شوق السماعيل

إن الحقيقة التي ينكرها الجميع، أن المجتمع يخاف، يخاف النجاح، ويخشى الناجحين، يدعي أنه يدعم من تقدماتهم وإنجازاتهم وفي واقع الأمر هو يشعر بالرهبة من كل شخص يقفز نحو المجهول بكل ثقة !

المجتمع اعتاد الرتابة، بمزاولة المهن ذاتها، بقراءة المواضيع ذاتها، بانتقاء المواهب عينها، مجتمع رتيب ممل يتنحى الابتكارية بكل حذر.

لذلك أعلم أيها القارئ، أنك ستود لو كان بوسعك رؤية الحياة بألوان كثيرة جدا، لكن هذا المجتمع لن يمنحك سوى نظارة عين قاتمة، أو قلم حبر رمادي اللون في لوحة مهترئة حالكة، مجتمع يخاف الألوان !

لذا عليك يا صديقي أن تشرع في تلوين عالمك الخاص بك إلى الأبد.

قبيل الفجر سيكون الظلام داكنا جدا، ستكون الليالي حالكة لحد أنك ستعجز عن الإبصار، لكن ما أن يحين موعد بزوغ الشمس ستعي أن تلك الليلة مرت بسرعة، لحد أنك لن تعي كيفية مرورها.

للمرة الأخيرة، هذا الوقت الذي تقضيه بالتشكل، ما بين لحظات تغدو بها حزينا وشاحبا، وأخرى منطفئا، وربما يغمرك الذبول لفترات، اعلم أنه في زاوية ما ثمة شمس، توارت خلف الغيوم وكستها بعض السحب، اكفهرارك وتجهمك ما هو إلا لحظات طبيعية تنتاب المرء ما بين الفينة والأخرى، استسلامك لها غير مقبول.

لا تكن جزءا من معلم لا يبالي بالعلم، وحكيم لا يبالي بالقرارات الصائبة، ورب أسرة لا يبالي برعيته، ومدير لا يبالي إلا بغطرسته، وطبيب لا يبالي بمرضاه، وكتاب لا يبالون بتأثير نصوصهم، أو حتى فرد لا يبالي بمجتمعه، ومجتمع لا يبالي بأفراده، وأبناء لا يبالون بأوطانهم، ومراهقين لا يبالون بمستقبلهم، وأمهات لا يبالين بأجيالهن.

على رحلتك مع أحلامك أن تكون عذبة، أن تتقد بالعاطفة، أن تكون التغيير الذي تريد رؤيته في العالم، والوسم الذي تريد أن تشهده في مجتمعك، والتغيير المعهود الذي تريد أن تبصره في بيئتك، لا أن تكون محدودية فكرك هي الحائل بينك وبين الابتكار!

إن للحياة أساليب عجائبية في حل تشابكاتها، ولكي تتحقق دوما من صوابية ما تفعل، اقدم ببسالة، إذا كنت خائفا من الأمر، فاعلم أنه سيقفز بك قفزة نوعية، فضلا عن تجهيز المخططات الاحتياطية، سيتبين لك الأمر في نهاية المطاف، لطالما وجدت السبيل وإن تشابهت في عينك الخيارات !

لا ضير يا إنسان بالشكوك التي تراود ذهنك، بالأفكار التي تجتاح نعشك، لا ضير بالتردد، بالأطباع الفضولية، لا ضير بالتساؤلات التي تنقر باب جعبتك كل بضع دقائق.

أنت إنسان ! وتفكيرك المستمر تجاه قرار اتخذته أو شرعت باتخاذه هو دلالة كونك على قيد الحياة، وإشارة على عمل عقلك، ودورانه باستمرار.

الحياة مليئة بالاحتمالات، عليك أن تتطلع دوما لخلق قصص جديدة، ثم اعلم أن الوقت هو أثمن ما لديك لتحقيق النجاح، لا تستطيع إهدار ثوينة واحدة في التواني!

وأن تتنحى السير مع التيار، أو المشي ناحيته، إن في ذلك ذريعة للكسل، عليك أن تضع أهدافا واضحة لتدرك ما الذي تناضل لأجله، لا جدوى من أن تسير مغمض العينين، الحياة تتطلب التخطيط المسبق! لا شيء فيها مسير إلا بإرادة الله، وكل شيء مخير هو بعملك، لا تكن كالذي لا يجيد إلا التسول في الطرقات، وشحد كرمات من حوله، دون حتى أن يشرع بمحاولة كسب قوته، ثم يطمح بالبركة فيما يحصل عليه من سؤل، وفي ذلك يكمن أبرز ما يعينك على الخلاص من جمودك الإبداعي والمهني، ومؤزارتك على تخطي بعض العراقيل ودفعها عن سبلك لتذليلها.

sh9009@