ماجد عبدالله السحيمي

مع ثوران وفورة المعلومات حول العالم وزيادة الطلب والإقبال على المنصات التقنية والذكاء الاصطناعي أصبح بمقدور المستخدمين إيصال أي محتوى من أي شخص في العالم إلى أي شخص من العالم، وأصبح هو المسؤول بشكل كامل عن ذلك المحتوى مسؤولية قانونية أو اجتماعية من جهة، ومدى «شطارته» في جذب ولفت انتباه المتابعين من جهة أخرى. البعض يجتهد في الحالتين ويفشل فشلا ذريعا والآخر ينجح نجاحا وهميا والقلة القليلة تنجح نجاحا فعليا ترفع له القبعة. المحتوى هو مسؤولية صاحبه وبالتالي يتحمل كل تبعاته لذلك وجب عليه التأكد مما يطرح ويقول فلا يمس جوانب لا يفترض المساس بها دون علم ولا معرفة كالدين والوطن والعرق والآداب العامة والتشهير وغير ذلك، غياب تلك المعرفة في بعض هذه الجوانب أمر خطير قد يوقعه في المحظور، ولذلك ينأى الكثيرون بأنفسهم فيذهبون للمحتوى الفارغ التافه الذي لا يكلفهم شيئا إما رغبة في الاستمرار في الجهل لكل ما هو مفيد أو ظنا أن المتابع جاهل مثله. لماذا لا يتعامل صاحب المحتوى مع متابعيه وكأنهم جماهير يقدم ما يحبون أن يروه منه، وليس أنه يختلق شيئا جديدا لا يعرفه ولا يتقنه لأن المتابعين يحبونه، أو تقليدا لأصحاب المحتويات الأخرى الذين «مشى» سوقهم فقلدهم، ثم جاء ليتشدق بعدد المتابعين والمشاهدات بكل سذاجة التي سأوضحها عبر هذا المثال، حين تجد جهة ترغب في استخدام بعض أصحاب المحتوى لبث إعلان معين فهي في الغالب لا يهمها عدد المتابعين بالدرجة الأولى بل نوعهم، فلكل منتج شريحة مستهدفة، فالإعلان عن جهاز لتسريح الشعر الطويل يحتاج شريحة معينة مختلفة تماما عن الإعلان لاكتتاب في صندوق استثماري، وكذا الإعلان عن رحلة مجموعات دراجات (الهارلي) يتطلب شريحة مختلفة تماما عن الإعلان عن مكملات غذائية. الشاهد من هذه الامثلة أن النوع أهم من الكم. جانب آخر مهم وهو سؤال لكل صاحب محتوى، لماذا نتابعك؟ إن كانت المتابعة متعلقة بما ينم عن عقلك إيجابا أو فرحا مثل الفوائد والتدريب والمهارات وحتى الترفيه الجيد يلامس احتياج المتلقي ويعود عليه بأي نوع من النفع فأنت هنا تمثل محتوى ثقيلا صلبا ينمو ويدوم مع الوقت ويحقق جماهيرية كما ونوعا. أما إن كانت المتابعة تتعلق بما حولك، شكلك أو مظهرك أو لباسك أو بما تملك وتقتني ماديا أو شباب الاستراحة أو عمليات النفخ والشد أو الاستعراض المقيت فاعلم أن محتواك تجارة فاشلة وبضاعة كاسدة حتى وإن حققت نجاحا في نظرك أنت فقط. لست هنا أدعو فقط للمحتوى الجاد والتنظير فقط لا بل أيضا الترفيه والضحك واللعب والهوايات وإبرازها مطلوب ولكن دون مستويات هابطة. أجمل سباق هو السباق نحو العقول تلك العقول النيرة التي ترفع من قيمة الإنسان وتميزه بين الناس وتذكر أن سعر الخيل يرتفع بعد الفوز في السباق.

وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل بإذن الله أودعكم قائلا (النيات الطيبة لا تخسر أبدا).. في أمان الله.

@Majid_alsuhaimi