سعود القصيبي

كلنا ندرك حجم التغير المناخي، فإن لم نعلمه ما علينا إلا أن نوقف تشغيل مكيف أو إلى النظر لمقياس الحرارة الخارجية، الذي يشير في فترة الصيف إلى الخمسين مئوية من شدته. وقد كنا ونحن أطفال نستمتع بكثرة المطر وبرحلات الربيع، التي أصبحت الآن شيئا من الماضي بأسباب شح الأمطار، بل والتصحر الذي أتى لتلك الأماكن من النزهة. كما أيضا كل عام أصبحنا نشهد طقسا غريبا من أعاصير رملية وكأنها الجبال قادمة نحونا أو من أشكال برق غريبة وكأنها من أفلام خيال علمي أو من كوكب آخر، فإلى أين الطقس ذاهب؟

منذ عقود والعلماء وحماة البيئة يتحدثون عن ظاهرة الاحتباس الحراري وهي في ملخصها أن الانبعاثات الكربونية بأسباب المصانع ووسائل النقل تحجب أشعة الشمس فلا تدعها ترجع إلى الفضاء كما في البيوت الزراعية من المحميات فتزيد الحرارة على كوكب الأرض. ومن نتاجها أن يتقلص وتنحسر الكتل الثلجية بالقطبين مما تؤدي إلى ارتفاع منسوب البحر وتغيرات في المناخ. كما يذكرون أن بسبب تلك الانبعاثات الكربونية أن أصبحت هناك فجوة في القطب الشمالي من فقدان ما يسمى بالأوزون الحامي من أشعة الشمس، التي بدورها تسرع من عمليات ذوبان الثلج.

إلا أن هناك مناهضين لتلك النظريات فيقولون إن تقلص الكتل الثلجية قد حصل في عمر الأرض بالسابق وفي أزمان انتشرت بها البراكين على سطح الأرض. وإن ما نراه هو عمليات تصحيحية وسوف تعود الأرض إلى سابق عهدها، لا سيما أننا لسنا بعيدين عن آخر فترة وعصر ثلجي ومنذ نحو أحد عشر ألف عام قبل الميلاد. وهو بالملخص أن نعمل لا شيء، وننتظر إلى ما سوف يحدث، وأن نبقي حياتنا وما اعتدنا عليه دون تغير. ويلتمس هؤلاء حرارة المياه في المحيطات وحركتها شمالا أو جنوبا، التي هي الأساس في تغير الطقس العالمي.

إلا أن ما يهم من خلال هذين المخيمين هو قوتهما في إقناع الرأي العام وفي تبني الحكومات السياسات المختلفة، التي بالنهاية مما لا شك فيه أن لها وقعا على البيئة والاقتصاد. وكنا نرى كمثال إقبال الدول الأوروبية على بناء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء رغم كلفتها الباهظة إلى أن تعطلت بسبب تسرب حدث في روسيا هدد معه الدول الأوروبية بالتلوث النووي وبما هو بيئيا وبشريا أخطر.

اتجهت الدول الغربية بعد ذاك الحدث إلى استغلال طاقة الرياح باستخدام مراوح عملاقة سببت قتل الطيور ومن أصوات عالية أثناء دورانها. وبأسباب تغيرات الطقس تتوقف تلك المراوح عن الحركة مما يجعلها شيئا لا يمكن الاعتماد التام عليه وتستخدم البطاريات لتخزين الطاقة المتولدة كاحتياط. ونحن الآن مقبلون على محاولة جديدة لتقليص الانبعاثات الكربونية من اعتماد البطاريات للسيارات بدل البنزين أو الديزل إلا أن وفي جميع الأحوال فالبطاريات بالأساس تعتمد على المواد الناتجة من تصنيع المصافي للبترول والغاز الملوثة للبيئة وعنصر الليثيوم القليل نسبيا بالعالم بالقياس مع البترول. أي أن استغلال طاقة الرياح لتوليد الكهرباء وكذلك البطاريات للسيارات فيما يبدو أنه مشروع اقتصادي سياسي لا شأن للبيئة فيه تتغير من خلاله اتجاهات التجارة الدولية ويستمر معها توجه التغير المناخي أو ذاك من الانبعاثات الكربونية. وقد يهدف المشروع إلى تقليص الانبعاثات الكربونية لا من الحد منها العامل الأهم لتغير المناخ في العالم.

ويظل العنصر الأهم من ذلك والأفضل للتوازن البيئي هو زيادة حجم الغطاء النباتي في العالم، فالأشجار كمثال تسحب معها ثاني أكسيد الكربون وتفرز الأكسجين الضروري لتكوين الأمطار وتقليص الحرارة. وأحد أهم الأطروحات على المستوى العالمي هو المشروع الضخم، الذي أعلن عنه ولي العهد السعودي بزراعة أعداد ضخمة من النباتات محليا وعلى مستوى دولي الأمر، الذي لاقى الترحيب الإقليمي والعالمي.

ويظل التحدي البيئي الآخر للتغير المناخي هو في إيجاد مصادر بديلة للمياه في بيئة صحراوية وللاستزراع الأكبر، مما يدعونا للقول بأهمية الدراسات البيئية، ومن بحوث تطبيقية لبدائل عن المياه الجوفية أو من تلك المحلاة. ومن أهمية القيام بالمزيد من الأبحاث النوعية بأشجار ونباتات تقوم على الأمطار وعلى رطوبة الجو أو تلك القائمة على المياه المالحة ليسهل ويعكس من آثار التغير التصحر والتغير المناخي.

@SaudAlgosaibi