البلدان لم يتمكنا من بناء مبدأ تنظيمي لعلاقة دائمة ورؤية مشتركة
مرت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان بمراحل صعود وهبوط لأسباب مختلفة، لكنهما الآن بحاجة إلى تعزيز العلاقات وسط تطورات في المشهد السياسي تستلزم منهما التعاون بشكل خاص.
ويقول توقير حسين، وهو سفير باكستاني سابق وأستاذ مساعد في جامعة جورج تاون، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنتريست، إنه في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في 13 سبتمبر الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن باكستان لديها «مصالح متعددة، بعضها يتعارض مع مصالحنا».
وأوضح أنه سواء كان الأمر يتعلق بأفغانستان أو بقضايا أخرى، عاشت الولايات المتحدة دائما مع هذه الصراعات، وتأرجحت علاقات الولايات المتحدة مع باكستان بين الصراع والتعاون.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة وباكستان، التي تم تحديدها من خلال حاجة واشنطن على المدى القصير إلى تعاون باكستان لخدمة بعض المصالح الأمنية والإستراتيجية الحيوية، وحاجة باكستان على المدى الطويل إلى الدعم الاقتصادي والمساعدة الأمنية الأمريكية، لم تأت من دون تكلفة. وحتى عندما تتلاقى مصالحهما، فإن سياساتهما وتصوراتهما لم تكن في كثير من الأحيان كذلك، ولم يتمكنا من بناء المبدأ التنظيمي لعلاقة طويلة ودائمة تقوم على إطار مفاهيمي ورؤية مشتركة واستمرارية.
تحالفات جديدة
وكانت علاقات باكستان الوثيقة مع الولايات المتحدة تاريخيا نتيجة التفاعلات الجيوسياسية أو القضايا المتعلقة بالولايات المتحدة والأمن العالمي. لكن الأمور الجيوسياسية المتغيرة في القرن الحادي والعشرين، والتحديات الأمنية بعد 11 سبتمبر، حولت جنوب آسيا إلى مكان لتحالفات جديدة بين الأطراف الفاعلة الإقليمية والعالمية، التي وجدت باكستان نفسها فيها تقع في الجانب الخاطئ بالنسبة إلى واشنطن. وقد غير ذلك ديناميكيات انخراط الولايات المتحدة مع باكستان.
ويقول حسين إن ميزان القوى في جنوب آسيا تأثر بشكل كبير بالتوترات بين الولايات المتحدة والصين والعلاقات الوثيقة بين باكستان وبكين من ناحية، والعلاقات غير العادية بين الولايات المتحدة والهند، الخصم اللدود لباكستان، من ناحية أخرى. فبدلا من الجمع بين باكستان والولايات المتحدة، فإن التفاعلات الجيوسياسية اليوم تفصل بينهما. أما بالنسبة إلى قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب وأفغانستان، فإن كلا البلدين يشعران بأن أي فوائد تأتي بتكلفة هائلة. وتستاء واشنطن من مساهمة إسلام آباد في فشل حرب أفغانستان، ومن ناحية أخرى، تشعر باكستان بالظلم لتكبدها خسائر فادحة من التأثيرات العكسية لحرب أفغانستان والحرب الأمريكية على الإرهاب.
رياح معاكسة
ومع ذلك، يقول حسين إنه لا تستطيع الولايات المتحدة ولا باكستان التخلي عن علاقاتهما. وسوف تواجه باكستان رياحا معاكسة غير مؤكدة بشأن مستقبل أفغانستان، والضغوط المستمرة من الهند الحازمة والمهيمنة، والتحديات الناجمة عن الإرهاب والتطرف في الداخل. وإن جهود إسلام آباد الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الباكستاني وتعزيز ديمقراطيتها سوف تشكل مصاعب خاصة بها. ونجاح عملية الخوض في مواجهة هذه التحديات سوف يتطلب علاقات طيبة مع كل القوى الكبرى.
وتحتاج الولايات المتحدة أيضا إلى باكستان. ولا تزال واشنطن لديها بعض المصالح المهمة المتعلقة بأمن أفغانستان واقتصادها واستقرارها، وهو ما يمكن لباكستان أن تسهله. وتود واشنطن من إسلام آباد أن تضغط على طالبان بشأن حقوق المرأة والشمول، وأن تساعد في عمليات الإجلاء المتبقية، وأن تحقق تعاون طالبان في إضعاف تنظيم القاعدة وداعش خراسان. كما ترغب واشنطن في أن تعمل إسلام آباد ضد الإرهابيين والمتشددين العابرين للحدود الوطنية، الذين يهددون استقرارها، وكذلك الجهاديين الذين يهددون الهند، وبالتالي تقويض سياسة واشنطن تجاه الصين. وأخيرا، تريد الولايات المتحدة الحد من النفوذ السياسي والاقتصادي المتنامي بسرعة للصين في باكستان.
