مع تزايد الزخم الإعلامي الكبير لتغطية مبادرة «السعودية الخضراء» في 23 أكتوبر، ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» في الخامس وعشرين من أكتوبر وقمة الأمم المتحدة لتغير المناخ 26 في جلاقسو في سكوتلندا، التي ستعقد في آخر يوم من الشهر، تكرر ورود العديد من المصطلحات العلمية في المقالات والتقارير، التي تغطي هذه المحافل الدولية، وهذه المصطلحات هي الاستدامة والاقتصاد الدائري واقتصاد الكربون الدائري. في هذه المقالة لن أزيد عن الجهود الرائعة في متابعة هذه المبادرات ولكنّي سأحاول أن أبسطّ هذه المصطلحات وأزيل بعض اللبس الذي قد يحصل.
بداية راودني الفضول لمعرفة وتيرة الاهتمام بهذه الكلمات، فتصفحت موقع جوجل ترندز (Google Trends)، الذي يعرض وتيرة البحث عن أي كلمة ويعرض النتائج على حسب الفترة الزمنية من 2004 وأيضا الموقع الجغرافي، فاستعرضت نتائج البحث عن كل مصطلح في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والمملكة المغربية، فتشابهت النتائج أن الاهتمام بهذه المصطلحات بدأ يتزايد بشكل تدريجي منذ عام 2016 مشابها بذلك الاهتمام العالمي ولكن وتيرة الاهتمام زادت بشكل أكبر في المملكة مع إطلاق الإستراتيجية الوطنية للبيئة عام 2017، وأيضا منذ شهر مارس الماضي منذ الإعلان عن مبادرة «السعودية الخضراء» ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، ونظراً لهذا الاهتمام المتزايد أردت أن أزيل الغموض عن هذه المصطلحات لمَنْ كانت غريبة عليه.
فنبدأ بالاستدامة، التي ورد لها أكثر من 100 تعريف كما ذكرت إحدى المراجعات العلمية ولكن أفضل تعريف لها برأيي هو أن الاستدامة تكون بتلبية حاجات الجيل الحاضر بدون الإخلال باستطاعة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. والاستدامة تقوم على ثلاث ركائز لا بد من تحقيقها جميعا، وهي: الإنسان والطبيعة والاقتصاد، فإذا اختلت إحداها سقطت الباقيتان، فلا رفاهية للإنسان بغير اقتصاد مزدهر، وإذا تدهورت النظم الطبيعية فلن يوجد اقتصاد مزدهر.
أمّا الاقتصاد الدائري، فله تعريفات متعددة أيضا، ولكن تعريف مؤسسة إيلين مكأرثر(Ellen Macarthur Foundation) هو التعريف الأكثر شهرة، وهو بعكس الاقتصاد التقليدي الخطي، الذي يختصر بثلاث كلمات:
1- استخرج.
2- استهلك.
3- وثم ارميه.
بمعنى استخراج المادة الخام من الطبيعة، ثم تصنيعها واستهلاكها ومن ثم التخلص منها كنفايات. في المقابل الاقتصاد الدائري يهدف إلى تحقيق الاستدامة في الاقتصاد، وذلك عن طريق ثلاثة مبادئ:
1- إزالة النفايات والتلوث.
2- إعادة تدوير المنتجات والمواد.
3- إحياء وإنعاش الطبيعة.
إزالة النفايات والتلوث تكون بتغير طريقة الاستهلاك وتطوير تقنيات أنظف بيئيا وثاني المبادئ هو إعادة تدوير المنتجات والمواد، وذلك بتصميمها بطريقة تسهَل إعادة تدويرها وإبقائها داخل الاقتصاد مما يقل استهلاك الموارد الطبيعية وإحياء الطبيعة يكون بمحاكاتها في إعادة تدوير المواد، فالأنظمة لا تحتوي على نفايات فالكربون المتواجد في أنسجة المخلوقات يتم تحليله بواسطة المخلوقات المجهرية، ويستخدم في بناء أنسجة حيوية أخرى، خلاصة القول في الاقتصاد الدائري هو محاكاة وتقليد للأنظمة الطبيعية مما يجعل الإنسان أكثر تناغما معها.
أخيرا اقتصاد الكربون الدائري هو أحد تطبيقات الاقتصاد الدائري، ولكنه يركز على عنصر الكربون، الذي هو أساس الطاقة، فهو يهدف إلى زيادة كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل مصادر الطاقة التقليدية ذات البصمة الكربونية العالية، وزيادة إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، وكل ذلك يسهم في تقليل انبعاثات الكربون، الذي يعد أحد أهم عوامل الاحتباس الحراري.
