حوار - عيسى الجوكم

المؤرخ الرياضي عبدالله فرج يبوح بأسراره الرياضية في ذكرى اليوم الوطني الـ 91:

مناسبة عزيزة للجميع

- في البداية، نبارك للقيادة السعودية باليوم الوطني، ونبارك لك ولجميع الرياضيين والشعب السعودي.

هذه المناسبة العزيزة علينا جميعا، ولكل من يعيش على هذه الأرض، ونهدي كل ما في قلوبنا من حب وأخوة وأمنيات إلى الجميع ليظهر مدى الاحتفال باليوم الوطني السعيد علينا جميعا، ولا شك في أنها مناسبة سعيدة، ونهنئ الشعب السعودي بهذه المناسبة المهمة.

حكاية كأس الظهران

- كما يقول التاريخ حدثنا عن قصة حضور المؤسس مباراة وتسليم كأس في الظهران وهذه كانت المرة الأولى والأخيرة التي يحضر فيها المؤسس إحدى المباريات؟كنت في سن صغيرة وقتها، ولم يكن لي شرف الحضور، ولكن من خلال عملي عرفت أن زيارة المؤسس -طيب الله ثراه- للظهران كانت لافتتاح بعض المشاريع، ووسطنا الرياضي يعتز بهذه المناسبة لأنها تعطي دلالة واضحة على مدى اهتمام القيادة السعودية منذ عهد المؤسس وحتى يومنا هذا بالقطاعين الشبابي والرياضي، وإن لديه حظوة كبيرة.

ولا شك في أن حضور شخصية بمقام المؤسس لمناسبة رياضية تركت الأثر الكبير لدى السعوديين بأن الرياضة تحظى بالاهتمام الكبير والتاريخي.

البداية من السواحل

- بدايات كرة القدم في المملكة كيف كانت؟

كرة القدم في المملكة بدأت عن طريق السواحل الساحل الغربي والساحل الشرقي، والمنطقة الغربية كان لها السبق في لعب كرة القدم عن طريق الجاليات، في مكة تحديدا قبل جدة وساعد على انتشار الرياضة وتنشيط الحركة الرياضية في جدة وجود الميناء، ونفس الأمر تكرر في المنطقة الشرقية، فالخبر كانت همزة الوصل، ووجود أرامكو وما تحتاجه عن طريق ميناء البحرين. ففي 1935 تطور الميناء، فأرامكو بدأت وساهمت في انتشار الرياضة في المنطقة الشرقية، وهي تعاقدت عام 1934 فكانت البداية وبدأت تتكون الفرق الرياضية وتنتشر لكن لم يكن هناك تنظيم رياضي ولم يكن هناك جهة مسئولة لتنظيم مسابقات بشكل رسمي فكل مجموعة تكون فريقا وتمارس لعب كرة القدم.

صعوبة البدايات

- هناك جدل كبير في الوسط الرياضي حول نوعية المنافسات قبل تشكيل الاتحاد السعودي أو بداية تأسيس الاتحاد السعودي.. كيف كانت طبيعة المنافسات في تلك الفترة؟ هل كانت بطولة مناطق أم كانت تصفيات لكأس الملك أم كانت «دوري»؟دائما البدايات تكون صعبة وتكون بدون تنظيم، وتكون بداية تعارف على اللعبة، والوسيلة الوحيدة المعروفة لتنشيط كرة القدم إقامة مباريات بين الفرق وبعضها، وبعد هذه الفترة جاءت الدولة وأشرفت على هذا العمل، وكل منطقة كان فيها هذا الوضع، كل مجموعة تتجمع مع بعضها وتمارس النشاط، وعندما أشرفت الدولة بدأت المسابقات تأخذ صبغة رسمية وكل منطقة كانت تتنافس على حدة، فالأمير عبدالله الفيصل، أوجد مكتبا للإشراف على الرياضة في وزارة الداخلية وسلمه وأقيمت البطولات باسم كأس الملك وكأس ولي العهد ومسابقة عامة للسعوديين وغير السعوديين وأقيمت البطولات وفق الظروف المتاحة في المنطقة الغربية.

