ولاء الشيحي

الحقيقة أنه كان معرض الرياض الدولي للكتاب 2021، هو الأضخم عربيا من كل النواحي، وكان في نسخة 21 مبهرا، إلى درجة أعادت إلى الثقافة روحها وأنعشت سوق النشر الورقي إلى قوته رغم العوائق التي منها «التطور التقني» وأزمة «جائحة كورونا» التي يبدو أنها أوشكت على الزوال بعون الله لنعود إلى حياتنا الطبيعية.

ليست الميزة في الإبداع بتنظيم سوق الكتب في معرض الرياض الدولي للكتاب 21، بل الميزة هي في التعامل مع الحدث على أنه ميدان للاستعراض الثقافي وبناء المعرفة لدى المجتمع، فمعرض الكتاب في الرياض أصبح يجمع الاستثمار والتثقيف معا.

لا يمكن الحديث عن معرض الكتاب بمعزل عن تلك الفعاليات التي تقام على هامش المعرض والتي كانت غاية في الإبداع باختيار المواضيع وانتقاء الضيوف، إضافة إلى الحيوية والتجديد والتفاعل مع الأحداث، مثل إضافتها لندوة عن الأديب عبدالله بن إدريس الذي رحل أثناء أيام المعرض، وذلك لم يمنع إدارة المعرض من تنظيم ليلة احتفائية بالراحل الذي يستحق ذلك وأكثر بكونه فقيد الأدب والثقافة والوطن.

هيئة الأدب والنشر التابعة لوزارة الثقافة نجحت في تنظيم أول معرض كتاب لها بإبداع متناهي الجمال الأمر الذي يزيد مستوى طموحات الجمهور في المواسم القادمة وهي قادرة على زيادة معايير الإبداع في عملها.

ربما بعد انتهاء أيام معرض الرياض الدولي للكتاب 21، فرصة لنطرح بعض النقاط على هوامش معرض الكتاب، منها:

جميل الاستثمار في قطاع النشر بالسعودية، لكن الأجمل هو التجديد والتطوير في سوق النشر، بدراسة واقع ومستقبل النشر دراسة علمية وواقعية، فكل الأسواق تتجدد أو تنتهي وتصبح من الذكريات القديمة الجميلة فقط، كل أدوات الحياة تتطور حتى أسلوب المعيشة يتغير وفق أدوات العصر، على سبيل المثال، دور النشر حاولت في معرض الكتاب الأخير توصيل الكتب إلى الجمهور بالشراء الإلكتروني والشحن، لكنها حتى اليوم لم تفكر بالوصول إلى شريحة أكبر من الجمهور بأدوات تقنية حديثة، واستحداث النشر الإلكتروني.

تخيل عزيزي صاحب دار النشر أو المستثمر في قطاع النشر، لو استثمرت بالنشر الإلكتروني، ولا أقصد الكتاب الإلكتروني الذي يستلزم جهازا خاصا للقراءة، بل أقصد تحرير الكتاب بسهولة الحصول عليه بأسعار زهيدة.

تخيل عزيزي صاحب دار النشر لو كنت تبيع «ملخصا» للكتاب بسعر رمزي منها تكسب انتشار الكتاب ومنح القارئ سهولة البحث عن الكتاب المناسب له لشرائه كاملا بعد الإطلاع على ملخصه.

وتخيل كم قارئا سيشتري الكتاب على هاتفه الذكي أو جهازه اللوحي، بسعر ميسر، بعد أن تخلصت من تكاليف الطباعة وتكاليف التخزين والعرض والشحن.

هل تعلم أن بيع 1000 نسخة ورقية من الكتاب -أعتقد أن أغلب الكتب لا تتجاوز ذلك الرقم- أصعب من بيع 100 ألف نسخة إلكترونية؟

وهل تعلم أن بيع الـ 100 ألف نسخة بريال فقط يكسبك 100 ألف ريال، بينما بيع 1000 نسخة بـ 30 ريالا لن يكسبك سوى 30 ألف ريال، وقارن بين المكاسب والانتشار ومستوى الثقافة التي ستنتشر بين المجتمع.

هذه فكرة بسيطة تطبيقها ليس سهلا، لكن مكاسبها المستقبلية تستحق التعب فيها، والأفكار كثيرة لتطوير قطاع النشر فقط تحتاج الجرأة تفكيرا وتنفيذا.