وليد الأحمد يكتب:

بعيداً عن الجدل الدائر حول تشفير النقل التليفزيوني لمباراة كرة القدم للمنتخب السعودي والنقل عالي الوضوح لمباريات دوري كرة القدم السعودي، تبرز حقيقة أن الشبكة التليفزيونية التقليدية كمشروع تزعزعت لأول مرة في هذا الموسم بالسعودية، في مقابل صعود خدمات النقل الرقمي المدفوعة للمسابقات الرياضية.

صحيح أن النقل الرقمي أو خدمة المشاهدة حسب الطلب ليست جديدة على المشاهد المحلي، فأشهر منصاتها العربية «شاهد» التابعة لشبكة mbc تسجل نمواً سنوياً مطرداً في أعداد المشاهدات والمشتركين، تماماً كما هو الحال مع مشاهدات ومشتركي منصات نتفلكس العالمية، إلا أن العام الحالي ربما يشكل بداية أفول النجومية المطلقة للتليفزيون التقليدي، لسببين جوهريين أهمهما أن الخدمة الرقمية المدفوعة دخلت كناقل حصري لمنتج مباشر لأول مرة، وهو مباريات كرة القدم، التي تحظى بشعبية جارفة في المملكة كأكثر البرامج التليفزيونية مشاهدة، التي صمدت طويلاً على التشفير الرقمي الحصري، وبالتالي فهي تمثل آخر معاقل الشبكة التليفزيونية.

أما السبب الثاني برأيي، فهو أن موسم 2021 أعقب سنة جائحة كورونا كوفيد-19 وما صاحبها من حظر للتجول وإقامة قسرية في المنزل، وهو عامل ساهم زيادة ساعات الجلوس أمام شاشة المنزل، وتعود الناس على نمط منتجات خدمة المشاهدة حسب الطلب.

الحديث عالمياً عن نهاية عصر التليفزيون التقليدي شائع، وليس آخرهم المنتج التليفزيوني الهولندي الشهير جون دي مول، منتج برنامج تليفزيون الواقع «الأخ الأكبر» وبرنامج «ذا فويس»، الذي تنبأ بذبول التليفزيون التدريجي مزيحاً الطريق للخدمات الرقمية حسب الطلب، وعلى رغم أن مول ظل دائماً من أهم مناصري القنوات التليفزيونية العامة والنموذج الاقتصادي الربحي، الذي ترتكز عليه، إلا أن التحولات الرقمية في الصناعة تفرض تحولات من هذا النوع.

ربما لن يرحل بين ليلة وضحاها المشاهد الوفي للمحطة التقليدية، التي تعود عليها وعلى برامجها في توقيته المفضل، لكن تسرب هذا المشاهد قسرياً إلى قنوات رقمية لمشاهدة مباراة منتخب بلاده أو فريقه المفضل لن يكون حدثاً عابراً لمستقبل التليفزيون.

woahmed1@