والمنطقة الشرقية كان لوجود أرامكو والجاليات المختلفة من 45 جنسية مختلفة، أقيمت البطولات في الشرقية من هذا الاتجاه حتى وصلنا لمرحلة التنظيم.

وكانت أول وزارة تشرف على الرياضة هي وزارة المعارف بعدما كلفت من قبل الدولة في العام 1383هـ وشكلت لجنة تمر على المناطق خصوصا المنطقة الشرقية التي وصلها مندوبون من وزارة المعارف وكان يتواجد أكثر من 40 ناديا وقرروا حينها تقليصها إلى 15 ناديا وهذا ما سمي بعملية الدمج.

فالخبر على ما أتذكر صفت على ناديين هما الشعلة والوحدة وبعدها اندمجا مع بعض وأصبح اسمه نادي القادسية، وأصبح الخبر بها ناد واحد فقط وهو القادسية.

الطابع الرسمي

- كيف كان الطابع الرسمي في البداية؟ إذا تحدثنا عن النواحي الرسمية فعملت وزارة المعارف كل منطقة تصفية مع بعضها، حيث تلعب الفرق مع بعضها وتصفي لمعرفة الفريق الأول، وكسب نادي النهضة وأصبح الفريق الأول في المنطقة. وفي العام التالي انتقل الإشراف على الرياضة إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وشكلت في البداية لجنة ولم يكن هناك مكتب مندوب من وزارة المعارف والداخلية ووزارة العمل وكانوا ينظمون بطولات محلية مناطقية ولم تتنقل المنافسة لباقي المناطق.

1963م أقيمت بطولة بين المناطق الثلاث الرئيسية، وكل منطقة بها بطل، وأقيمت في السنة الأولى بين بطل الشرقية والوسطى والفائز لعب مع بطل الغربية، وهذا لم يكن دوري وكانت بطولة كأس الملك.

دوري المناطق

- هل كنت أول من اقترح إقامة دوري بين المناطق؟

نعم بالفعل كنت أول من اقترح ذلك، ومعظم اللوائح في رعاية الشباب، وكنا دائما لنا اقتراحات ومن ضمن الاقتراحات أن يكون هناك دوري مشترك يجمع المناطق مع بعضها ولا تلعب كل منطقة لحالها، من خلال إقامة مباريات تجمع الفريق الأول والثاني إما بطريقة التجمع أو بالسفر، أول دوري أقيم بين المنطقة الشرقية والوسطى.

- 1976 -1977 كانت بداية الدوري الممتاز بحكم معايشتك للرياضة السعودية منذ بدايتها هل تعتبر بداية الدوري في ذلك العام؟تعتبر هذه البداية الفعلية كونها كانت أفضل من السابق بكثير والتنظيم كان جيدا فكل البطولات السابقة كانت بمسميات مختلفة، لكن التنظيم كان خروج مغلوب، ولم تأخذ طابع الدوري، ولم تكن هناك اللوائح التي طبقت بعد ذلك في العام 1384هـ وكان هناك تنسيق بين كافة المناطق على اللوائح والفائز من الشرقية يلعب مع الفائز من الغربية، والفائز منهما يصفي مع المنطقة الوسطى وكانت هناك قرعة.

- هل هذه كانت تعتبر تصفيات كأس ملك أم دوري؟ما يعتبر «دوري» على الأقل في أول عامين فكانت تصفيات مناطق.

- كرياضي معاصر في تلك الفترة هل ينطبق عليها مسمى كأس ملك أو دوري عام؟كانت تسمى في ذاك الوقت بكأس الملك.

- قبل 1976 ميلادي هل كانت البطولات الموجودة قبل هذا التاريخ هي بطولات مناطق وتصفيات كأس الملك؟قبل العام 76 كانت كل منطقة تلعب على حدة حسب ظرفها بين أبطال المجموعات ومسابقة هنا وهناك، وكان هناك اختلاف في التنظيم، لكن بعد العام 1976 بدأ الدوري الممتاز بشكل رسمي.

