ترجمة: إسلام فرج

المشكلة لم تعد شرق أفريقية وتحمل بين طياتها «تأثيرا أوسع»

قالت مجلة «بوليتيكو»: إن الوقت قد حان لعملية سلام جديدة في دايتون مع غرق إثيوبيا في الفوضى.

وبحسب مقال لـ «أليكس روندوس» و«مارك ميديش»، في الوقت الحالي، تقف إثيوبيا على شفا حرب أهلية متصاعدة وفشل الدولة.

وأضافا: في الأسبوع الماضي، اشتد القتال بشكل كبير، حيث قامت القوات الإثيوبية بضرب متمردين من إقليم تيغراي بشدة، الملايين يتضورون جوعا، والوقت لتفادي الانزلاق إلى الفوضى ينفد.

وتابعا: محنة أماكن مثل جنوب السودان وأفغانستان بعد سنوات من الدعم الذي تقوده الولايات المتحدة تذكر الجميع بحدود تأثير أي دولة خارجية.

وأردفا: لكن أديس أبابا ليست جوبا أو كابول، قبل عامين، كانت إثيوبيا واحدة من قصص النجاح الاقتصادي الناشئة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مما يعني أن هناك فرصة لتغيير الأمور إذا تصرفنا الآن.

ومضيا بالقول: هذا هو الوقت المناسب للتحضير لعمل دولي متضافر لمنع المزيد من الانجراف ولتركيز الدبلوماسية على تسوية شاملة لهذه الأمة التي يزيد عدد سكانها على 110 ملايين نسمة، لا شيء أقل من عملية سلام على غرار اتفاقية «دايتون»، إن الانخراط في هذا الأمر بقيادة الولايات المتحدة والدول المجاورة سيجعل إثيوبيا تتراجع عن حافة الهاوية.

اهتمام عاجل

واستطرد روندوس وميديش بقولهما: سيحتاج مسؤولو الأمن القومي في الولايات المتحدة وأوروبا والدول المجاورة إلى إيلاء اهتمام عاجل للوضع.

وأضافا: من المؤكد أن العقوبات توفر نفوذًا لكنها قد لا تكون كافية، التدخل العسكري أو الاحتلال ليس خيارا في بلد ضعف حجم أفغانستان وينزلق بالفعل إلى حرب أهلية، ستتطلب هذه الأزمة الدبلوماسية والوساطة على نطاق لم نشهده منذ عملية السلام في دايتون عام 1995 لإنهاء الحرب الدموية في البوسنة.

وأوضحا أن «دايتون» كانت نموذجًا لكيفية جلب الأحزاب العرقية المتحاربة إلى طاولة المفاوضات من خلال الجهود الدبلوماسية المكثفة والمنسقة من جانب الوسطاء النزيهين.

وتابعا: تطلب الأمر مشاركة ثابتة من أعلى المستويات في الحكومة الأمريكية بما في ذلك الرئيس ومستشار الأمن القومي ووزير الخارجية وكبير المفاوضين مثل السفير الراحل ريتشارد هولبروك، كما لعب الاتحاد الأوروبي والقوى الكبرى الأخرى أدوارًا داعمة حاسمة.

وبحسب الكاتبين، فإن إثيوبيا في 2021 ليست مثل البوسنة في 1995، وستحتاج عملية على غرار «دايتون» إلى التكيف مع الحقائق المحلية.

وأضافا: لكن إذا لم تتقدم الولايات المتحدة والشركاء الآخرون بشكل عاجل للترويج لتسوية سلمية وتقديم الدعم اللازم لجيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي الخاص المعين مؤخرًا للقرن الأفريقي، فقد تتفكك إثيوبيا مثل يوغوسلافيا، بما لذلك من تداعيات أكثر خطورة بكثير.

ولفتا إلى أن هذه المشاركة ستكون في صالح الولايات المتحدة وجميع الأطراف الأخرى المعنية.

ومضيا بالقول: للولايات المتحدة وأوروبا وحلفائنا وشركائنا الأفارقة مصالح أمنية واقتصادية وإنسانية واضحة في إثيوبيا، ستكون تداعيات انهيار الدولة مدمرة لمنطقة القرن الأفريقي بأكملها وما وراءها، تقع إثيوبيا في المركز الإستراتيجي للقرن، وتحيط بها السودان وجنوب السودان وإريتريا وجيبوتي وأرض الصومال والصومال وكينيا.

