أروى المزاحم

سوف نتفق أن الإنسان منذ بداية نشأته وهو يتطور في طريقة تفكيره والشاهد على ذلك الاختراعات التي نسمع عنها كل يوم، فكل أفكاره تلك يمثلها الأساس الذي يقوم عليه التاريخ الفكري من أن الأفكار لا تتطور بمعزل عن المجتمع بل أنها تستمر في التطور تبعا للأحداث التي نواكبها ونعايشها.

أما عن التغيرات التي نعيشها اليوم تحت سقف جائحة كورونا فهي تجعلنا نطرح تساؤلا مهما وهو هل ستترك جائحة كورونا تأثيرا على طريقة تفكيرنا وشخصياتنا في العمق، أم أنه سيكون تغييرا سطحيا مؤقتا فقط ينتهي مع انتهاء كورونا؟!

إن ما يحدث حاليا يجب أن يمنحنا سببا للتفكير في تأثير هذا الوضع على عاداتنا وشخصياتنا مستقبلا، فمن البديهي أن ثمة أمورا كثيرة في صدد التغيير إن لم نكن بدأنا في تغييرها منذ مدة، فالبعض رأى في شهور العزلة فرصة مقدمة على طبق من ذهب للإبطاء من إيقاع حياته السريع وفرصة أخرى كي ينال قسطا من الراحة والاسترخاء، وقضاء وقت أطول مع العائلة وممارسة رياضة المشي التي كان لا يسمح له وقته المليء بالأعمال والزيارات بمزاولتها.

إن شخصية الإنسان في الواقع تتأثر بالأفكار والعوامل والعادات والسلوكيات، فهي التي تتولى تشكيل شخصيته، ثم تبقى شخصيته تلك راسخة بلا تغيير لفترة زمنية ولكن ليست للأبد، إذ أنها تواصل التطور باستمرار وتتفاعل مع ما تشهده حياته من أحداث وظروف طارئة تعيد هيكلة شخصيته، الأمر الذي يؤكد لنا أن ثمة تغيرات حدثت فعلا لشخصيات البعض منا في ظل هذه الجائحة، على سبيل المثال منا من أصبح أقل توترا وأكثر هدوءا بحكم أنه غير مضطر للانهماك في تلبية جميع المناسبات المدعو لها والتي أصبحت مقتصرة على العائلة فقط، والتي تكفلت مواقع التواصل الاجتماعي بتأدية الواجب بالنيابة عنه عوضا عن حضوره، والكثير منا بدا له أن السفر بغير حاجة لن ينقص من كمية استمتاعه بالحياة، فالالتزام بالإجراءات الوقائية والعمل بالأسباب بها أكثر أهمية من أي أمر آخر، ومما لا شك فيه أن كورونا جعلتنا نختبر أنظمة جديدة لم نكن نتقبلها في السابق نعتمد في إجرائها على التكنولوجيا كأنظمة العمل والتعلم عن بعد والتسوق الإلكتروني وغيرها الكثير.

ختاما..

لا شك أن أزمة كورونا لن تمضي دون وضع بصمة ما في كينونتنا الإنسانية، فلتكن تلك البصمة بصمة إيجابية وتطويرية نحو الأفضل.

Twi:@al_muzahem