البداية الفعلية

- هل تؤكد بأن هذا العام هو البداية الفعلية والحقيقية للدروي؟بخبرات السنوات السابقة واختلاف المسميات والتنظيم ومباريات خروج المغلوب وتصفيات مناطق، أستطيع أن أؤكد أن هذا هو البداية الفعلية للدوري العام الممتاز، وباعتبار هذا التاريخ كان هذا التنظيم الحقيقي للدوري وما قبله كان مسميات أخرى.

- كلمة تقولها للتاريخ.. البعض يعتبر البطولات التي حققها قبل العام 1976 هي دوري.. ماذا تقول لهم؟

النسخة الصحيحة للدوري والبداية الفعلية المتكاملة كانت مع العام 1976، ما قبله لم يكن دوري، والبطولات كانت بطولة مناطق تقام سنة وتتوقف سنة، ولم تكن بطولة دوري حقيقية وهذا في اعتقادي ورأيي.

- هناك إشكالية أخرى في مسابقة كأس الملك.. هل كانت تقام بنظام دوري أم خروج المغلوب؟

كانت تقام في الغالب بنظام خروج المغلوب، وكأس الملك لا يمكن أن نطلق عليها دوري.

مسيرة حافلة بالتكريمات

دعنا نعد لمسيرتك الرياضية الحافلة بالتكريمات، التي تعتبر الجوانب المشرقة في حياة الرياضي.. هل لك أن تحدثنا عن تلك التكريمات.

الحمد لله حظيت بعدة تكريمات خلال مسيرتي الرياضية حيث كرمت من قِبل الأمير فيصل بن فهد «رحمه الله»، ضمن الشخصيات التي خدمت الحركة الرياضية السعودية.

كما كرّمت من قبل الأمير سلطان بن فهد في احتفال تكريم رواد الحركة الرياضية، وكذلك كرِّمت من أمير الشرقية الأمير سعود بن نايف.

- يتذكر الرياضيون كيف كان الصقر يحضر تدريبات الأندية في ملاعبها ومساء يحضر النشاطات الثقافية بكل الأندية.. كيف كنت تسطيع القيام بكل تلك المهام في وقت واحد؟

أندية المنطقة الشرقية كانت مضرب المثل في أنشطتها، وهذا الأمر كان يعطيني الدافع والحافز وديناميكية لبذل جهود مضاعفة لتكون أندية المنطقة في الصدارة ـ وكنت على علاقته طيبة بالعاملين في الأندية تقوم على الاحترام والتعاون أكثر منها علاقة مسؤول عن الحركة الرياضية في المنطقة.

ذكريات لا تنسى

- ما الشيء العالق بذاكرتك ولا يمكن نسيانه؟

رئاسة بعثة منتخب المملكة للناشئين في عام 1989م والذي عاد من إستكنلدا ومعه كأس العالم، وهذا الإنجاز سيبقى في ذاكرتي للأبد.

- كيف كانت بداية تعلقك بالرياضة؟

بدأت من سن مبكرة منذ المرحلة الابتدائية فكنا نشاهدهم من بعيد وقمنا بتكوين مجموعة مع بعضنا وقلدناهم لكن بكرة تنس صغيرة لعدم توفر كرة قدم في ذلك الوقت وكان ذلك في سن التاسعة عام 1365هـ من خلال اللعب مع أقراني في الفريج.

قصص مثيرة

ما قصة فريق الدفاع الذي قمت بتأسيسه؟

كنت في الصف الرابع الابتدائي وقت تأسيسه في العام 65 - 66. وقتها شكلنا أول فريق تحت اسم (الدفاع) ثم استبدلناه بـ (النيل) لوجود عدد من اللاعبين السودانيين في تلك الفترة، بعدها بموسمين انتقلت إلى فريق الهلال الذي كان اسمه (المتحد) فكان من الرعيل الثالث لكرة الشرقية، ثم جاء الجيل المؤسس لكرة الشرقية.

وكنت من اللاعبين الأسوأ حظا، فقد توالت علي الإصابات العنيفة التي أبعدتني عن الملاعب مبكراً وجعلتني اتجه للتدريب والإدارة متدرجا فيها حتى التقاعد كمدير لمكتب رعاية الشباب.

