سعود القصيبي

اليوم الوطني هو يوم نعتز فيه ومحطة القلب حيث تلتقي الأرض والمكان بنقطة زمنية لتعبر عن لحمة وطنية واحده تتجسد فيها هويتنا نحن كسعوديين قيادة وشعبا. في مثل هذا اليوم أعلن فيه اسم وطننا بعد أن وحدت أطرافه بعد أن كان أقواما متنازعة لا يأتمن للإنسان فيها على نفسه. وهو يوم الأمن والأمان في الحل والترحال جاء ليكون بداية وتجسيدا لعهد ومنطلقا لنشأة أمة من تراب هذا البلد المعطاء. ونأتي كل عام بذكرى هذا اليوم فهو يوم العروبة وهو يوم القيادة، وهو يوم الإنسان جاء ليذكرنا بواجباتنا وتقديم الغالي والنفيس لخدمة هذا البلد ويعبر عن لحمة وطنية واحدة خالصة.

وعندما نتحدث عن يوم الوطن نأتي لنتذكر فيه محطاته ونشأته وتاريخه ففي الأعوام من القرن الماضي التي سبقت الحرب العالمية الأولى كانت الجزيرة العربية مضطربة ممزقة الأشلاء وكانت تدور في فلك دولة آل عثمان التركمانية. فمنذ أن قدموا للأرض العربية في القرن العاشر الهجري مدشنين بقوة المدفع ذاك السلاح الجديد في زمنه تلاشى وانطفأ معه عهد العرب كزعامة وانتهى فيه دورهم القيادي العالمي والإنساني بالرغم من نشأة الدين الإسلامي وانتشاره في كنفهم ومن حضنهم. وكان آل عثمان لا يأتمنون للعرب من خشية توحدهم تحت أية لواء أو زعامة، فمنعوهم العلوم والجيش وظل بكنف سياساتهم انعدام الأمن غذوا به التنازع بين الأضداد كما بين الأطياف المختلفة من قوميات وفرق شجعوا فيه انقسام القبائل والخلافات بين الجماعات الإسلامية حتى لا تتوحد الجهود ضدهم.

وجاءت محطة نشأة الوطن الأولى مع الدولة السعودية الأولى وانتفضت بها الجزيرة تحت لواء آل سعود إلى أن أتى آل عثمان بجيش عرمرم أتى ليدمرها مستخدمين ذات العرب مبتكرين نزاعات غذيت بالأطماع والانقسامات الطائفية وعن طريق قيادات إسلامية أوروبية. ثم ما لبثت أن ولدت بعدها دولة ثانية استخدم فيها العثمانيون ذات السياسة من تغذية النزاعات القبلية والأطماع للقضاء عليها ليتمكنوا منها. ثم تغير الحال بعد أن هد حال الدولة العثمانية وأنهكتها الحروب فبدأت بمسار جديد من برلمان وانتخابات تجرعت فيه السم الذي أرادته للقوميات والشعوب التي حكمتها، فتمزقت بين الأحزاب فطمع بها الطامع حتى انتهت إلى غير رجعة.

أثناء ذلك بزغ نجم جديد ممثلا بالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه ليستعيد مجد ونجم الماضي محققا للأمة طموحاتها ومجدها، فبدأ برحلة الأمن والأمان مدشنا عصرا وعهدا جديدا من التنمية والعطاء وبذل الغالي والنفيس لبناء الوطن مستعيدا بداية مدينة الرياض ثم أجزاء من بلدان نجد ثم ما لبث أن نزع إقليم الأحساء من يد العثمانيين موحدا إياه مستعيدا لاحقا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بعد انهيار الدولة العثمانية كل منطقة نجد ثم الحجاز والجنوب ليكتمل بسنة 1349 هجرية توحيد المملكة. أصدر بعدها بسنتين الملك عبدالعزيز بعد كفاح مسلح لثلاثين عاما مرسوما أعلن فيه عن توحيد البلاد وتسميتها باسم المملكة العربية السعودية اعتبارا من الخميس 21 جمادى الأولى عام 1351 هجري، الموافق 23 سبتمبر 1932م.

وهي لنا دار.. ففي هذا اليوم الوطني من تاريخ إعلان توحيد الدولة وتسميتها ذكرى بما كان وبما يمكن تحقيقه في ظل جميع الصعوبات ومن عمل ما اعتبر مستحيلا ومن مهمة صعبة، فهممنا السماء وهممنا باقية ما بقي جبل طويق من عزيمة وثبات، ولنعيد في ذكرى هذا اليوم الوطني مجد الآباء والأجداد، فهو يوم العزيمة لتحقيق المزيد من الإنجازات في كافة المجالات وفي كافة الأصعدة من تنمية، نقدر فيه نعمة الأمن والأمان مجددين فيه الولاء والبيعة لقادة هذا الوطن مؤكدين وحدة الصف واللحمة الوطنية.

@SaudAlgosaibi