ويقول حسين إن احتمال الصراع والتعاون موجود في العلاقات الحالية بين الولايات المتحدة وباكستان، على الرغم من أنه لا توجد قضية واحدة تتفوق على كل القضايا الأخرى. وأشار بلينكن إلى هذه الديناميكية فى تصريحاته الأخيرة أمام الكونجرس قائلا إن الولايات المتحدة ستبحث «الدور الذي لعبته باكستان خلال العشرين عاما الماضية ولكن أيضا الدور الذي نريد أن تلعبه في السنوات القادمة وما الذي سيتطلبه الأمر للقيام بذلك».
الخطاب السياسي
ولكن الخطاب السياسي من كلا الجانبين لا يساعد العلاقات على المضي قدما. ويحظى رئيس الوزراء عمران خان بإعجاب مؤيديه بسبب قوميته، ولكن اقتراحاته بأن باكستان لا علاقة لها بانتصار طالبان في أفغانستان، وتصريحه بأن طالبان قد كسرت «أغلال العبودية» أثارت رد فعل عنيف في واشنطن. وفي حين هاجمت المعارضة من الحزب الجمهوري إلى حد كبير باكستان لمساعدتها طالبان على الصعود إلى السلطة وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لسوء التعامل مع الانسحاب، زادت إدارة بايدن من حدة التوتر بشأن باكستان، لا سيما خلال زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكي، ويندي شيرمان الأخيرة إلى إسلام آباد، مما أزعج الباكستانيين.
وتريد الولايات المتحدة التأكد من قدرتها على الثقة بباكستان، وتحتاج باكستان أن تثق في أن تجديد العلاقة مع واشنطن يستحق التكلفة السياسية في الداخل ولا يأتي على حساب مصالحها الإستراتيجية الأخرى. ولكن هذه ليست المشكلة الوحيدة، فالولايات المتحدة تريد علاقة محدودة في حين ترغب إسلام آباد في «علاقة متوازنة» أوسع نطاقا تكون مفيدة وتستحق المخاطر السياسية المحتملة في الداخل.
ويقول توقير حسين، وهو سفير باكستاني سابق وأستاذ مساعد في جامعة جورج تاون، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنتريست، إنه في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في 13 سبتمبر الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن باكستان لديها «مصالح متعددة، بعضها يتعارض مع مصالحنا».
وأوضح أنه سواء كان الأمر يتعلق بأفغانستان أو بقضايا أخرى، عاشت الولايات المتحدة دائما مع هذه الصراعات، وتأرجحت علاقات الولايات المتحدة مع باكستان بين الصراع والتعاون.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة وباكستان، التي تم تحديدها من خلال حاجة واشنطن على المدى القصير إلى تعاون باكستان لخدمة بعض المصالح الأمنية والإستراتيجية الحيوية، وحاجة باكستان على المدى الطويل إلى الدعم الاقتصادي والمساعدة الأمنية الأمريكية، لم تأت من دون تكلفة. وحتى عندما تتلاقى مصالحهما، فإن سياساتهما وتصوراتهما لم تكن في كثير من الأحيان كذلك، ولم يتمكنا من بناء المبدأ التنظيمي لعلاقة طويلة ودائمة تقوم على إطار مفاهيمي ورؤية مشتركة واستمرارية.
تحالفات جديدة
وكانت علاقات باكستان الوثيقة مع الولايات المتحدة تاريخيا نتيجة التفاعلات الجيوسياسية أو القضايا المتعلقة بالولايات المتحدة والأمن العالمي. لكن الأمور الجيوسياسية المتغيرة في القرن الحادي والعشرين، والتحديات الأمنية بعد 11 سبتمبر، حولت جنوب آسيا إلى مكان لتحالفات جديدة بين الأطراف الفاعلة الإقليمية والعالمية، التي وجدت باكستان نفسها فيها تقع في الجانب الخاطئ بالنسبة إلى واشنطن. وقد غير ذلك ديناميكيات انخراط الولايات المتحدة مع باكستان.
