واس - الرياض

وضع نهجا قويما سار عليه أبناؤه من بعده بتعاضد وتلاحم الدولة والمواطنين

انتهج الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- في تعامله مع مواطنيه وإدارته للبلاد، سياسة قائمة على الشورى والتناصح مع الرعية واغتنام الفرص لتبادل الرأي، مسترشدًا بما جاء به ديننا الإسلامي الحنيف، فكان لهذا النهج القويم الذي سار عليه أبناؤه من بعده الأثر الكبير فيما تعيشه المملكة وأهلها من تلاحم وتطور كبير قائم على تعاضد وتلاحم الدولة والمواطنين.

كلمات خالدة

وتجسيدا لهذا النهج، كانت لقاءات الملك عبدالعزيز مستمرة ومتواصلة مع المواطنين، يقدم لهم النصح ويسدي لهم التوجيه، ورغم أنه كان يعمل أكثر مما يقول، فإنه ترك لنا كلمات خالدة تسجل حكمته ورجاحة فكره ورأيه، فكانت كلمته موقفا يلتزم به ونهجا يسير عليه وحقا يصدع باطل الأعداء، وتبين أقوال وخطب الملك عبدالعزيز نهجه السليم وتفكيره العميق ونظرته الصائبة إلى مختلف الأمور، ففي الخطاب الذي ألقاه في الجلسة الافتتاحية لمجلس الشورى في السابع من ربيع الأول عام 1349هـ، يتضح مدى إدراكه لأمور الدولة صغيرها وكبيرها، وحرصه التام على تقدم هذه البلاد ورقي شعبها، حيث يقول «يرحمه الله» مخاطبا أعضاء المجلس، إن أمامكم اليوم أعمالًا كثيرة من موازنة للدوائر الحكومية، ونظمًا من أجل مشاريع عامة تتطلب جهودًا أكثر من جهود العام السابق، وأن الأمة تنتظر منكم ما هو المأمول منكم من الهمة وعدم إضاعة الوقت الثمين إلا بما فيه فائدة البلاد المقدسة.

الصدق والوضوح

وحرص المؤسس على إرساء مبادئ السياسة السعودية من منطلق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، فأصبحت هي النهج الذي يتوخاه في كل علاقاته وتعاملاته مع الآخرين، ومن خلال هذا النهج اكتسبت السياسة السعودية الصدق والوضوح، الذي تسير عليه حتى اليوم في تعاملاتها مع الدول كافة، وفي ذلك يقول الملك عبدالعزيز مخاطبًا أعضاء مجلس الشورى، ومحددًا لهم الطريق الصحيح الذي يسلكونه والمنهج السوي الذي يسيرون عليه: وإنكم تعلمون أن أساس أحكامنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم في تلك الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقًا لصالح البلاد، على شرط ألا يكون مخالفًا للشريعة الإسلامية، لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيدًا لأحد، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد «صلى الله عليه وسلم»، وهي كلمات وضع فيها قائد الإصلاح وموحد هذه البلاد تعاليم الإسلام دائمًا نصب عينيه، ويعطيها الأولوية في جميع مناحي الحياة، فما يتفق مع الإسلام يأخذ به، وما يتنافى مع الإسلام يتركه غير مأسوف عليه.

أفضل السبل

وقد أدرك «رحمه الله» ببصيرته الثاقبة أن التلاحم والتواصل بين القيادة والشعب وسياسة الباب المفتوح هي من أفضل السبل وأنجعها لخدمة الوطن والمواطنين ولتقدم البلاد ورقيها، ففي الحفل الذي أقامه في جدة في 25 محرم عام 1355هـ بمناسبة انتهاء موسم الحج وقرب سفره إلى الرياض، قال يرحمه الله: المقصد من اجتماعنا الليلة أن نتناصح ونتعاضد ويطلع كل منا على ما عند الآخر من جهة، ومن جهة أخرى لنودعكم لأننا على جناح سفر، وسنغادر هذا البلد قريبا، وإنه ليعز علينا مغادرته ولكن المصلحة تقضي بهذه التنقلات ثم هناك مسألة أحب أن أشرحها لكم لأن في نفسي شيئًا منها، أنا لا أحب أن أشق على الناس ولكن الواجب يقضي بأن أصارحكم.. إننا في أشد الحاجة إلى الاجتماع والاتصال بكم لتكونوا على علم تام بما عندنا ونكون على علم تام بما عندكم، وأود أن يكون هذا الاتصال مباشرة وفي مجلسي لتحملوا إلينا مطالب شعبنا ورغباته وتحملوا إلى الشعب أعمالنا ونوايانا.. إنني أود أن يكون اتصالي بالشعب وثيقا دائما لأن هذا أدعى لتنفيذ رغبات الشعب.. لذلك سيكون مجلسي مفتوحا لحضور من يريد الحضور. أنا أود الاجتماع بكم دائما لأكون على اتصال تام بمطالب شعبنا وهذه غايتي من وراء هذا الاتصال».