حسام أبو العلا - القاهرة

مختصون يحذرون من مخطط لإعادة إنتاج «الجماعة» في البلاد

يحاول التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التشبث في آخر ساحة يتواجد فيها بعد أن انهار في مصر إضافة لزعزعته في ليبيا مع المسار السلمي الذي خطته الأطراف الليبية وصولا إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.

وحذر مختصون في شؤون الإرهاب من إعادة إنتاج جماعة الإخوان الإرهابية داخل المجتمع التونسي بطريقة مختلفة منها إطلاق أحزاب جديدة بزعامة شخصيات قيادية إخوانية تدعى الانشقاق عن حركة النهضة الإخوانية، وشددوا على أن التنظيم الدولي يتشبث بالاستمرار في تونس بعد خسارة وجوده في مصر، مؤكدين أن اجتثات الجماعة من تونس وليبيا يعني شهادة الوفاة للجماعة الإرهابية في المنطقة.

خسارة الجماعة

قال الباحث في التنظيمات الإرهابية مصطفى حمزة لــ«اليوم»: بعد خسارة الجماعة شعبيتها في تونس إثر القرارات التصحيحية للرئيس التونسي قيس سعيد، التي كان أبرزها تجميد البرلمان الذي كان بقبضتها وإقالة الحكومة الموالية لها، بدأ التنظيم الدولي في الإيعاز لقياداته في تونس بإقامة أحزاب جديدة تزعم عدم ارتباطها بالدين، خصوصا أن حزب حركة النهضة الإخواني صار سيئ السمعة بعد تورطه في العنف والقتل والإرهاب وما تمر به تونس من فوضى.

وترى المرشحة السابقة لرئاسة تونس روضة رزقي أن التونسيين مدركون جيدا لخطورة ما يحاك ضدهم من مخططات من التنظيم الدولي الإخواني لمحاولة الالتفاف على قرارات 25 يوليو، التي اتخذها الرئيس قيس سعيد لوقف تغول الإخوان في السلطة والسيطرة على مفاصل الدولة، مؤكدة أن أي حزب من عباءة الإخوان مرفوض ولن ينضم له أي تونسي شريف.

بؤرة مهمة

وشدد الباحث في شؤون التنظيمات الإرهابية إبراهيم ربيع على أن تونس كانت بؤرة مهمة جدا للتنظيم الدولي الإخواني لذا فإن خسارتها تمثل كارثة كبيرة للتنظيم الذي يعول عليها وليبيا للبقاء في المنطقة، مشيرا إلى أنه بعد سقوط شعبية حركة النهضة وانكشاف حقيقة مؤامراتها أمام الشعب التونسي كان لابد من البحث عن إعادة إنتاج الجماعة داخل المجتمع التونسي بطريقة جديدة عن طريق أحزاب تدعى الليبرالية والانسلاخ من أي رابط مع القيادات الدينية.

وكان القيادي المستقيل من حركة النهضة سمير ديلو، قد صرح بأنه يتطلع لتأسيس حزب جديد دون مرجعية دينية. وأضاف ديلو: أريد أن يكون هذا الحزب ذا رؤية وطنية ويكون شبابيا وتترأسه امرأة ومحافظ ويحافظ على الهوية.

وأوضح أن هذا الحزب يمكن تشكيله ليس فقط من المستقلين من النهضة ربما مع مجموعة من الأصدقاء، مشيرا إلى أنّه حزب لا يسعى للجدل حول التعيينات والتسميات، بل يسعى لتغيير الأوضاع نحو الأفضل.

حقوق المواطن

على الصعيد ذاته، قال خبراء ومختصون في ندوة عقدتها جمعية اتحاد التونسيين المستقلين من أجل الحرية تحت عنوان «مستقبل الديمقراطية والتربية المدنية التحديات والحلول»، أن حرمان المواطنين التونسيين من أبرز حقوقهم التي يكفلها الدستور، مثل العيش الكريم والعمل والحقوق الاجتماعية والصحة والتعليم، جعلتهم ينقمون على السلطة والحكومة.

ووفقا لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، شدد المختص في علم الاجتماع محمد الجويلي على ضرورة العمل على جعل الديمقراطية في تونس مطلبا اجتماعيا باعتباره الطريق الأسلم للعيش المشترك، معتبرا أن ذلك لن يتحقق إلا بعد تدريب المواطنين على احترام الحريات الفردية والقوانين والرأي المخالف والتعايش مع كل أوجه الاختلاف بين الأفراد.

مواجهة التحديات

واعتبر رئيس جمعية «اتحاد التونسيين المستقلين من أجل الحرية» معز علي أن التحديات التي تعيشها تونس في السنوات الأخيرة، والتي زادت من حدتها أزمة كوفيد 19 فتحت المجال أمام تنامي ظواهر الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة والشعبوية والهجرة وقلصت في المقابل الشعور بالمواطنة وتجسيد القيم الإنسانية الكونية، وهو مناخ غير سليم يجب العمل على تغييره.

ويرى العميد المتقاعد من الجيش التونسي مختار بن نصر أن نقمة المجتمع التونسي على الحكومة خاصة، خلال العشر سنوات الأخيرة، جعلته «مجتمعا جانحا وخارجا على الضوابط القانونية»، مشددا على ضرورة التعجيل بالعمل على معالجة هذه المعضلة عبر إرساء تربية مجتمعية تعزز الوعي بمفاهيم المواطنة والانتماء إلى الوطن، التي يجب أن تنطلق من الأسرة إلى رياض الأطفال والمدرسة فالجامعة، والعمل على توفير العيش الكريم لكل للمواطن داخل أسرته ووطنه.

استقرار الاقتصاد

وفي الشأن الاقتصادي، أفاد محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، بأن الخطة المتعلقة بتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي تشكل محور محادثات مع أهم المؤسسات المانحة على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وقال العباسي خلال الجلسة العامة 42 للغرفة التونسية الألمانية للصناعة والتجارة إنّه خلافا لما يتم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام، فإن المحادثات مع صندوق النقد الدولي لم تتوقف بتاتا، وفق تعبيره.

ولفت إلى ضرورة العمل، على المدى المتوسط، على إرساء إصلاحات تتصل بمناخ الأعمال وصندوق الدعم وإيجاد حلول للصعوبات التي تواجهها المؤسسات العمومية علما، وأن هذه الإصلاحات تعد ضرورية للخروج من الوضع القائم.

وأشار الى أن البنك المركزي التونسي سيواصل، خلال فترة ما بعد جائحة كوفيد -19، لعب دوره في مجال التحكم في الأسعار ودعم أسس الاستقرار المالي إلى جانب مساعدة النشاط الاقتصادي.

وصرح العباسي قائلا: «نخوض محادثات مع السلطات المعنية لوضع صندوق مهم لإعادة الهيكلة يمكن من تمويل المؤسسات المتضررة من جائحة كوفيد -19 بشكل آخر».