المدخرات النقدية للمؤسسات تعزز الآمال الكبيرة في زيادة الإنفاق على نمو الأعمال وإعادة الأموال إلى المساهمين
يراهن المستثمرون على أن الشركات الغنية بالسيولة ستزيد الإنفاق على كل شيء من المصانع إلى عمليات إعادة شراء الأسهم، وهو مزيج يعتقد الكثيرون أن بمقدوره تعزيز الأسهم في الأشهر المقبلة.
قالت الشركات بما في ذلك «تايسون فوودز» (Tyson Foods Inc)، وشركة المنتجات الاستهلاكية «نيوويل براندز» Newell Brands Inc.))، و«مورجان ستانلي» (Morgan Stanley)، وشركة بيع المشروبات «كونستيلاشن براندز» (Constellation Brands Inc.) في الأسابيع الأخيرة، إنها تخطط لبناء مصانع أو توسيع ميزانيات البحث، أو سداد الديون، أو السعي لإجراء صفقات استحواذ، مع إعطاء الأولوية أيضا لتوزيعات الأرباح، أو المشاركة في عمليات إعادة شراء الأسهم.
تعد السيولة النقدية الكبيرة التي تحتفظ بها الشركات الأمريكية أيضا مصدر ارتياح رئيسي للمستثمرين بالولايات المتحدة، رغم المخاوف من أن انتشار متحور دلتا من فيروس كورونا يمكن أن يضعف الانتعاش المزدهر، وينضم الطلب الثابت على الأسهم من الشركات إلى تخمة مدخرات الأسر، التي تدعم وصول المؤشرات إلى مستويات عالية، مع انتهاء مؤشر إس أند بي 500 ليوم الجمعة الماضي عند مستوى قياسي.
في الوقت نفسه، تساعد علامات الإنفاق الرأسمالي المتزايد على طمأنة أولئك القلقين من أن الشركات ستعيد الأموال إلى المساهمين، على حساب الاستثمار التجاري طويل الأجل الذي سيزيد من فرص العمل والنمو الاقتصادي.
وقال جون أوغستين، كبير مسؤولي الاستثمار في بنك هنتنغتون الوطني: «طالما أنهم يحافظون على توزيع الأموال، فإننا نقول إن هذا أمر جيد سيعزز الإنتاجية، وربما نمو الإيرادات». مضيفا أنه يشتري أسهم الشركات التي أعلنت عن أرباح وتوجيهات قوية.
ومن المتوقع أن تزيد الشركات على مؤشر إس أند بي 500 من الإنفاق النقدي، ليصل إلى 2.8 تريليون دولار خلال عام 2021، ومعظمه سيكون على النفقات الرأسمالية أو عمليات الاندماج، أو أنواع أخرى من الاستثمار التجاري، وفقا لبحث حديث أجرته شركة «جولدمان ساكس جروب»، وحتى شهر يوليو الماضي، تفوق الرقم القياسي المحقق في عام 2018 على مستوى الإنفاق خلال تلك الفترة، وفقا للبيانات التي تعود إلى عام 2000.
ويمثل ذلك انعكاسا عن العام الماضي، عندما خفضت الشركات النفقات، وقلصت توزيعات الأرباح، وأبطأت برامج إعادة شراء الأسهم، بينما كانت تقترض بكثافة لتعزيز ميزانياتها العمومية ضد اضطرابات الوباء. والآن، مع تدفق السيولة في الاقتصاد المنتعش، تعلن الشركات عن خطط لزيادة الإنفاق على نطاق واسع. وبلغت الحيازات النقدية بين شركات إس أند بي 500 نحو 1.98 تريليون دولار في 9 أغسطس الجاري، وفقا لبيانات داو جونز ماركت، وهو ما يمثل زيادة تفوق الـ 30٪ مقارنة بنهاية الربع الثالث من عام 2019.
وخلال السنوات الأخيرة، قدمت عمليات إعادة الشراء من قبل الشركات، بداية من شركة «آبل» إلى «بنك أوف أمريكا»، مصدرا رئيسيا للطلب على الأسهم، مما دعم المؤشرات الرئيسية حتى خلال فترات عدم اليقين، أو الأوقات التي يسحب فيها المستثمرون العاديون الأموال من الأسهم الأمريكية، ويقول العديد من المراقبين إن الفضل في رغبة الشركات في إعادة شراء أسهمها يعود إلى أنها تساعد في تعزيز مسيرة السوق الصاعدة التي استمرت 11 عاما، وانتهت العام الماضي. وفي الفترة بين الربع الثالث من عام 2011 والربع الثاني من عام 2021، ضخت شركات إس أند بي 500 ما يقرب من 5.7 تريليون دولار في سوق الأسهم، من خلال عمليات إعادة الشراء، وفقا لبيانات مؤشرات ستاندرد أند بورز داو جونز.
