د. لمياء عبدالمحسن البراهيم

الخامس من سبتمبر خصصته الأمم المتحدة للاحتفاء باليوم العالمي للعمل الخيري، وذلك تزامناً مع ذكرى وفاة الأم تريزا، التي حصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 1979 تكريما للعمل الخيري، الذي اضطلعت به من أجل التغلب على الفقر، حيث كرست حياتها لمساعدة المهمشين والفقراء ممن يموتون في تلك المدينة من آثار الجوع والفقر.

يعد القضاء على الفقر بجميع صوره وأشكاله وأبعاده من أول الأهداف العالمية للتنمية المستدامة وهو تحدٍ عالمي يتداخل مع البطالة ومحدودية الدخل والوعي الاستهلاكي والعدالة في توزيع الثروات وغيرها من العوامل، التي تتسبب في تأخير تحقيق التنمية المستدامة.

ومع جائحة كورونا وما تسببت به من ضغوط اقتصادية عالمية، فإن هاجس الفقر بشتى أشكاله وصوره عاد مهدداً للتبعات، التي يحملها من تهديد للأمن القومي والصحي والتنمية وعجلة الاقتصاد.

ولذلك تم إقرار اليوم الدولي للعمل الخيري بهدف توعية وتحفيز الناس والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة المشتركة في جميع أنحاء العالم لمساعدة الآخرين من خلال التطوع والأنشطة الخيرية.

وسعيا لتعزيز روح التضامن العالمي والاهتمام بحاجة الفئات الهشة والأشد فقرا، فكان لا بد من تداخل القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني والمنظمات الخيرية ليضطلع كل بدوره في مكافحة الفقر.

في المملكة العربية السعودية، حب عمل الخير راسخ، لارتباطه بالشريعة الإسلامية الغراء والإحسان والقيم الأصيلة، والتماسك والتضامن الاجتماعي. وامتثالا للقدوات الملك، وولي عهده -حفظهما الله- ومَنْ يليهما من قيادات وشخصيات عامة مبادرة إلى الخير بتبرعات سخية، ومشاركة أبناء وبنات الأسرة المالكة في العمل التطوعي الخيري كان بالتبرعات المباشرة أو برئاسة وعضوية الجمعيات الخيرية، التي تعنى بالفئات الهشة.

يتيح العمل الخيري التطوعي فرصاً لتعزيز الأواصر الاجتماعية، ويساعد في الانشغال بالأعمال الهادفة، التي تعكس سعادة على مَنْ يبادر فيها، ويساهم ذلك بشكل غير مباشر في تحسين صحته النفسية.

وللوصول للمستهدف التطوعي بعام 2030 مليون متطوع، فقد تم تنظيم التطوع من خلال منصات تشرف عليها الدولة بأجهزتها منها منصة «التطوع» التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ومنصة «التطوع الصحي» التابعة لوزارة الصحة، ومنصة «إحسان» ومنصة «الإغاثة» التابعة لمركز الملك سلمان لإغاثة ومنصة «الإسكان» وغيرها من المنصات، التي تستطيع من خلالها توجيه أيدي الخير إلى مستحقيها.

وقد ساعدت هذه المنصات على توجيه المعونات للمستفيدين وتقنين استغلال التطوع الخيري في غير مقصده أو استخدام التبرعات في غير أوجهها، وبالطبع كونها في بداياتها فقد تواجه بعضا من التحديات دورنا أن نشير لها بغرض الإصلاح والتحسين، من ذلك:

1. ضعف التزام بعض الجمعيات بالتسجيل في منصة «التطوع» وتسجيل المتعاونين معها.

2. عدم احتساب ساعات التطوع لمَنْ يقدم خدمات تطوعية لأسباب تتعلق بالنظام التقني في منصة «التطوع».

3. اقتصار ساعات التطوع على الفرص المعلنة، بينما هناك جهود أخرى مرتبطة قد لا يعلن عنها مثل التسويق والتصوير والإعلام والتبرع بمبالغ أو مواد قد تحتاجها الجمعية أو المستفيدون.

4. استغلال التطوع من بعض القطاعات الخدمية والخاصة كبديل عن التوظيف.

5. تأمين آلية للتأكد من احتياج الأسر المتعففة وتسهيل توجيه التبرع لها بشكل مباشر.

وختاما جهود الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مشكورة في الضمان الاجتماعي ومساعدة الأسر والأفراد في إيجاد سبل العمل لهم، وكذلك جمعية حماية المستهلك لجهودها التوعوية، فالفقر ليس فقط ضعف الدخل، وإنما يرتبط بالوعي الاستهلاكي والتوازن بين الرغبات والحاجات وترتيب الأولويات والقدرة على إدارة الدخل بتوازن يؤمن الادخار ولربما الاستثمار.

DrLalibrahim@