المختصر المفيد أن الاستدامة هي مدرسة فكرية، فالاقتصاد الدائري هو إستراتيجية التنفيذ واقتصاد الكربون الدائري هو أحد أهم الأمثلة لهذه الإستراتيجية.
k.m.alshehri@gmail.com
بداية راودني الفضول لمعرفة وتيرة الاهتمام بهذه الكلمات، فتصفحت موقع جوجل ترندز (Google Trends)، الذي يعرض وتيرة البحث عن أي كلمة ويعرض النتائج على حسب الفترة الزمنية من 2004 وأيضا الموقع الجغرافي، فاستعرضت نتائج البحث عن كل مصطلح في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والمملكة المغربية، فتشابهت النتائج أن الاهتمام بهذه المصطلحات بدأ يتزايد بشكل تدريجي منذ عام 2016 مشابها بذلك الاهتمام العالمي ولكن وتيرة الاهتمام زادت بشكل أكبر في المملكة مع إطلاق الإستراتيجية الوطنية للبيئة عام 2017، وأيضا منذ شهر مارس الماضي منذ الإعلان عن مبادرة «السعودية الخضراء» ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، ونظراً لهذا الاهتمام المتزايد أردت أن أزيل الغموض عن هذه المصطلحات لمَنْ كانت غريبة عليه.
فنبدأ بالاستدامة، التي ورد لها أكثر من 100 تعريف كما ذكرت إحدى المراجعات العلمية ولكن أفضل تعريف لها برأيي هو أن الاستدامة تكون بتلبية حاجات الجيل الحاضر بدون الإخلال باستطاعة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. والاستدامة تقوم على ثلاث ركائز لا بد من تحقيقها جميعا، وهي: الإنسان والطبيعة والاقتصاد، فإذا اختلت إحداها سقطت الباقيتان، فلا رفاهية للإنسان بغير اقتصاد مزدهر، وإذا تدهورت النظم الطبيعية فلن يوجد اقتصاد مزدهر.
أمّا الاقتصاد الدائري، فله تعريفات متعددة أيضا، ولكن تعريف مؤسسة إيلين مكأرثر(Ellen Macarthur Foundation) هو التعريف الأكثر شهرة، وهو بعكس الاقتصاد التقليدي الخطي، الذي يختصر بثلاث كلمات:
1- استخرج.
2- استهلك.
3- وثم ارميه.
بمعنى استخراج المادة الخام من الطبيعة، ثم تصنيعها واستهلاكها ومن ثم التخلص منها كنفايات. في المقابل الاقتصاد الدائري يهدف إلى تحقيق الاستدامة في الاقتصاد، وذلك عن طريق ثلاثة مبادئ:
1- إزالة النفايات والتلوث.
2- إعادة تدوير المنتجات والمواد.
3- إحياء وإنعاش الطبيعة.
إزالة النفايات والتلوث تكون بتغير طريقة الاستهلاك وتطوير تقنيات أنظف بيئيا وثاني المبادئ هو إعادة تدوير المنتجات والمواد، وذلك بتصميمها بطريقة تسهَل إعادة تدويرها وإبقائها داخل الاقتصاد مما يقل استهلاك الموارد الطبيعية وإحياء الطبيعة يكون بمحاكاتها في إعادة تدوير المواد، فالأنظمة لا تحتوي على نفايات فالكربون المتواجد في أنسجة المخلوقات يتم تحليله بواسطة المخلوقات المجهرية، ويستخدم في بناء أنسجة حيوية أخرى، خلاصة القول في الاقتصاد الدائري هو محاكاة وتقليد للأنظمة الطبيعية مما يجعل الإنسان أكثر تناغما معها.
أخيرا اقتصاد الكربون الدائري هو أحد تطبيقات الاقتصاد الدائري، ولكنه يركز على عنصر الكربون، الذي هو أساس الطاقة، فهو يهدف إلى زيادة كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل مصادر الطاقة التقليدية ذات البصمة الكربونية العالية، وزيادة إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، وكل ذلك يسهم في تقليل انبعاثات الكربون، الذي يعد أحد أهم عوامل الاحتباس الحراري.
المختصر المفيد أن الاستدامة هي مدرسة فكرية، فالاقتصاد الدائري هو إستراتيجية التنفيذ واقتصاد الكربون الدائري هو أحد أهم الأمثلة لهذه الإستراتيجية.
k.m.alshehri@gmail.com