ويقول حسين إن ميزان القوى في جنوب آسيا تأثر بشكل كبير بالتوترات بين الولايات المتحدة والصين والعلاقات الوثيقة بين باكستان وبكين من ناحية، والعلاقات غير العادية بين الولايات المتحدة والهند، الخصم اللدود لباكستان، من ناحية أخرى. فبدلا من الجمع بين باكستان والولايات المتحدة، فإن التفاعلات الجيوسياسية اليوم تفصل بينهما. أما بالنسبة إلى قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب وأفغانستان، فإن كلا البلدين يشعران بأن أي فوائد تأتي بتكلفة هائلة. وتستاء واشنطن من مساهمة إسلام آباد في فشل حرب أفغانستان، ومن ناحية أخرى، تشعر باكستان بالظلم لتكبدها خسائر فادحة من التأثيرات العكسية لحرب أفغانستان والحرب الأمريكية على الإرهاب.
رياح معاكسة
ومع ذلك، يقول حسين إنه لا تستطيع الولايات المتحدة ولا باكستان التخلي عن علاقاتهما. وسوف تواجه باكستان رياحا معاكسة غير مؤكدة بشأن مستقبل أفغانستان، والضغوط المستمرة من الهند الحازمة والمهيمنة، والتحديات الناجمة عن الإرهاب والتطرف في الداخل. وإن جهود إسلام آباد الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الباكستاني وتعزيز ديمقراطيتها سوف تشكل مصاعب خاصة بها. ونجاح عملية الخوض في مواجهة هذه التحديات سوف يتطلب علاقات طيبة مع كل القوى الكبرى.
وتحتاج الولايات المتحدة أيضا إلى باكستان. ولا تزال واشنطن لديها بعض المصالح المهمة المتعلقة بأمن أفغانستان واقتصادها واستقرارها، وهو ما يمكن لباكستان أن تسهله. وتود واشنطن من إسلام آباد أن تضغط على طالبان بشأن حقوق المرأة والشمول، وأن تساعد في عمليات الإجلاء المتبقية، وأن تحقق تعاون طالبان في إضعاف تنظيم القاعدة وداعش خراسان. كما ترغب واشنطن في أن تعمل إسلام آباد ضد الإرهابيين والمتشددين العابرين للحدود الوطنية، الذين يهددون استقرارها، وكذلك الجهاديين الذين يهددون الهند، وبالتالي تقويض سياسة واشنطن تجاه الصين. وأخيرا، تريد الولايات المتحدة الحد من النفوذ السياسي والاقتصادي المتنامي بسرعة للصين في باكستان.
ويقول حسين إن احتمال الصراع والتعاون موجود في العلاقات الحالية بين الولايات المتحدة وباكستان، على الرغم من أنه لا توجد قضية واحدة تتفوق على كل القضايا الأخرى. وأشار بلينكن إلى هذه الديناميكية فى تصريحاته الأخيرة أمام الكونجرس قائلا إن الولايات المتحدة ستبحث «الدور الذي لعبته باكستان خلال العشرين عاما الماضية ولكن أيضا الدور الذي نريد أن تلعبه في السنوات القادمة وما الذي سيتطلبه الأمر للقيام بذلك».
الخطاب السياسي
ولكن الخطاب السياسي من كلا الجانبين لا يساعد العلاقات على المضي قدما. ويحظى رئيس الوزراء عمران خان بإعجاب مؤيديه بسبب قوميته، ولكن اقتراحاته بأن باكستان لا علاقة لها بانتصار طالبان في أفغانستان، وتصريحه بأن طالبان قد كسرت «أغلال العبودية» أثارت رد فعل عنيف في واشنطن. وفي حين هاجمت المعارضة من الحزب الجمهوري إلى حد كبير باكستان لمساعدتها طالبان على الصعود إلى السلطة وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لسوء التعامل مع الانسحاب، زادت إدارة بايدن من حدة التوتر بشأن باكستان، لا سيما خلال زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكي، ويندي شيرمان الأخيرة إلى إسلام آباد، مما أزعج الباكستانيين.
وتريد الولايات المتحدة التأكد من قدرتها على الثقة بباكستان، وتحتاج باكستان أن تثق في أن تجديد العلاقة مع واشنطن يستحق التكلفة السياسية في الداخل ولا يأتي على حساب مصالحها الإستراتيجية الأخرى. ولكن هذه ليست المشكلة الوحيدة، فالولايات المتحدة تريد علاقة محدودة في حين ترغب إسلام آباد في «علاقة متوازنة» أوسع نطاقا تكون مفيدة وتستحق المخاطر السياسية المحتملة في الداخل.