إن تاريخ أي ظاهرة جزء أساسي من فهمها. تقول الأسطورة إن عداء يونانيا في العام 490 قبل الميلاد ركض لمسافة 40 كم لكي يزف بشرى النصر لقومه على الفرس في معركة جرت قرب جبل الأولمب ثم خر صريعا. من هذه القصة (الأسطورة ربما كما هو حال فكر وتاريخ اليونان القدماء) ولدت الألعاب الأولمبية شكلا ومضمونا.
عند التمعن في هذه الحادثة يمكن ببساطة إدراك المعنى الحقيقي للألعاب الأولمبية. ما قام به العداء الأسطوري هو جهد فردي خارق. وهذا هو جوهر الألعاب الأولمبية، إنها احتفاء بالفرد الواحد في مسعاه لإنجاز فردي في رياضة بعينها. ومنذ تلك اللحظة الفارقة في تاريخ اليونان نشأت وازدهرت الألعاب الأولمبية وأصبحت الرياضات الفردية باختلاف أشكالها وأنواعها حدثا اجتماعيا دوريا لدى الإغريق القدماء. وليس أدل على مكانة اليونان ورمزيتها في تاريخ الألعاب الأولمبية من مراسم الحضور الدائم لها كدولة حديثة في حفل الختام عند رفع علمها بجوار علم الدولة المضيفة. اليونان ذلك الأرخبيل المتناثر من الجزر بلاد شبه منسية في عالم اليوم إلا أنها مع كل دورة أولمبية جديدة تتصدر المشهد برمزيتها كونها مهد الألعاب الأولمبية.
ما زالت غيوم أولمبياد طوكيو لم تنقشع بعد من سماء كثير من الدول حول العالم ولكل دولة همها في هذا المجال، ولنا في العالم العربي وقفة مع هذا الحدث الرياضي الثقافي الفني الدوري كل أربع سنوات. ليس هنا مجال استعراض الحصاد الأولمبي للعرب فذلك موثق ومعروف وليس هنا متسع للخوض في مجالات النجاح (إن وجد) أو الإخفاق، فالحديث عن حصاد الأولمبياد حديث متشعب ويطال كافة النخب المؤسسية في الدولة والمسؤوليات الفردية والجماعية في المجتمع، غير أنه من المهم جدا الإشارة إلى بعض الجوانب التي من شأنها أن تحدث فارقا إيجابيا في الحركة الأولمبية في المملكة وفي العالم العربي على حد سواء.
الألعاب الأولمبية رياضة الفرد وهذا هو بيت القصيد: الاهتمام بالفرد الواحد. فعلى عكس الرياضات الجمعية مثل كرة القدم فإن هذه الرياضات مجرد تكملة للرياضات الفردية، إنها في نظر المنظمين والقائمين على الحركة الأولمبية عبء على الأولمبياد وهي لا تضيف شيئا للحركة الأولمبية نظرا لجماعيتها التي تتناقض مع الروح الفردية للألعاب الأولمبية، بل إن هناك دعوات متكررة لإلغاء هذه الألعاب الجماعية بحجة أنها لها دورتها الخاصة (كرة القدم مثلا) كل أربع سنوات.
وعلى مدى أسبوعين كاملين يتبارى الرياضيون من كافة دول العالم في إبراز كل ما لديهم من طاقة في كل الرياضات الفردية ليصل كل منهم إلى حد الكمال. قد تمر عبارة «بطل أولمبي أو بطلة أولمبية» على أسماعنا مرور الكرام مجرد تعريف برياضي حقق ميدالية لوطنه، لكن الحصول على هذا اللقب هو من الأهمية والإنجاز والتفرد بحيث إنه يصبح الإنجاز الأهم للبطل ذاته في حياته كلها. إن منظر الأبطال الأولمبيين المتوجين بالذهب خصوصا وعيونهم تدمع فرحا في كل لحظة ترفع فيها أعلام بلادهم وأنشدتها الوطنية منظر صامت للراصد لكنه للبطل نفسه ولشعبه ودولته إنجاز العمر، إنها لحظة فارقة تشي برمزية الحدث وعظمة الإنجاز، لمثل هذه اللحظة ولمثل هذا المشهد أقيمت الألعاب الأولمبية.
غير أن صعود البطل الأولمبي إلى منصة التتويج ليس سوى قمة جبل الجليد. فهناك وراء كل بطل أولمبي أكثر من كادر بشري وجهاز فني وإداري لصناعته لكي يتفرغ البطل كلية لمهمته التي قصر حياته عليها. هذا هو حال الدول المنتصرة في الأولمبياد وهذا ما نشاهده عقب كل لحظة فوز لبطل أولمبي. باختصار إن صناعة البطل الأولمبي تحد يواجه الدولة الحديثة في الوطن العربي. ونحن في المملكة حيث أثبتت المؤسسات الحكومية فعاليتها بجدارة في معظم المجالات بأمس الحاجة إلى الاهتمام بالفرد الواحد وزرع فكرة القدرة الذاتية للأفراد في تحقيق طموحاتهم والبحث عن ذواتهم. نحن بحاجة إلى الاهتمام بالفرد عبر المؤسسة المتمكنة التي ترعاه ليحقق ذاته وليرفع اسم بلده عاليا في المحافل الدولية.
وفي هذا السياق فإننا لا ننسى الإنجاز الذي حققه البطل الأولمبي طارق الحامدي بالرغم مما شاب إنجازه ذلك من ملابسات. صحيح أننا خسرنا الجولة لكننا كسبنا بطلا أولمبيا. لا يجب الاكتفاء بأن يحال إنجاز طارق والجهد المبذول وراءه إلى الأرشيف كما حدث مع سابقه هادي صوعان بعد إنجازه التاريخي في أولمبياد سيدني عام 2000.
