحويل فئة من شعوب تلك الدول العربية إلى ميليشيات طائفية سلمت عواصمها ومقدراتها وأمنها الوطني وقتلت أبناء جلدتها لصالح طهران؛ عبر تضليلها وإقناعها بأن طهران الفارسية تمثل العربي/ الحسين بن علي عليهما السلام، وأنها قادمة لتقتل العرب الذين تزعم أنهم قتلوا الحسين وأنها تنتصر للمستضعفين في الأرض. بهذه الحيلة الناعمة والعاطفية والمضللة تمكن الإيرانيون من ابتلاع الأراضي العربية، وسبقهم إلى هذه الحيلة يهود أوروبا بادعاء المظلوميات والمسكنة التاريخية لإقناع العالم بأن احتلال فلسطين أمر مشروع ويحقق قضية عادلة. الوعي مهم للحيلولة دون ابتلاع أمتنا وأراضينا وكرامتنا العربية عبر حيل عاطفية مضللة. لقد قال أمير المؤمنين الخليفة الراشد/ علي بن أبي طالب عليه السلام عن الذين اختلفوا معه وقاتلوه إنهم: «إخواننا بغوا علينا» ولم يسمح بتفكيك الأمة أو تمزيقها أو تسليم أراضيها أو التنكيل بمخالفيه على أسس مذهبية أو طائفية. الوعي مهم للتصدي لعملية الابتلاع الفارسي الناعم التي تقوم بها إيران باسم الحسين عليه السلام منذ العام 1925م.

@falkhereiji