لمي الغلاييني

إن مصطلح النجاح شائك ومتعدد التعريفات، ولكي تعيش حالات النجاح فعليك أن تحدد معناه بالنسبة إليك، وهو سؤال مهم عليك الإجابة عنه بصدق ووضوح، حيث يعرف بعضهم النجاح على أنه عمل بأجر جيد ومنزل وسيارة باهظة الثمن، أو امتلاك أشياء فاخرة في الحياة، أو التمتع بشهرة واسعة في المجتمع، وآخرون لا يشعرون بالحاجة إلى الممتلكات المادية حتى يكونوا ناجحين، لذا عليك أن تعرف النجاح لنفسك بناء على أفكارك وعواطفك وأهدافك الخاصة، وسيختلف تعريف النجاح بالنسبة لكل شخص وسيكون صحيحا بالنسبة إلى كل فرد، فإذا وجدت أنك تصارع باستمرار خلال بحثك عن النجاح، فقد حان وقت إعادة تقييمك الشخصي لهذا المفهوم، فنحن نفقد غالبا التواصل مع جوهر وجودنا الروحي خلال زحمة الانشغال بالحياة، ونغفل عن الاستماع لاحتياجاتنا الداخلية، فإذا كنت تشعر بأنك مؤخرا أصبحت تعيش الحياة كصراع مستمر، أو بدأت تلاحظ بأنك تحاول إجبار نفسك بدلا من ترك الأشياء تحصل بطواعية، فهذا يؤكد عدم تناغمك مع ذاتك الروحية الحقيقية، فالنجاح من وجهة النظر غير المادية هو العيش في وفرة من البهجة والإنجاز والإشباع النفسي الذي تشعر به عندما تحقق ما ترغب به من النمو الروحي، وقد يكون ذلك حبا، أو سلاما أو امتنانا، أو استكشاف غاية أو مساعدة في تنوير الآخرين، إذ إن النجاح الروحي يتمحور حول النمو الداخلي والأفعال الإيجابية، ويختلف تماما عن مستلزمات النجاح المادي، وهو يحدث بسلاسة حين تكون واضحا في نواياك ومرنا في كيفية البلوغ، فشجرة النخيل تنحني وتتمايل للرياح القوية بحيث تنجو من العاصفة ولا تنكسر، فإذا كنت جامدا جدا وغير قادر على البقاء مرنا مع التحولات، فإنك بذلك تضع عراقيل في مسارك، ولهذا فإن قدرتك على التكيف المرن مع التغييرات تمنحك فرصا واسعة، فالتغيير يحمل العديد من الفرص والأمر يعود إليك في اقتناصها عندما تأتي في طريقك بدلا من تركها تتجاوزك، وستفقد الكثير منها حين تغفل عنها، ولهذا يعتمد نجاحك كثيرا على التنبه لفترات التغيير المناسبة وانفتاح الفرص وانغلاقها في مشوار حياتك، واتخاذ خطوات فاعلة شجاعة في تطبيق قانون الفعل، ففي علم الفيزياء ينص القانون على أنه لكل فعل رد فعل يساويه في القوة ويعاكسه في الاتجاه، ومن أجل الحصول على ردّة الفعل أو الاستجابة المطلوبة فعلى الفعل أن يحدث أولا، أي أنه يجب أن تقوم بفعل لكي تحقق أحلامك وآمالك ورغباتك، وتحصل على ما تريده في الحياة، وإن جلست مكتوف الأيدي فلست مشاركا فاعلا، مما يجعل تحقيقك لما تريده أمرًا صعبًا، وعندما تقوم بفعل ما عن قصد فأنت تدفع بعجلة القانون ليتفاعل مع طلبك من خلال إعلامه بما تريد وإحداث حركة في اتجاهه، وقد يستغرق الأمر قليلا من الوقت ولكن عليك أن تفعل لكي تستقبل، وعندما تخطط لتصل إلى الهدف فلا بد أن تتوافق أفكارك وعواطفك مع أفعالك، وأن تعمل بأسلوب منظم نحو هدفك، وإذا كنت مشوشا في تحديد الفعل المطلوب أو التحرك نحوه فتحتاج عندئذٍ أن تتوقف وتتساءل مع نفسك عن السبب، وما الذي يمنعك، وهل أنت خائف من البدء حتى لا تكرر فشلك السابق، وهل تماطل لأنك تشعر بأن العمل سيتطلب كثيرا من الجهد، ولا بد أن تستمر في البحث والسؤال حتى تكتشف الأسباب التي تمنعك من القيام بفعل، وتعالج سبب شعورك هذا لكي تستطيع العمل عليه، وإلا فسيبقى بعيدا قليلا من متناول يدك، لأنه حسب القانون فلا بد أن تكون هناك بداية فعل لكي تبدأ الأمور بالتوجه نحو ما تريده، ولا يمكن لأحد أن يفعل ذلك لك بالنيابة، وقد لا تقوم دوما بالفعل الصحيح مما سيجعله تجربة تعليمية مفيدة لك، لأن الفعل دوما خطوة نحو الحصول على ما تريده في الحياة، وعندما تبدأ بالعيش وفق قانون الفعل سيصبح ذلك القانون جزءًا أساسيًا من نمطك اليومي، ولا وقت أفضل من الآن أن تنشئ قائمة مهام للكثير من الأشياء المؤجلة في حياتك، فامسح بعض الأمور القديمة لتفسح المجال للجديد.

@LamaAlghalayini