يوافق يوم الأحد 10 أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يحمل هذا العام شعار الرعاية الصحية النفسية للجميع، وتعتبر الصحة النفسية والمعافاة من الأمور الأساسية لتوطيد قدرتنا الجماعية والفردية على التفكير، والتأثر، والتفاعل مع بعضنا البعض كبشر، وكسب لقمة العيش والتمتع بالحياة.
ومع مرور الزمان وتطور الحياة والتغيرات المتسارعة في التقنية الحديثة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، التي سهلت الكثير من متطلبات الحياة وساهمت في رفاهية الإنسان وتقدمه، ولكن لكل تقدم وإنجاز ضريبة في الاتجاه المعاكس إذا لم يتم استثمارها بالشكل الصحيح، وهذا ما يحدث للأطفال والمراهقين بسبب الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وتعرضهم لمشاهد وموسيقى صاخبة وكلمات تتردد بشكل مستمر وغير مفهومة لهم مما يزيد من اضطراب العقل واختلال موازينه والتغير الفسيولوجي المصاحب لتلك المؤثرات، ومنها التركيز العالي لفترات طويلة على تطبيقات متعددة ومشاهدة مقاطع مستمرة مما يتسبب في ضعف الذاكرة وقلة النوم المتكرر والتعرض للتنمر الإلكتروني في قسم التعليقات في مقاطع الفيديو الخاصة بهم بخصوص شكل وحجم أجسامهم، واضطرارهم للتعامل مع عدد لا حصر له من التعليقات الضارة حول الموضوع. يمكن أن تكون لذلك آثار بعيدة المدى على المستخدمين الأصغر سنا، الذين ما زالوا يتطورون عقليا وجسديا، مما قد يؤدي إلى الشعور بعدم القيمة والإذلال والمحتوى الذي يقدمه ذلك الطفل ويشاهده الملايين من مختلف الأعمار والجنسيات والتوجهات الفكرية المختلفة وبدون قيود دينية أو أخلاقية ووسط غياب تام لدور الرقابة الأسرية تجاه ما يتعرض له الطفل أو المراهق من محتوى هدام ومتكرر بشكل يومي ولساعات طويلة.
فيدفعه الحال إلى الوصول إلى العدوانية أو الذهان والوسواس القهري والحركات اللاإرادية بسبب اختلال الوظائف الفسيولوجية والنفسية للشاب أو الفتاة.
ويتعرض الطفل للعديد من الصعوبات ومنها الوحدة والانعزال عن المجتمع والوصول لمرحلة الاكتئاب بسبب تعلقه وإدمانه للإنترنت.
وقد توصلت دراسة بريطانية إلى أن الصحة العقلية للمراهقين تتضرر، بسبب الاستخدام الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي وأكدت الدراسة أن عدد الشباب المصابين بمرض عقلي ارتفع من واحد من كل ستة، مقارنة بواحد من كل تسعة في عام 2017.
لذا يجب أن نحرص على التربية التقنية السليمة لأبنائنا ونحافظ على عقولهم وصحتهم النفسية من خلال تحديد الزمن المناسب والمحتوى المناسب وفتح باب الحوار والمناقشة مع إعطائهم الثقة ليعبروا عما يدور في تفكيرهم دون توبيخ أو تهميش، وأن نعود لطبيعتنا التي خلقنا الله من أجلها بالقيام بالعبادات بأوقاتها وممارسة الرياضة والنوم المبكر، والمشاركة المجتمعية والزيارات العائلية وتحديد زمن محدد لاستخدام الجوال، حتى ننعم بالحياة الجميلة التي سخرها لنا الله عز وجل، وأن نحمي أسرتنا ومجتمعنا من الأمراض النفسية ومن حالات الاكتئاب والعنف.