أحببناك يا وطني أرضًا تسكن قلوبنا، وأحببناك حديثًا تنطقه شفاهنا، أحببناك أمانًا يضُمُنا بين جنباته، نعشق ترابك يا وطني يا مهبط الوحي يا وطن العطاء والأمجاد... الوطن نعمة لا يعرف قدرها سوى المغتربين والمشردين، رحم الله القائد المؤسس الملك عبدالعزيز وغفر له ولجميع ملوكنا، فقد أخلصوا لوطنهم ولشعبهم، فكلما ذُكر الأمنُ ذُكرت السعودية، وكلما ذُكرت العقيدة الصحيحة ذُكرت السعودية، وكلما ذكر تطبيق الشريعة الإسلامية ذُكرت السعودية، خصها الله سبحانه وتعالى بأقدس البقاع (الحرمين الشريفين). إن أروع ما نتذكره اليوم ونفتخر به هو الدور الرائد لمملكتنا الحبيبة في خدمة الإسلام والمسلمين، الذي لا يخفى على أحد، ولعل أبرزه بذل كل الإمكانات من أجل ضيوف الرحمن، فمازالت النجاحات متتالية ولله الحمد عامًا تلو عام، وبعد كل موسم حج تُثبت المملكة للعالم أجمع قدرتها وأهليتها لذلك بفضل الله تعالى ومنته، واستطاعت أن تُلجم كل ناعق أراد النيل منها والتشكيك في قدراتها، إن تعداد الخدمات، التي لا تألو حكومتنا جهدًا في تسخيرها لحجاج بيت الله لا يكفيه صفحة ولا صفحتان ولا ثلاث، ولكن أردت هنا فقط أن أذكر على عجل بخدمتين من بين 136 خدمة يقدمها 17 جهازا حكوميا.
الأولى: خدمة عجيبة وهي تفويج الحجاج المنومين في منى لصعيد عرفة لإكمال حجهم في 23 سيارة إسعاف مجهزة بالكامل فأدخلت الفرحة لقلوبهم وإن أحدهم لا يملك دموعه وتسبقه عبراته ويقف عاجزاً عن التعبير بالشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين، وللمملكة العربية السعودية على هذه الخدمة العظيمة، التي نقف إجلالاً لها وإكبارًا.
الخدمة الثانية: هي خدمة نظافة المشاعر، وقد جندت لها المملكة 6000 آلاف عامل يعملون على مدار الساعة وبخطط مدروسة و39.000 ألف حاوية موزعة في المشاعر، واستخدمت العربات المتحركة في المناطق المزدحمة لنقل النفايات... هذا في الأعوام السابقة قبل جائحة كورونا، وبعد الجائحة وفي ظل ظرف استثنائي كهذا عملت المملكة على مضاعفة الجهود بكل ما تستطيع لتضمن سلامة الحجيج والحفاظ على أرواحهم -بإذن الله- وتوفير جو من الأمن والسلامة لأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة في ظل إجراءات احترازية عالية ولسلامتهم كان عدد الحجاج 60.000 حاج فقط وفئة عمرية محددة وتميزت هذا العام بالتطور التقني والذكاء الاصطناعي المبهر، ومنها بطاقة الحج الذكية لجميع الحجاج والعاملين ترتبط بكل الخدمات، التي يمكن تقديمها للحجاج، كما خصصت لتعقيم المسجد الحرام ومرافقه 5000 آلاف عامل وعاملة... وهذا غيض من فيض... وإن رسائل التهنئة والشكر والعرفان، التي تناقلتها وسائل الإعلام من رؤساء الدول، ومن الحجاج أنفسهم للمملكة، وملكها، وولي عهده على نجاح الحج لهي والله وسام فخر واعتزاز على صدر كل سعودي، بل وكل مسلم وحري بنا أن نرفع أكف الضراعة للمولى سبحانه وتعالى بالحمد والشكر له دائمًا على نعمه.
لقد نجح حج هذا العام ونجحت معه خطة الحج الصحية من دون إصابات بكورونا بفضل الله، ثم بالتوجيهات السامية وبتطبيق قيم الإسلام العظيمة، التي تجسدت في دروس الحج كالتعاون، والأمانة، والتسامح، وحسن التعامل، والنظافة، والمحبة، والإخلاص، والسلام، والرحمة، والصدق، والعدل، وحب العمل، والوفاء، والإيثار، والكرم، والجود والعمل التطوعي، والالتزام بالقوانين والنظام وغيرها.. إن محبة الوطن تحتم علينا أن نتقيد بهذه القيم الربانية ونشيعها بيننا، ونعيش بها وكما أن بقاء القيم الإسلامية ورسوخها نماء وازدهار للوطن وحفاظ عليه وعلى هويته، فإن غيابها إساءة للوطن وخطر على مقدراته، إن حب الوطن يعني القيام بالواجبات على أكمل وجه ومحاربة الفساد وإنكاره، وتوحيد الرؤية لتعزيز القيم في بيوتنا ومدارسنا ومؤسساتنا وأسواقنا وشوارعنا، ولنبدأ بأنفسنا فتربية النفس منهج الأنبياء -عليهم السلام- وعلينا أن نتفقد قيمنا هل نحن نطبقها ونعمل بها أم أننا نحفظها ونرددها ونأمر بها دون عمل؟؟!
اللهم احفظ وطننا من كيد الكائدين، واحفظ ولاة أمرنا، واحفظ خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده واجعلهم ذخرًا للإسلام والمسلمين ومدهم بعونك وتوفيقك وأعنهم على كل خير يا رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.