الأولمبياد منصة حضارية لنا ولكل الشعوب لأن نري العالم ماذا يمكن لهذه الأرض المعطاءة أن تقدمه للعالم.
عند التمعن في هذه الحادثة يمكن ببساطة إدراك المعنى الحقيقي للألعاب الأولمبية. ما قام به العداء الأسطوري هو جهد فردي خارق. وهذا هو جوهر الألعاب الأولمبية، إنها احتفاء بالفرد الواحد في مسعاه لإنجاز فردي في رياضة بعينها. ومنذ تلك اللحظة الفارقة في تاريخ اليونان نشأت وازدهرت الألعاب الأولمبية وأصبحت الرياضات الفردية باختلاف أشكالها وأنواعها حدثا اجتماعيا دوريا لدى الإغريق القدماء. وليس أدل على مكانة اليونان ورمزيتها في تاريخ الألعاب الأولمبية من مراسم الحضور الدائم لها كدولة حديثة في حفل الختام عند رفع علمها بجوار علم الدولة المضيفة. اليونان ذلك الأرخبيل المتناثر من الجزر بلاد شبه منسية في عالم اليوم إلا أنها مع كل دورة أولمبية جديدة تتصدر المشهد برمزيتها كونها مهد الألعاب الأولمبية.
ما زالت غيوم أولمبياد طوكيو لم تنقشع بعد من سماء كثير من الدول حول العالم ولكل دولة همها في هذا المجال، ولنا في العالم العربي وقفة مع هذا الحدث الرياضي الثقافي الفني الدوري كل أربع سنوات. ليس هنا مجال استعراض الحصاد الأولمبي للعرب فذلك موثق ومعروف وليس هنا متسع للخوض في مجالات النجاح (إن وجد) أو الإخفاق، فالحديث عن حصاد الأولمبياد حديث متشعب ويطال كافة النخب المؤسسية في الدولة والمسؤوليات الفردية والجماعية في المجتمع، غير أنه من المهم جدا الإشارة إلى بعض الجوانب التي من شأنها أن تحدث فارقا إيجابيا في الحركة الأولمبية في المملكة وفي العالم العربي على حد سواء.
الألعاب الأولمبية رياضة الفرد وهذا هو بيت القصيد: الاهتمام بالفرد الواحد. فعلى عكس الرياضات الجمعية مثل كرة القدم فإن هذه الرياضات مجرد تكملة للرياضات الفردية، إنها في نظر المنظمين والقائمين على الحركة الأولمبية عبء على الأولمبياد وهي لا تضيف شيئا للحركة الأولمبية نظرا لجماعيتها التي تتناقض مع الروح الفردية للألعاب الأولمبية، بل إن هناك دعوات متكررة لإلغاء هذه الألعاب الجماعية بحجة أنها لها دورتها الخاصة (كرة القدم مثلا) كل أربع سنوات.
وعلى مدى أسبوعين كاملين يتبارى الرياضيون من كافة دول العالم في إبراز كل ما لديهم من طاقة في كل الرياضات الفردية ليصل كل منهم إلى حد الكمال. قد تمر عبارة «بطل أولمبي أو بطلة أولمبية» على أسماعنا مرور الكرام مجرد تعريف برياضي حقق ميدالية لوطنه، لكن الحصول على هذا اللقب هو من الأهمية والإنجاز والتفرد بحيث إنه يصبح الإنجاز الأهم للبطل ذاته في حياته كلها. إن منظر الأبطال الأولمبيين المتوجين بالذهب خصوصا وعيونهم تدمع فرحا في كل لحظة ترفع فيها أعلام بلادهم وأنشدتها الوطنية منظر صامت للراصد لكنه للبطل نفسه ولشعبه ودولته إنجاز العمر، إنها لحظة فارقة تشي برمزية الحدث وعظمة الإنجاز، لمثل هذه اللحظة ولمثل هذا المشهد أقيمت الألعاب الأولمبية.
غير أن صعود البطل الأولمبي إلى منصة التتويج ليس سوى قمة جبل الجليد. فهناك وراء كل بطل أولمبي أكثر من كادر بشري وجهاز فني وإداري لصناعته لكي يتفرغ البطل كلية لمهمته التي قصر حياته عليها. هذا هو حال الدول المنتصرة في الأولمبياد وهذا ما نشاهده عقب كل لحظة فوز لبطل أولمبي. باختصار إن صناعة البطل الأولمبي تحد يواجه الدولة الحديثة في الوطن العربي. ونحن في المملكة حيث أثبتت المؤسسات الحكومية فعاليتها بجدارة في معظم المجالات بأمس الحاجة إلى الاهتمام بالفرد الواحد وزرع فكرة القدرة الذاتية للأفراد في تحقيق طموحاتهم والبحث عن ذواتهم. نحن بحاجة إلى الاهتمام بالفرد عبر المؤسسة المتمكنة التي ترعاه ليحقق ذاته وليرفع اسم بلده عاليا في المحافل الدولية.
وفي هذا السياق فإننا لا ننسى الإنجاز الذي حققه البطل الأولمبي طارق الحامدي بالرغم مما شاب إنجازه ذلك من ملابسات. صحيح أننا خسرنا الجولة لكننا كسبنا بطلا أولمبيا. لا يجب الاكتفاء بأن يحال إنجاز طارق والجهد المبذول وراءه إلى الأرشيف كما حدث مع سابقه هادي صوعان بعد إنجازه التاريخي في أولمبياد سيدني عام 2000.
الأولمبياد منصة حضارية لنا ولكل الشعوب لأن نري العالم ماذا يمكن لهذه الأرض المعطاءة أن تقدمه للعالم.