وليد الأحمد

مقطع فيديو قصير مصور بهاتف كاميرا جوال قد يلحق الضرر بسمعة بلد كبير لسنوات طويلة، وقد يهدم سمعة استغرق بناؤها عقودًا من الزمن.

ربما تصف هذه المعلومة في إدارة السمعة واقع الارتباك الأمريكي والغربي المصاحب لانسحابهم من أفغانستان بعد عشرين عامًا من بدء الحرب على حركة طالبان الأفغانية التي كانت تؤوي تنظيم القاعدة الإرهابي.

مشهد تلك الطائرة الأمريكية العملاقة الهاربة قبل الإقلاع من مطار كابل في الأيام الأولى للانسحاب، والعشرات من الأفغان الفارين من ملاحقة طالبان يتعلقون على جوانبها قبل أن يتساقط بعضهم جثثًا فور تحليقها، كان معبرًا عن حجم المأساة، والمأزق الذي وقعت فيه أمريكا. الصورة ستظل عالقة في الأذهان فهي بحسب وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب غير مسبوقة في التاريخ وتعكس أكبر هزيمة عسكرية.

وإذا كان رأي ترامب منحازًا لاعتبارات انتخابية بعد خسارته معركة الرئاسة أمام جو بايدن في الانتخابات الماضية، ولاحتمال خوضه غمار الترشح في الانتخابات المقبلة، فإن خير مَن تحدث في هذا الملف هو الأمير تركي الفيصل أثناء لقائه مع المذيعة هادلي قامبل على قناة CNBC الأمريكية؛ إذ لخّص بخبرته الواسعة كمسؤول سياسي سابق، بقوله: ما فاجأني بالفعل هو الكيفية التي تم بها هذا الانسحاب الذي كان مزيجًا من عدم الكفاءة واللا مبالاة، وسوء الإدارة، في حين كان لديهم الكثير من الوقت للاستعداد للانسحاب. مشيرًا إلى أنه لم يتفاجأ حين عقد السيد ترامب اتفاقية مع طالبان قبل مغادرته مكتبه. فقد كان حتميًا خسارة الحكومة شرعيتها؛ لأن ترامب وهو حليف الحكومة كان يتفاوض مع عدوها.

الفيصل عبّر عن قلق منطقي في بقاء ارتباط طالبان بالقاعدة التي كانت المملكة أول أهداف هجماتها الإرهابية أواخر عام 1995، لاسيما مع استحواذها على الأسلحة التي خلّفها الأمريكان والحكومة الأفغانية السابقة وراءهم.

الأكيد أن الانسحاب الأمريكي دون خطة، وما صاحبه من أزمة إخلاء الأفغان والرعايا الغربيين وانتهاءً بالتفجير الأخير في محيط المطار، وعودة اسم داعش خراسان للواجهة، رسمت صورة أكثر تشاؤمًا لمستقبل أفغانستان، من صورة الطائرة الأمريكية الهاربة والأفغان يتساقطون من أطرافها.

woahmed1@