عبدالله الغنام

أصبح من المعلوم وبحسب الإحصائيات والأرقام أن ما يقارب من ثلثي سكان المملكة العربية السعودية هم من الشباب. والحقيقة أن الشباب هم طاقة وحيوية لأي مجتمع. وفي هذا الشهر خصصت الأمم المتحدة يوما عالميا لهم، الذي يوافق (12) أغسطس.

وتأتي أهمية دورهم في المجتمع في قدرتهم الإبداعية والتخيل، وبمشاركتهم الفعالة في مجال الابتكارات، ولذلك جاء تسليط الضوء حول هذا الموضوع بشعار «الابتكارات الشبابية لصحة الإنسان والكوكب». وأعتقد أن هذا الأمر جلي وواضح، حيث تجد إسهاماتهم كثيرة في مجال التقنية والهندسة والطب وغيرها من المجالات العلمية. وستجد كذلك عددا من الشركات الناشئة بدأت فكرتها من عقول الشباب. ويمكن السبب في حبهم لتجربة الجديد، والخروج عن المألوف سواء في طريقة التفكير أو حتى في معالجة المشاكل. وهم أيضا بعيدون كل البعد عن البيروقراطية في الخطوات والإجراءات. ويتصفون بالمغامرة والنشاط، والبحث عن سرعة النتائج. كل هذه العوامل تجعلهم شغوفين نحو الابتكار والإبداع والتجديد.

ومن هذا المنطلق، قال عنهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «يقف الشباب في الخطوط الأمامية للنضال من أجل بناء مستقبل أفضل للجميع. وقد سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على الحاجة الماسة إلى تحقيق ما يسعى إليه الشباب من تغيير مفضٍ إلى التحوّل، ويجب أن يكون الشباب شركاء كاملين في هذه الجهود».

ولأنهم على وجه العموم يملكون عوامل والدوافع الابتكار فقد عقد مهرجان (#YouthLead) في يومي 12 و13 آب/أغسطس(2021م) بمناسبة (يوم الشباب الدولي). وهي احتفالية للحلول والإبداعات المبتكرة، التي يقدمها الشباب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكذلك من أجل التعافي من جائحة كورونا، التي اجتاحت العالم. والواقع أنهم دائما لهم دور ملموس إذا ما أحسنا استغلال حماسهم، وأعطيناهم المسؤولية، والمساحة للتعبير والتجربة.

وهناك عدة تحديات مختلفة تواجه الشباب في مجال العمل والحياة، ولذلك هم يحتاجون منا إلى حسن التخطيط، وتهيئتهم لسوق العمل. فبحسب موقع هيئة الأمم وبمناسبة اليوم العالمي (تشير التقديرات الأخيرة إلى ضرورة استحداث 600 مليون فرصة عمل في السنوات (15) المقبلة لتلبية احتياجات توظيف الشباب).

وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الأيام العالمية تذكرنا بأهمية الالتفات إلى ثلثي المجتمع (وهي نسبة عالية)، الذي يحتاج منا إلى تخطيط طويل الأمد ليكمل هذا الجيل المسيرة، وأن نضمن -بإذن الله- مستقبلا أفضل للأجيال القادمة. ومن المؤكد أن الاستثمار في تعليمهم وتدريبهم سيشكل منعطفا مهما في بناء قاعدة صلبة للمجتمع.

ومن زاوية أخرى، نجد أن مشاركة الشباب في المجال التطوعي مؤثرة وحاضرة بقوة. وهذا أمر نغبطهم ونشجعهم عليه، والذي يثلج الصدر فعلا أن مشاركتهم في مختلف المجالات التطوعية ليست رمزية، بل هي حقيقة وفعالة وبإعداد كبيرة، وهذا يزرع الأمل، ويثبت أنهم يتحملون المسؤولية المجتمعية بجد وثقة. ويثبت أيضا أنهم أهل للمناصب القيادية وتحمل مسؤوليات أكبر.

ولو تتبعنا التاريخ لوجدنا أن (الشباب) دوما كانت لهم أدوار فعالة ومؤثرة في كثير من الأحداث والمواقف. وأوضح مثال في تحمل المسؤولية هو أسامة بن زيد -رضي الله عنه- فقد قاد جيشا فيه أبوبكر وعمر وكبار الصحابة -رضي الله عنهم-، وكان عمره وقتئذ ما يقارب من ثماني عشرة سنة. ويذكر أن عمرا -رضي الله عنه- كان يشجعه معنويا فيقول له: السلام عليك أيها الأمير. وهو بلا شك (جدير بالإمارة) بشاهدة الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

فالشباب إذا هم جاهزون للمشاركة في البناء المجتمعي والقيادة، ولكنهم يحتاجون منا إلى الدعم والمساندة، وإعطائهم المسؤولية بأريحية وثقة، وسوف نُذهل بالنتائج ونُسر بها.

abdullaghannam@