د. أحمد الألمعي

نشرت وسائل الإعلام مؤخرا خبرا طبيا مهما، وهو نجاح علاج مريض عانى من الصرع لأكثر من ثلاثين عاما في مستشفى بالولايات المتحدة الأمريكية بواسطة نوع جديد من العلاج الطبي باستخدام جهاز التحفيز المغناطيسي. ولم تستطع سلسلة من أنواع العلاج المختلفة، التي تلقاها المريض طيلة حياته في وقف نوبات الصرع، فما هو التحفيز المغناطيسي للدماغ وما هي مجالات استخدامه؟

التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (Transcranial magnetic stimulation)‏ ويعرف اختصاراً (TMS) هو طريقة يستخدم فيها تيار كهربائي لعمل مجال مغناطيسي متغير يتدفق في منطقة صغيرة من الدماغ، وذلك عن طريق الحث الكهرومغناطيسي. أثناء إجراء العلاج بواسطة TMS يتم وضع مولد مجال مغناطيسي أو «ملف»، بالقرب من رأس الشخص، الذي يتلقى العلاج ثم يتم توصيل الملف بمصدر كهربائي، وينتج عن ذلك شحنات مجال مغناطيسية يتم تسليطها على جزء معين من الدماغ بهدف العلاج. ويؤدي ذلك إلى تيار معاكس في الدماغ ينشط الخلايا العصبية القريبة من السطح القشري للدماغ.

وكانت بدايات هذ النوع من العلاج نتيجه لأبحاث العالم لويجي جلفاني حول تأثيرات الكهرباء على الجسم في أواخر القرن الثامن عشر، ووضع الأسس لمجال الفيزيولوجيا الكهربائية. في القرن التاسع عشر، اكتشف مايكل فاراداي أن التيار الكهربائي له حقل مغناطيسي. وبدأ العمل على التحفيز المباشر للدماغ البشري بالكهرباء في أواخر القرن التاسع عشر، وبحلول الثلاثينيات من القرن العشرين، طور الطبيبان الإيطاليان Cerletti وBini المعالجة بالصدمة الكهربائية ECT. وتم استخدام ذلك على نطاق واسع لعلاج الأمراض النفسية، وأصبح هناك إفراط في استخدامه حتى أصبح ينظر إليه على أنه «دواء نفسي شامل»، مما سبب في ثورة ضد استعماله في السبعينيات ووصمة اجتماعية بسبب استعمال الصدمة الكهربائية بطريقة خاطئة كنوع من العقاب للمرضى العنيفين. في ذلك الوقت، بدأ العالم أنتوني باركر باستكشاف استخدام الحقول المغناطيسية لتغيير الشحنات الكهربائية في الدماغ، وتم تطوير أول أجهزة TMS عام 1985. كانت في البداية تستعمل كأجهزة تشخيصية وبحثية، إلى أن تم استكشاف الاستخدامات العلاجية لها. وتمت الموافقة الأولى على أجهزة TMS من قبل إدارة الدواء والغذاء الأمريكية في أكتوبر 2008. وقد استخدم الرنين المغناطيسي للتشخيص في مجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك السكتة الدماغية، والتصلب المتعدد، والتصلب الجانبي الضموري، واضطرابات الحركة. ويستعمل التحفيز المغناطيسي حاليا لعلاج عدة أمراض تشمل الاكتئاب الشديد المقاوم للعلاج والصداع النصفي.

على الرغم من أن TMS يعتبر بشكل عام آمنًا، إلا أنّ المخاطر تزداد في حالة استخدام rTMS لأغراض علاجية مقارنةً بـ TMS المستخدم لأغراض تشخيصية. في مجال TMS العلاجي، تزيد المخاطر مع ترددات أعلى. وتشير التقارير إلى أعراض جانبية تشمل الإغماء وهذا نادر، والصداع والتأثير المؤقت للهوس الخفيف، والتغيرات الإدراكية المؤقتة، والتأثير المؤقت على السمع، والضعف المؤقت للذاكرة.

وهناك الكثير من البحوث، التي يتم إجراؤها حاليا باستخدام التحفيز المغناطيسي للدماغ في المجالات التالية:

إعادة تأهيل فقدان القدرة على الكلام، الإعاقة الحركية بعد السكتة الدماغية، طنين الأذن، اضطرابات القلق، بما في ذلك اضطرابات الهلع والوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة، الفصام، تعاطي المخدرات، الإدمان، التوحد، التصلب المتعدد، الصرع، مرض الزهايمر، مرض باركنسون، الموت الدماغي، والغيبوبة، وغيرها من الحالات.

وتتوافر أجهزة الرنين المغناطيسي والتحفيز المغناطيسي على نطاق واسع في منطقة الخليج للاستعمالات الرئيسية المذكورة والمرخصة بانتظار تطوير تقنيات مختلفة لهذه الأجهزة ليتم استعمالها في مجالات أخرى تحت نطاق البحث حالياً.

@almaiahmad2