سعود القصيبي

خرجت علينا بعض وسائل الإعلام مؤخرا بالعودة للحديث عن حقل الجافورة والذي يعد ثالث أكبر حقل للغاز في العالم حيث ذكرتنا بما قد أعلن في بداية العام عن هذا الحقل العملاق. وأفادت تلك المصادر الصحفية عن احتمال دخول مستثمرين مع شركة أرامكو السعودية لتطويره وأنها أي أرامكو السعودية تعمل مع شركة استشارات وبدأت محادثات أولية مع مستثمرين محتملين. وأضافت تلك الوسائل الإعلامية أنه في حال تنفيذ الصفقة، فإنها ستعد من المرات النادرة التي تسمح فيها «أرامكو» لمستثمرين أجانب بامتلاك حصص في أصول النفط والغاز التابعة لها، فيما لم تنجح محاولات سابقة في أواخر التسعينيات لجلب شركات النفط والغاز الكبرى للمساعدة في الكشف والتطوير.

وبالعودة إلى الذاكرة فقد جاء في عدد من التصريحات ببداية العام أن شركة أرامكو السعودية تنوي إقامة مشروع لاستخراج الغاز الطبيعي من حقل الجافورة الواقع جنوب الأحساء بقيمة استثمارية فلكية قدرها 412 مليار ريال لينتهي تطوير الحقل في عام 2036م أي بعد ستة عشر عام.

هذا الحقل الضخم من الغاز وللتعريف تكون في العصر الجوراسي أي منذ 201 إلى 145 مليون سنه مضت. وهو عصر ظهرت به الزواحف والطيور وانقسمت به القارات وتحول المناخ فيه من الجاف إلى الرطب، وتحولت في هذا العصر الصحاري إلى غابات مطيرة مورقة. تم اكتشاف هذا الحقل أثناء قيام الشركة بعمليات التكسير الحجري عام 2014م ويعد ثالث أكبر حقل بالعالم بعد حقلي ساوث بارس القطري - الإيراني واورنجوي الروسي كما يعد أكبر حقل للغاز غير المصاحب في السعودية.

وحقل الجافورة يقع على مساحة 170 كيلومترا بعرض 100 كيلومتر جنوب شرقي حقل الغوار. ومن المقرر أن ينتج عند انتهاء الأعمال التطويرية له نحو 130 ألف برميل من الإيثان و500 ألف برميل من سوائل الغاز والمكثفات. كما سيضيف للناتج المحلي نحو 75 مليار ريال سنويا من الأعمال المختلفة. ويعتقد أن تبلغ تكلفة الإنتاج حوالي 6 دولارات للبرميل وهو الحد الأعلى لمثله من حقول.

إن مما لا شك فيه أن توافر الغاز سوف يحقق طفرة في قطاع البتروكيماويات السعودي لا سيما في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه وفي قطاع التعدين، فالحقل إنتاجا سوف يمثل 40 % من الإنتاج الحالي من الإيثان اللازم في صناعة البتروكيماويات على سبيل المثال. وحسب رؤية المشروع من حجم أعمال المقاولات والخدمات أنه سيوفر أعدادا كبيرة من الوظائف.

ومن زاوية القطاع الخاص، لم تشر التصريحات في بداية العام إلى أي دور له للاستفادة المباشرة، ويظل دور القطاع الخاص الواضح للمشروع كمقاول بناء أو مورد لمواد إنشاء وأخرى صناعية، أو موفر لعمالة مؤقتة للمشروع. ومن المؤمل أن تستمر أرامكو السعودية في تعهداتها من ناحية التوطين للوظائف في قطاع مقاوليها وأن تزيد في نسب التصنيع المحلي من مصروفات المشروع. وكذلك من توسعة برنامج اكتفاء الخاص بشركة أرامكو السعودية ليشمل قطاع المقاولات بالإضافة إلى التوريد.

كما ويعزز التوطين قرارات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعمل فيما يخص نسب التوطين في نشاط “مقاولات الصيانة والتشغيل” باعتماد دليل توطين عقود التشغيل والصيانة بالجهات العامة، والقرار الوزاري باعتماد نسب التوطين في طلبات التأكيدات الحكومية والشركات المملوكة للدولة بنسبة 51 % وأكثر. وسوف يستفيد قطاع الخدمات المحلي من الإنفاق لإقامة هذا المشروع بالرغم من أن مدته طويلة ولن يحقق طفرة في الأعمال كما شاهدنا مثيلاتها بالسابق من تطوير حقول نفطية تابعة لأرامكو السعودية بمدد أقصر وكذلك بأسباب أن أغلب حجم الإنفاق للمشروع سوف يكون للشراء من الخارج أو من أعمال لمكاتب هندسية مقراتها خارج المملكة.

إن هذه الأعمال ومثيلاتها من المشاريع سوف تعزز من مكانة المملكة واقتصادها وسوف يكون للمشروع ثقل في تعزيز دور القطاع الخاص بصفة عامة وسوف يقوم بدور هام في توفير الفرص الوظيفية وتعزيز الاستثمار.

@SaudAlgosaibi