أحمد الحسين

هنالك ناموس في الطبيعة، وكذلك في المخلوقات بما يسمى الألم الشبحي أو ما يتمثل بظاهرة الارتداد، أي رد الفعل العكسي ونضرب لذلك مثلا؛ في حالة الأفاعي السّامة كالكوبرا وذات الأجراس ممكن أن تلدغ بعد مدة قليلة من موتها، ويُفسر رد الفعل هذا بأن جسمها ما زال ناشطا مهاجما حتى بعد قطع الرأس.

تُعرف الثعابين أنها من الزواحف ذوات الدم البارد، فإذا لُمس جسدها تتحفز أعصابها، وتتفتح قنواتها وتنتفض في رد فعل عكسي وهي بدون الرأس.

هذا المثل في التحرك ينطبق كذلك على حال قلب الإنسان، إذ يمكن لعضلته أن تستمر في النبض دون أوكسجين لبضع دقائق بعد استئصاله من جسم المريض،

وفي الدقائق الأولى يمكن استعادة نشاط العضلة، بعدها القلب يتوقف عن الخفقان

حالما تموت خلاياه.

وهنالك ظاهرة مقاربة عند البشر تُعرف بالألم الشبحي، وهو ألم يشعر به الشخص في أجزاء لم تعد موجودة بالجسم تحدث هذه بعد عمليات البتر، ويرجع منشأ هذا الألم إلى الحبل الشوكي والدماغ، حيث تندفع أحاسيس وكأن العضو المزال موجود.

لذا الارتداد والألم الشبحي كأنه مجازا يعبر عن حالة من فقد شيء، أو بُترت له مصالح وهزم كيانه، فيتحفز لارتدادات تأخذ شكل رد فعل عكسي موجع يباغت فيها الآخر المُستهدف لبلوغ ثأره والاقتصاص من خصمه.

بعض هذه الارتدادات آني، كحال شيء يشبه ما يحدث أحياناً للسيارات حين يستمر محركها في الدوران لبرهة من الزمن حتى بعد إطفاء مفتاح التشغيل (باك فاير) وهي النار المُرتدة. وأحيانا تكون ثأرية تُطبخ على نار هادئة تتمثل بخطط ممنهجة لإحداث أكبر ضرر يطول بها الزمن.

دنيانا هذه فيها ما هو آني الارتداد وأُخرى فيها نيران مرتدة لها دوام واستمرار تحتضنها أزمات وما أكثرها في عالمنا اليوم، تلك الارتدادات تتعدد وتتردد في آن واحد من أهل الزيف والتطاول. وهم في ذلك تتملكهم متعة اللحظة في إخراج ما في إضغانهم، ومُمالأة مَن يرجون مصلحتهم عندهم. وحالهم مثل ريح تسلك دربا معلوما غير مرئي يظنون أنهم بوجع الارتدادات يسقطون فارسا عن حصانه.

هؤلاء يعيشون عتمة السخيمة حينما يهاجمون تدفعهم غَيْرة وهشاشة تفكير وضعف. وهم لا يملكون شيئا للمنافسة أو الموهبة، ولا كذلك الحضور أو الجمال والذكاء، ولهذا يتلاشون في ظل العزم وانكشاف الحقيقة.

تعجب لفحش من ارتد بسخائم وفقد الوفاء لمَن أكرمه ونعَّمه. وهو ذاك الذي ترسبت فيه أحقاد مشاعر سوداء تجتاز المسافات أكثر مما يمكن للمشاعر الطيبة أن تفعل.

ويظن فاعلها أن الحياة منحته حقا شرعيا لقذف مَن يتفوقون عليه.

ومن البليَّةِ عذلُ مَن لا يرعوي

‏عن غيِّهِ وخطابُ مَن لا يفهَم

‏وإذا أشارَ مُحدِّثًا فكأنَّهُ

‏قردٌ يُقَهْقِهُ أو عجوزٌ تلطِمُ

@alhussainahmed0