عبدالرحمن المرشد

لا أبالغ إذا قلت إن يومنا الوطني يختلف عن الآخرين شكلاً ومضموناً، عندما تتحدث أغلب الدول عن يومها الوطني، فهي بالتأكيد تعني التخلص من براثن الاحتلال وسيطرة الأجنبي، الذي عبث بمقدرات البلد وجثم سنين طويلة على صدور الأهالي، ويوم خروجه يعتبر يوماً وطنياً ونصراً مؤزراً يحتفل به ذلك الشعب.

لدينا الوضع مختلف، لم يكن هناك احتلال، بل لم يكن هناك وطن من الأساس، حيث كانت مجرد مدن أو مقاطعات صغيرة يحكمها حاكم محلي يتصرف بها كما يشاء ـ وتعتبر ـ تلك المدينة أو المقاطعة الصغيرة كأنها دولة مستقلة بذاتها تعادي مَنْ حولها وتسالم كذلك، وتسن القوانين وتعلن الحروب في أي وقت مما أنشأ حالة من الفوضى وانعدام الأمن والسلم وضعف الموارد الاقتصادية والفقر ـ خلاف ـ تناحر القبائل وغاراتها على بعضها البعض والسلب والنهب، في المجمل هذه المنطقة كانت أقرب للتناحر والعداء والضعف منها للسلام والطمأنينة، حيث يذكر شهود العيان، الذين عاصروا تلك المرحلة ـ قبل التوحيد ـ معاناتهم مع الخوف والجوع وانعدام الأمن وعدم الاستقرار، الذي ضرب أطنابه في كل مكان من وطننا الغالي حتى تحولت هذه المنطقة إلى منطقة (طرد سكاني) لا يرغب أحد العيش أو الاستقرار فيها، كما ابتعدت عن التطور والحضارة في ذلك الزمن بسبب التفكك والتناحر، وتذكر المصادر أن الكثير من الأهالي في تلك الفترة كانوا يشدون الرحال إلى البلدان المجاورة طلباً للرزق والاستقرار، اللذين انعدم وجودهما في منطقتنا.

ماذا حدث بعد ذلك عندما بدأ الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ في لم الشتات وتوحيد مملكتنا الغالية بتوفيق من الله، ثم صبره وكفاحه مع آبائنا وأجدادنا، الذين أدركوا أنهم أمام قائد ملهم يرغب في تحقيق الوحدة والسلام والاستقرار لهذه المنطقة بعد سنوات عجاف من التناحر والحروب والفرقة، حتى تحقق لهم ما أرادوا من نصر مؤزر ومعجزة يتحدث عنها التاريخ بكل فخر واعتزاز، فعندما يذكر التاريخ القادة الأفذاذ، الذين سطروا اسمهم بحروف من ذهب لا يمكن تجاهل اسم عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ذلك الاسم الذي نفتخر به جميعاً نظير ما حققه بفضل الله من وحدة تحت مسمى (المملكة العربية السعودية) ذلك الوطن الشامخ، الذي يعتبر حالياً من أكبر اقتصادات العالم ومهوى أفئدة المسلمين وبلاد الحرمين الشريفين، وملتقى الحضارة والتطور والنمو المستمر، الذي سيبقى بحول الله للأبد.

بعد أن لم نكن شيئاً أصبحنا أشياء، وبعد أن تجاهلنا التاريخ أصبحنا حديث العالم، وبعد أن كانت تأتي إلينا المساعدات، أصبحت معوناتنا تصل لجميع أصقاع العالم.. لأجل ذلك يومنا الوطني يختلف عن الآخرين.

@almarshad_1