- ما حكاية لقب «السبرينج»؟

اللقب أطلق علي بسبب إجادتي للقفز العالي، وكنت مشهورا بها ومن هنا جاءت تلك التسمية، فكل لاعب لديه لقب.

- من هو النادي الأول في المملكة؟

كرة القدم في المملكة بدأت في مكة المكرمة في حي الأندلسية، وهذا لا خلاف عليه، وهناك في المنطقة الوسطى كانت أندية قيد التأسيس وتعتبر بعضها نواة حقيقية للأندية الكبيرة، مثل الشباب والنصر والهلال والرياض.

تراجع مؤسف

- كيف ترى تراجع الرياضة في المنطقة الشرقية؟

أشعر أنه لم يعد هناك مجهود يبذل مثلما كان في السابق، وليست هناك مساهمة في إعداد الأبطال وتوسيع القاعدة، فكنا في السابق كانت لدينا رغبة في إنشاء مراكز للناشئين في المدارس، فكل مجموعة مدارس يقام لهم ملعب لجميع الألعاب ونقوم بإعداد اللاعبين بشكل يومي والقاعدة كانت الموجودة وهناك ملاعب وكان هناك جهد يعوض قلة المباريات وغياب المدربين ومن هنا برزت المواهب، لكن في الوقت الحالي لا يوجد أحد يلعب فكل بيت الآن لا يوجد به إلا شخص أو اثنان والاعتماد أصبح على الأندية ولن تقوم بكل شيء، وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نلقي باللوم على نظام الاحتراف في اختفاء النجوم، فنحن بحاجة لتجهيز الأبطال من أعمار ست سنوات حتى يكتسب الخبرات والبنيان الجسماني مبكراً.

- كيف نعيد الرياضة في المنطقة الشرقية لسابق عهدها؟

الرياضة المدرسية الوحيدة التي بإمكانها إفراز المواهب في الوقت الحالي، فلم تعد ترسل اللاعبين للأندية مثل السابق، لذلك يجب الاهتمام بمدارس متخصصة لصناعة اللاعبين الحقيقيين ورعاية المواهب من سن الطفولة، فلم يكن هناك مجهود، ولم يعد بالإمكان اللعب بالشارع مثل الماضي، والحل كما قلت اللجوء للمدارس.

- هل ندمت على قرار اتخذته في حياتك؟

لم أندم على شيء، وما زلت أشعر بمحبة الناس وصداقتهم في كل مكان أتواجد فيه، فقد زرعت البذرة الرياضية في أرض خصبة، وهؤلاء هم الحصاد والرصيد الحقيقي الذي افتخر به، فقد قضيت عمري كله في الحركة الرياضية.

سيظل عبدالله فرج الصقر اسماً مهماً في تاريخ الحركة الرياضية السعودية ورقماً صعباً في مسيرة الرياضة في المنطقة الشرقية.

عبدالله فرج الصقر رافق أول وأعظم إنجاز دولي لكرة القدم السعودية (كأس العالم للناشئين 1989بإسكتلندا)، كما أنه رائد رياضة الشرقية وواجهة مضيئة في تاريخها أول مدير لمكتب رعاية الشباب بالمنطقة الشرقية، وخدم أنديتها 35 عاما إذ افتتح الصقر أول مكتب لرعاية الشباب بمدينة الدمام قبل 57 عاماً وتحديداً يوم 10/1/1383هـ واستمر رائد الرياضة في الشرقية بإدارة مكتبها على مدى 29 عاماً حتى تقاعد عن العمل في عام 1412هـ.

ونحن نحتفل باليوم الوطني الـ 91 يوم الشموخ يوم العزة يوم المجد يوم النماء والازدهار، نستضيف في جريدة «اليوم» شخصية رياضية، بدأت عملها الرياضي منذ التأسيس، واكب العديد من الأحداث ومسميات البطولات، ليبوح لنا بما في جعبته من معلومات تاريخية، فهو المؤرخ الرياضي وصاحب رؤية ثاقبة في المضمار الرياضي وقدم الكثير لرياضة الوطن.

وعمل الكثير مع المسؤولين الرياضيين في المملكة في فترة الأمير عبدالله الفيصل والأمير خالد الفيصل والأمير فيصل بن فهد.