التحولات الهشة

ونوه الكاتبان إلى أن عدم الاستقرار في إثيوبيا يمكن أن يؤثر على الطرق البحرية عبر البحر الأحمر، ويؤدي إلى تدفقات اللاجئين التي من شأنها أن تقزم تلك التي حدثت في السنوات القليلة الماضية، وتعطيل التحولات الهشة بعد الصراع في السودان والصومال.

وتابعا: كما سيتم استغلال الفوضى من قبل الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب والجماعات الأخرى التابعة للقاعدة التي تريد بسط سيطرتها على المنطقة.

وأكدا على أن المشكلة لم تعد إثيوبية أو شرق أفريقية، حيث سيكون لها تأثير أوسع وستتطلب حلولًا وإجراءات توحد كل من يهتم في إفريقيا وخارجها.

ونبّها إلى أن الحصار الذي تفرضه الحكومة الإثيوبية على تيغراي يحول تلك المنطقة إلى «غيتو» للقرن 21.

وأضافا: في أواخر العام الماضي، قامت إثيوبيا بتقييد تدفق المساعدات الإنسانية، في انتهاك للقانون الدولي، وقطعت جميع الخدمات المصرفية والكهرباء والاتصالات، وأطلق رئيس الوزراء آبي أحمد العنان لمجاعة. ويقرر من يجوع ومن لا يجوع. ارتكبت الفظائع العرقية، في المقام الأول ضد التيغراي، لكن الأورومو والأمهرة والمجموعات العرقية الأخرى معرضة لخطر جسيم.

وشددا على أن دورة الانتقام، غير المسبوقة في إثيوبيا، أدت إلى قيام بعض القادة الأفارقة ذوي الخبرة بالتحدث على انفراد حول أصداء رواندا قبل الإبادة الجماعية عام 1994.

وأردفا: تقع تيغراي في قلب مرتفعات إثيوبيا، وهي دولة توسعت على مر القرون لتشمل مجموعة من المجموعات العرقية التي تتحدث عشرات اللغات المختلفة، في عام 1991، هزم المواطنون التيغراي النظام الماركسي الحاكم المدعوم من الاتحاد السوفيتي من خلال حرب عصابات طويلة، وهو انتصار جعلهم يتحكمون في السياسة في إثيوبيا، في كثير من الأحيان بيد ثقيلة.

المناطق العرقية

وأضافا: تغير هذا في 2018 عندما دفعت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة أبي أحمد، وهو من غير التيغراي، إلى منصب رئيس الوزراء، وفاز أبي بجائزة نوبل للسلام في العام التالي لجهوده في تحقيق السلام والتعاون الدولي، خاصة لمبادرته الحاسمة لحل النزاع الحدودي مع إريتريا المجاورة، ومع ذلك، على مدار ثلاث سنوات، اشتبك آبي وقيادة التيغراي حول الدور الذي يجب أن تلعبه المناطق العرقية في حكم البلاد.

ومضيا بالقول: في نوفمبر الماضي، تصاعدت تلك التوترات، واندلع الصراع المسلح بين حكومة إثيوبيا وإقليم تيغراي قليل الموارد، تخاطر إثيوبيا الآن بالتحول إلى خليط من النضالات العنيفة من أجل تقرير المصير.

وتابعا: إذا لم يتم وقف الانجراف نحو الحرب الأهلية في إثيوبيا، فإن العواقب يمكن التنبؤ بها. تهدد التعبئة التي يقوم بها رئيس الوزراء لقوات من مناطق عرقية أخرى ضد تيغراي بإغراق البلاد في صراع لا رجعة فيه، بما لذلك تكاليف اقتصادية وإنسانية هائلة.

ونوها إلى أن هجوم الأسبوع الماضي الذي شنته الحكومة ضد قوات تيغراي قد يتسبب في إرهاق الأطراف، مما يخلق فرصة للتفاوض.

وأشارا إلى أن هذا هو الوقت المناسب للتحضير لتحرك دولي منسق لمنع المزيد من الفوضى ولتركيز الدبلوماسية على تسوية شاملة، تتضمن رفع الحصار والفتح الفوري لوصول المساعدات الإنسانية إلى تيغراي ومناطق أخرى، وانسحاب القوات الإريترية والالتزام بعدم تدخل القوى المجاورة، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، والتفاوض على توازن سياسي جديد لإثيوبيا، مع استقلال إقليمي كبير ونظام عادل للفيدرالية المالية، وتوفير لجنة مستقلة للتحقيق في تجاوزات السلطة.

واختتما بالقول: إن اللعب من أجل السلام ليس سهلاً، لكنه ليس سراً. لقد حان الوقت.