نحن نقوم بتشكيل العادات في كل لحظة من حياتنا بدون وعي منا، وبعضها عادات ذات طبيعة مرغوبة وبعضها الآخر ذات طبيعة مكروهة، ومنها ما تكون سيئة للغاية في آثارها التراكمية، وتسبب لنا في بعض الأوقات الكثير من الخسائر والألم والحسرة، في حين أن من شأن نقائضها أن تجلب الكثير من السلام والفرح والقوة المتزايدة باستمرار، فهل بوسعنا فعلا أن نحدد في جميع الأوقات أنواع العادات التي ستوجد في حياتنا؟، وبعبارة أخرى هل تكوين العادات أو بناء الشخصية مسألة صدفة؟ أم من المفترض لها أن تكون داخل نطاق سيطرتنا؟، ففي مجال تشكيل العادات وبناء الشخصية هناك دوما ما ينبغي أن نتعلمه للتخلص من العادات المقيدة غير المرغوبة واكتساب عادات جديدة يمكن بموجبها تطوير الحياة، بشرط أن يكتسب الشخص قوة التفكير الكامنة وراء كل فعل، فكل فعل واع يجب أن يكون مسبوقا بالتفكير، لأن الأفكار السائدة تحدد أفعالنا السائدة، وإذا شعرنا في أي وقت بأننا لا نملك السيطرة فلا بد أن نستعيدها مرة أخرى ونتمكن من أن نكون سادة أقوياء على مسار أفكارنا، حيث يقضي قانون العقل الذي يتحكم في الجهاز العصبي اللاإرادي في الجسم بأنه متى فعل المرء شيئا معينا بطريقة معينة فمن الأسهل له أن يفعل الشيء نفسه بالطريقة نفسها في المرة القادمة، والتي تليها وهكذا، ويستمر هذا حتى يأتي وقت لا تصبح هناك حاجة إلى بذل جهد، بدلا من ذلك نجد أن القيام بالعكس هو الذي يتطلب هذا الجهد، والعقل يحتفظ بتلك البصمة التي تخلد نوعه الخاص من التفكير، تماما كما يحمل معه من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي القدرة التي تديم وتسهل الحركات الجسدية الخاصة به، وهكذا فإن محاولة بسيطة للسيطرة على أفكار المرء قد تجابه بالفشل بداية، وقد يستمر ذلك لبعض الوقت، ولكن عاجلا أو آجلا سوف يصل بنا هذا الجهد إلى نقطة تحكم كاملة وتامة، حيث بإمكان كل منا أن ينمي قوة تحديد أفكاره، وتحديد نوعية الأفكار التي ينبغي أن نستقبلها أو لا ينبغي، فكل جهد جاد نحو أي هدف يجعل تحقيق هذا الهدف أسهل قليلا من كل جهد تال، حتى لو لم نر سوى فشل جهودنا السابقة، وهذه هي الحالة التي يكون فيها الفشل نجاحا، لأنه لا فشل مع الجهد، وكل جهد يزيد القوة التي سوف تحقق في نهاية المطاف ما نسعى إليه، وهكذا نكتسب القوة التامة والكاملة لتحديد نوعية الأفكار التي نستقبلها، وقد اكتشف علماء النفس أن أفضل وقت لغرس الأفكار المطلوبة وتقديم الايحاءات لعقلك الباطن هو قبل الخلود إلى النوم مباشرة، حيث تكون الحواس هادئة، والأعصاب مسترخية، ولذلك قبل أن يغلبك النعاس الليلة ركز فكرك على عادة تود أن تكتسبها أو تتخلص منها، وشاهد نفسك في خيالك بأنك تمارسها أو تملكها، وافعل هذا لعدة ليال، وأنت تعرف بلا شك أنك تستطيع الحصول على ذلك إذا امتلكت الرغبة الصادقة والإيمان الواعي المتفهم، ولهذا تمسك بهدفك وركز عليه، واطبعه يوميا قبل النوم في عقلك الباطن.
@LamaAlghalayini
@LamaAlghalayini