ويشعر البعض في وول ستريت بالقلق من أن عمليات إعادة الشراء والأرباح تعيد توجيه إنفاق الشركات بعيدا عن النفقات الرأسمالية، أو البحث والتطوير، مما يعزز أسعار الأسهم على المدى القصير على حساب النمو طويل الأجل، الذي يمكن أن يقدم عوائد أكبر حتى للمساهمين. ويشعر الكثيرون بالقلق أيضا من أن الشركات تخطئ في اختيار توقيت إعادة الشراء، وغالبا ما تشتري بأسعار مرتفعة خلال فترات الوفرة في السوق.
ورغم أن تحليلا لشركة «آر بي سي كابيتال ماركتس» (RBC Capital Markets) لنصوص أرباح الربع الأول، وجد أن عمليات إعادة الشراء وتوزيعات الأرباح مذكورة أكثر بثلاث مرات من استثمارات رأس المال، فإنه خلال موسم الإعلان عن التقارير الحالي، تشير الدلائل إلى مزيد من الاستثمار سيتم في المستقبل، وقال المحللون بقيادة لوري كالفاسينا، رئيسة إستراتيجية الأسهم الأمريكية، مؤخرا، إن المستويات النقدية المرتفعة وأعباء الديون المدارة جيدا تشير إلى زيادة الإنفاق التجاري، جنبا إلى جنب مع عمليات إعادة الشراء وتوزيع الأرباح.
وربحت أسهم تايسون 4.9٪ منذ أن تفوقت الشركة الأسبوع الماضي على توقعات المحللين، معلنة زيادة بنسبة 42٪ في صافي الدخل للربع الأخير، مدفوعة بتحقيق أرباح أعلى في أقسام لحوم البقر والدجاج. وقال ستيوارت إف جليندينينج، كبير الإداريين الماليين، في مكالمة مع المحللين، إن شركة تصنيع اللحوم خفضت الديون، ورفعت الطاقة الإنتاجية، بينما ستظل «ملتزمة بإعادة الأموال النقدية إلى المساهمين، من خلال كل من توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم».
وفي الآونة الأخيرة، قامت شركات مثل: «كونستيليشن براندز»، و«فاستينال كو» (Fastenal Co)، و«كونجورا براندز» (Conagra Brands Inc) بالإعلان عن خطط مفصلة مماثلة في المكالمات الجماعية بالفيديو بعد إعلان الأرباح. وحتى بالنسبة للصناعات التي عملت على تقليل الإنفاق في السنوات الأخيرة، تظل إعادة شراء الأسهم أولوية تحت ضغط المستثمرين لتحسين العوائد والحد من الانبعاثات، وتركز الشركات في قطاع الطاقة على زيادة توزيعات الأرباح، وإعادة شراء الأسهم، والحد من الإنفاق على إنتاج النفط والغاز الجديد.ويتوقع بعض المحللين تباطؤا في نمو إنفاق الشركات في وقت لاحق من هذا العام، حيث يشعرون بالقلق من أن انتشار متحور دلتا قد يضعف الانتعاش والأرباح. مع ذلك، يتوقع العديد من المحللين أن يقوم مزيج من نمو الأرباح وعائد رأس المال، لا سيما وسط انتعاش عمليات إعادة الشراء، بدعم الأسهم حتى عام 2023. ورفعت مجموعة جولدمان ساكس الأسبوع الماضي هدفها المتوقع لمستوى نهاية العام لمؤشر إس أند بي 500 إلى 4700 من 4300، مشيرة إلى عدة عوامل وراء ذلك؛ منها ارتفاع استثمار الشركات، وزيادة عوائد رأس المال للمساهمين.وقال جيف شولز، إستراتيجي الاستثمار في شركة «كلير بريدج إنفستمنس» (ClearBridge Investments)، إن انتعاش الولايات المتحدة يمكن أن ينتج واحدة من أقوى دورات الاستثمار الرأسمالي في العقود الأخيرة، دون إبطاء عمليات إعادة الشراء.واختتم شولز: «في رأيي، هناك بالتأكيد نقود كافية، ليس فقط لدعم عمليات إعادة شراء الأسهم، لكن أيضا للإشارة إلى النمو المستقبلي من خلال مبادرات النفقات الرأسمالية».- ساهم أمريث رامكومار في كتابة هذا المقال.