نورة الزهراني

لا شك أن التعليم عن بعد أظهر الكثير من المميزات عن التعليم المدرسي أهمها اطلاع الأهل الكامل على الطالب من حيث مدى التفاعل٬ والميول٬ والنمط التعليمي وعلاقات الطالب مع أقرانه وغيرها. كما يمكن اطلاع الأهل على المحتوى من جهة أخرى فكل والد لديه نظرته الناقدة حول ما ينبغي وما لا ينبغي أن يدرس لابنه خاصة وهذه النظرة مبنية على ميول الطالب ونمطه التعليمي. وعلى هذا يمكن للوالدين أن يقترحوا إضافة مواد وحذف أخرى والتركيز على مهارات وإغفال أخرى. على سبيل المثال لا الحصر قد يفترض أحدهم أن تدريس مادة الحاسب أكثر أهمية من تدريس الجغرافيا حيث إن الأول يتضمن بالضرورة الملاحة والخرائط ببرامج افتراضية تعطي صورة أدق وأشمل من تلك الورقية خصوصا وإن كانت ميول الطالب الحاسوبية تفوق ميول المواد الأخرى. أيضا قد يعطي أحدهم أولوية لمهارات مثل التفكير الناقد والتحليل أكثر من تلك المتعلقة بالحفظ فبدلا من حفظ سورة أو حديث أو سرد تاريخي يكتفي بتحليله وفهمه. ومن هنا رخصت الدول المتقدمة لمزاولة التعليم المنزلي٬ أما مستقبله الوظيفي فمرهون بتجاوز اختبارات (مثل قياس وقدرات في سياقنا) تمكنه من التقدم للحصول على أي وظيفة أو تعليم جامعي بدلا من مؤهل الثانوية العامة.

لا شك في أن هناك الكثير من التحديات الناتجة عن مثل هذا النمط من التعليم مثل افتقار المهارات الاجتماعية حيث إن الطفل يعمل بمعزل عن أقرانه وافتقار الانتظام واحتمالية حدوث مشاكل عقلية ناتجة عن العزلة والمهم هو تفرغ أحد أو كلا الوالدين للقيام بهذه المهمة التعليمية. على كل٬ فالتحديات أيضا تكمن في التعليم المدرسي والتي تنتج غالبا عن الاحتكاك الاجتماعي مثل التنمر والتنافس غير الشريف والتشتيت بالأحداث الاجتماعية عن الأهداف التعليمية. فمثلما أوجدت المدارس حلولا لهذه المشكلات مثل الحملات الإرشادية التوعوية وغيرها فيمكن إيجاد حلول لطلاب التعليم المنزلي مثل انضمامهم إلى النوادي الاجتماعية للتخلص من العزلة كما يمكن ممارسة المهارات الاجتماعية في المحيط الاجتماعي الخاص بالأهل ويمكن استخدام معلم متخصص في حال انشغال كلا الوالدين.

على الرغم من أن الوزارة أدركت أهمية مثل هذا التركيز على التخصص بمنح مسارات في الثانوية العامة، ولكن هذه المسارات تبقى محدودة ومتأخرة نسبيا كما أنها تقتصر على مجالات وظيفية محددة. لذلك فتبني الاختلاف وتوجيهه يقع على عاتق الأسرة أولا٬ حيث إن المدرسة قد لا تدعم وتحتوي وتنمي هذه المواهب والميول المختلفة لأنها تولي عناية بالمعاملة المتكافئة بشكل أساسي نظرا لاحتواء عدد كبير من الطلبة. هذا النمط من التعليم قد ينتج تخصصات مختلفة عن السائد وخبراء في شتى المجالات يمكن أن يستثمروا بشكل جيد من قبل الجهات المختصة أو يديروا أعمالهم الخاصة.

ما يمكن أن ينتجه التعليم المنزلي التركيز لا التشتيت، الاعتمادية لا الاتكالية، والتعليم المبني على إرادة الطالب الحرة بالتالي حب التعليم وليس كرهه الناتج عن الإجبار. هذا بالتالي يؤدي إلى الإبداع في العملية التعليمية لا الجمود.

@Noran0r