أحمد بني قيس

لقد جبل الإنسان منذ خلق على نزعات وغرائز يصعب عليه التحكم بها، خاصة إذا كان قليل العلم صغير العمر لذا انتخب الله الرسل والأنبياء وأرسلهم بتعاليم تحقق الغاية من خلق الخلق وهي عبادته وحده، ومن مضامين هذه العبادة قواعد يجب الالتزام بها إن أردنا رضا الله علينا وأجره وثوابه، ولعل أبرز هذه الغرائز الغريزة الجنسية التي لولا التمسك بتعاليم مَنْ أرسلهم الله إلينا مبشرين ومنذرين لاستحال علينا ضبطها والتحكم بها، ومن بين ظواهر الغريزة الجنسية المنفلتة ظاهرة «التحرش»، التي تلجأ لها نسبة ليست هينة من شرائح مجتمعنا.

لقد انتشرت ظاهرة «التحرش» في مجتمعنا لأسباب مختلفة ولكن أبرز سبب من وجهة نظري هو جهل أو تجاهل الكثير منهم لما هو قانوني وشرعي وما هو غير قانوني وشرعي مما تسبب في حدوث ممارسات يظن فاعلها أنه لن يعاقب عليها أو أنه سيفلت منها دون عقاب كما يصور له قصوره الفكري والديني، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق ذكر أن كلا الجنسين الذكر والأنثى معنيان بهذا الأمر وليس طرفا دون طرف، فلقد أصبحنا نشاهد كلا الطرفين يبتعدان كثيرا في ممارساتهما عما اعتدنا عليه من قواعد وسنن تحكم تصرفاتنا جميعا سواء كانت تلك القواعد والسنن شرعية أو قانونية.

وصحيح أن هنالك قوانين سنت حكوميا كما أسلفت لمكافحة انتشار ظاهرة «التحرش»، ولكن أثبت الواقع أنها غير كافية إما لأن حجمها وطبيعتها فيه قصور أو لأن الانصياع لها غير مرغوب وهذا يتطلب منا تفعيل حلول أخرى، وأبرز هذه الحلول يكمن في تعزيز الثقافة الدينية من خلال التركيز دعويا وإعلاميا وثقافيا على ضرورة التمسك بها وعلى ضرورة تطبيق جميع ضوابطها وهذا هو الحل الأهم في نظري، يضاف إلى هذا الحل حل آخر يتمثل في سن قوانين تكون أكثر قسوة حتى تكون أشد ردعا ويقرن هذا الحل الصارم بالمراقبة الدائمة والمكثفة لعملية الالتزام به تماما كما تم مع نظام «ساهر»، الذي أثبت فعالية كبرى نتيجة المراقبة الدائمة والتطبيق الحرفي له الأمر الذي نتج عنه التزام الكثير من قائدي المركبات بضوابطه وقوانينه، التزام أسهم في إفراز الكثير من الإيجابيات منها مثلا نقص المخالفات المرورية ونقص الوفيات، وكذلك نقص الحوادث.

إن من الثابت تاريخيا أننا كبشر بحاجة ماسة لضوابط شرعية تتم مراقبة التمسك بها وقوانين حكومية صارمة يتم تفعيلها بشكل دائم كما أشرت أعلاه عل ذلك يساعدنا في التحكم بنزعاتنا وغرائزنا حتى لا تنفلت من عقالها فيكتوي المجتمع كله بنارها، وأختم أخيرا بذكر قول شهير يختصر كل ما ذكرته في هذا التناول وهو يقول: «مَنْ أمن العقوبة أساء الأدب».