د. محمود عبدالواحد الخميس

تقوم الزراعة الإيكولوجية على تطبيق مفاهيم ومبادئ إيكولوجية لتعظيم التفاعلات بين النباتات والحيوانات والبشر والبيئة، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية التي يتعين معالجتها من أجل إيجاد نظام غذائي مستدام ومنصف. ومن خلال إقامة أوجه تآزر، يمكن للزراعة الإيكولوجية أن تدعم الإنتاج الغذائي والأمن الغذائي والتغذية، مع العمل في الوقت ذاته على استعادة التنوع البيولوجي الذي يعتبر ضرورة بالنسبة للزراعة المستدامة. ويمكن للزراعة الإيكولوجية أن تؤدي دورا هاما في بناء القدرة على الصمود والتكيف مع تغير المناخ.

وتستند الزراعة الإيكولوجية إلى عملية محددة السياق لتصميم وتنظيم المحاصيل والثروة الحيوانية والمزارع والمناظر الطبيعية. وهي تعمل بواسطة حلول تحافظ على التنوع البيولوجي الذي يوجد فوق الأرض وفي باطنها إضافة إلى التنوع الثقافي والمعرفي مع التركيز على دور الشباب والأسر الريفية والمنتجة في قطاع الزراعة.

ويذكر جيلبرت هينغبو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد): «إن تحويل الأنظمة الغذائية لتكون مستدامة يعني إحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية وثقافية. ولهذا فإن المشاريع التي تدعمها إيفاد تتبع نهجا شاملا، حيث تعزز الاستثمار بالسياسات والمعارف والنشاطات التدريبية. فالإنتاج المتنوع يجب أن يتناغم مع الأنظمة الغذائية المتنوعة ويكون مقبولا من المستهلكين الواعين بأمور التغذية والمناخ». من الأمثلة التي نشرتها منظمة الفاو لتطبيق الزراعة الإيكولوجية هو نظام زراعي بيئي ذكي طوره المزارعون الصينيون حيث قاموا بإطعام أوراق أشجار التوت لدود الحرير واستخدام مخلفات هذا الدود لإطعام الأسماك. كما قاموا باستخدام الترسبات العضوية في بركة الأسماك كسماد لأشجار التوت، لتكتمل بذلك دائرة إنتاج مفيدة. ولقرون من الزمن دعم هذا النظام أعمالا تجارية إضافية مثل صناعة الحرير. بإمكان الزراعة الإيكولوجية حماية الموارد الطبيعية والتنوع البيئي وتشجيع التكيف مع تأثيرات التغير المناخي وتخفيف وطأتها. كما يمكنها أن تحسن صمود الأسر الزراعية خاصة في الدول النامية التي يتركز فيها الجوع. كما يمكن لهذه الزراعة أن تسهم في إنتاج واستهلاك الغذاء الصحي والمغذي، ودعم الاقتصادات والأسواق المحلية. ويمكن لجميع هذه الفوائد أن تجعل من الزراعة الإيكولوجية وسيلة مهمة لتحقيق أهداف أجندة 2030 ومعالجة التحديات المتداخلة. بل تعد الأساس الذي تقوم عليه نظم غذائية متطورة تتسم بنفس الدرجة من القوة فيما يتعلق بالأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والزراعية. ومن ضمن التحديات التي تؤثر على الزراعة الإيكولوجية، التغير المناخي، وفق ما نشر في اندبندنت العربية أن مدير المعهد بيتر هاورد، قال «إن أناسا أمضوا حياتهم المهنية في دراسة الاقتصاد يجمعون بدرجة كبيرة على أن التغير المناخي قد يكون أكثر تكلفة ودمارا». وإذا ما تواصل احترار المناخ على الوتيرة الحالية، ستصل قيمة الأضرار الاقتصادية إلى 1700 مليار دولار سنويا بحلول 2025، وستقارب 30 ألف مليار دولار سنويا في 2075، وفق توقعات المحللين الاقتصاديين الذين استطلع التحقيق آراءهم، وكلهم أصحاب دراسات في شأن التغير المناخي نشرتها مجلات اقتصادية.

Vetmahmoud@hotmail.com