صالح بن حنيتم

كم من أحداث أو مواقف أو خلافات بين أفراد أو جماعات في مناسبات عامة أو خاصة تكون في بدايتها بسيطة يسهل حلها أو التعامل معها ببساطة للوصول لنهاية يرضى بها جميع الأطراف، لكنها سرعان ما تكبر وتحدث ضجيجا عند غياب الحكمة وأصحابها، وعليه قد ينتشر شر وشرر تلك الخلافات والمواقف نتيجة التهويل والتأويل لتتعدى آثارها حدود العقل والمنطق، بالإضافة إلى تعديها الحدود المحلية والقارية والعالمية...

ترددت أن أفرد مقالا لما حدث مع الفتاة، التي صعدت على المسرح في مهرجان الباحة ودخلت بين الشباب أثناء أدائهم (العرضة الجنوبية) لأن الموضوع عدى ومر مرور الكرام ولكن من باب الاستفادة كون التعامل الإيجابي مع الموقف أعطانا أكثر من درس مفيد عن أهمية الحكمة في معالجة المواقف المفاجئة دون أن يكون للعاطفة مكان.

كان هناك احتمال أن يأخذ ذلك الموقف منحى آخر، أسرده من خيال الواقع وليس من واقع الخيال وأنتم أدرى نتيجة تجارب ومشاهد سابقة عاش المجتمع أحداثها في معارض الكتاب، وفي مهرجانات عدة كيف حولت التصرفات الفردية والعاطفية تلك المعارض والمهرجانات أو المسرحيات إلى ساحات صراع بدل أن تكون ساحات فن وأدب، بل إن بعض تلك المواقف تم تناولها في قنوات عدة من أمثال BBC.

فلنتخيل معا السيناريو، الذي ينتظره أعداؤنا في مثل هذه المواقف، فعندما صعدت الفتاة نتصور أنها أصرت على وجودها بين الشباب وسرعان ما نجد مَنْ انقض عليها من بعض الشباب مستخدمي (العقل) جمع عقال و(المشاعيب) وأثناء العراك والفوضى على المنصة يزداد الصراخ بين مؤيد ومعارض، ومن ثم يدخل مَنْ في قلبه مرض لاستغلال الحدث ومع وجود الجوالات في أيادي كل مَنْ حضر يتم توثيق الاشتباك وسرعان ما ينتشر المقطع، الذي يحمل آثار الكدمات واللكمات ودمغة المشعاب وخطوط العقل على جسد تلك الفتاة، ومن ثم تتلقفها القنوات المتربصة بنا، وفي ذات الوقت ستجد تلك الفتاة أنها أصبحت من المشاهير بين عشية وضحاها نتيجة لاستخدام (الهاشتاق) الخاص بالحادثة، الذي قد يكون بعنوان (فتاة_العرضة) أو ( فتاة_مهرجان_الباحة).. إلخ. ومن هنا تصبح الفتاة مطلوبة من قبل العديد من القنوات الفضائية للحديث عن مشاعرها ونفسيتها بعد ذلك الهجوم غير الإنساني، وما هو تفسيرها لما حدث، ولا بد من هذا السؤال: (أين حقوق المرأة وحمايتها؟).. إلخ من الأسئلة، التي يتم حبكها بخبث كما حدث مع سيدات من قبل في استغلال مواقف سابقة ليس حرصا على حقوقهن، بل حقدا على بلدنا وحكومته..

ولكن بحمد الله نجح القائمون على المهرجان، خاصة ممن كان على المسرح في إبعاد الفتاة بطريقة احترافية، وفي ذات الوقت لم يكن فيه إذلال لها، وهي كذلك تقبلت التعليمات، وغادرت بكل هدوء، واستمر الشباب في إمتاع الحضور بالعرضة وكأن شيئا لم يكن... همسة: عندما نكون في أي مهرجان أو معرض أو احتفال ويحدث أمر ما.... لا نكن سببا في نشر ما يحدث، فلسنا وكالة أنباء ولا مراسلي قنوات..

Saleh_hunaitem@