كلمة اليوم

* الموروث الثقافي في مجتمعات العالم يحمل عدة ركائز ترتبط بالفكر والهوية والتاريخ العريق للحضارات، بصورةٍ تنعكس على واقعها، وتتصل بمسيرة مستقبلها، ومع ظهور الثورة التقنية تطور الكثير من المعاني في هذا الشأن، ولكن في الوقت ذاته بصورةٍ وإن كانت معززة بما ينسجم مع معطيات العصر إلا أنها لا تزال تحلّق في فضاء ربط المعلومات في شبكة شاسعة إلا أن القالب الأوحد الذي يُتاح من خلاله الاستقاء من أنهار الثقافة والاستنارة من المعلومات والتجارب والقصص والقصائد بالطريقة الأمثل لمَن يعشق الاستزادة عن تلك العلوم والفنون سيظل «الكتاب»، عبر السنين، أيقونة الثقافة والمصدر الأفضل والمفضل لفئات المجتمع إجمالًا.. والمهتمين بالمشهد الثقافي على وجه التحديد.

* تأتي انطلاقة معرض الرياض الدولي للكتاب2021، والذي تثري من خلاله أكثر من ألف دار نشر محلية وإقليمية وعالمية من 28 دولة، المشهد الثقافي الوطني والعربي، في أبرز تظاهرة ثقافية تشهدها المملكة في مجال الكتاب وقطاع النشر؛ لتصور لنا حجم الاهتمام الذي يحظى به المشهد الثقافي إجمالًا في المملكة العربية السعودية، والكِتابُ على وجه التحديد استدراكًا لأهمية المصدر وقيمة المحتوى وتأثير الكلمة وأبعاد الموروث.

* لنتوقف أمام بعض النِّسَب والأرقام التي تفيد بأن حجم استثمار المملكة في قطاع النشر يُقدَّر بـ4.5 مليار ريال سنوي، حصيلة نتاج 500 دار نشر سعودية، وعليه تُعدُّ المملكة من الدول الواعدة في مجال النشر الذي شهد نموًا متصاعدًا خلال العشرين سنة الماضية.. فهذه التفاصيل تأتي كدلائل أخرى لحجم الرعاية التي يحظى بها حراك الثقافة.. التأليف والنشر في المملكة؛ ليغدو عاملًا جاذبًا لكبريات الدول الإقليمية والعالمية من حيث التوزيع والانتشار الجغرافي؛ مما يدفع بالمشاركة عالميًا في «معرض الرياض» كمكسب ثقافي وبيئة محفزة تجمع خلال فترة زمنية أصحاب الاختصاص، ونافذة للاطلاع على نتاج الفكر في مختلف العلوم والمعارف.

* السياسة التطويرية المستديمة للتعليم بالمملكة العربية السعودية والتوسع في إنشاء الجامعات منذ السبعينيات، حتى نشوء قطاع خاص قوي يعمل في مجال النشر، ويسهم بشكل فعّال في دعم منظومة العمل الثقافي، بما في ذلك التأليف والترجمة والنشر والتوزيع، إلى جانب حرص جامعات المملكة على بناء دار نشر تابعة لها، وهو ما تنعكس آثاره إيجابًا على تصنيف الجامعات السعودية دوليًا، فجميع هذه الحيثيات تأتي كإضافة لذلك التطوير اللازم لمواكبة رؤية المملكة 2030 المعززة والمحفزة لصناعة الثقافة باعتبارها من مقومات الارتقاء بجودة الحياة.