ترجمة: إسلام فرج

الرئيس الأمريكي يريد اتخاذ قرارات لمصلحة الولايات المتحدة دون العواقب المترتبة على ذلك

تساءلت مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية عن الإرث الذي سيتركه الرئيس جو بايدن على المسرح العالمي.

وبحسب مقال لـ «توم ماك تاغ»، يبدو أن الرئيس الأمريكي يريد اتخاذ قرارات في المصلحة الإستراتيجية للولايات المتحدة، ولكن دون العواقب التي تترتب على القيام بذلك.

وتابع: على مدى السنوات الـ 16 الماضية، شهدت قيادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لأوروبا، تلاشي فقاعات الاستياء، وإدارة الأزمات دون حل، والعمل من أجل كسب الوقت، والإصلاح التدريجي، وفجأة العمل الانفرادي، وفي النهاية ساد الركود.

وأضاف: بالنسبة للمستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل، فإن مثل هذا السيناريو سيكون بمثابة نهاية مناسبة لوجودها في السلطة.

وأردف: منذ اندلاع أزمة منطقة اليورو في عام 2011، كانت ميركل، بفضل القوة الاقتصادية الألمانية، تقف وحدها كجهة فاعلة حاسمة في أوروبا. نجحت المستشارة في الحفاظ على تماسك القارة، حيث نجت من عواصف رئاسة دونالد ترامب، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والسلوك العدواني لفلاديمير بوتين، وفي الوقت نفسه حمت وعززت الثروة والنفوذ الألمانيين.

واستطرد: بعد عام 2011، كانت ميركل وألمانيا قويتين للغاية، لكنهما كانتا قائدتين مترددتين تفضلان رد الفعل وإبقاء الأمور على حالها وكسب الوقت، بدلا من دفع تكاليف الإصلاحات الإستراتيجية.

أحادي القطب

وتابع: في عالم معولم، هذا النوع من النزعة الإقليمية والتدرج له ميزة. لم يكن العالم أحادي القطب الذي تقوده الولايات المتحدة نموذجًا للحكم الرشيد والهدوء والتفكير الإستراتيجي. لقد منحنا ذلك العالم، الذي ظهر إلى الوجود مع انهيار الاتحاد السوفيتي، صعود الصين الاستبدادية، وعودة ظهور روسيا التوسعية، وكارثة متجددة في الشرق الأوسط، والأزمة المالية الكبرى.

وأضاف: تكمن المشكلة في أن العالم الجديد، وهو عالم به مجموعة من القوى يسعى كل منها إلى تحقيق ميزة ضيقة ويفتقر إلى الإحساس بإستراتيجية أعظم، يخلق نوعًا من التقاعس المزدوج.

وأردف: في حالة أوروبا، لم تكن ألمانيا ميركل مستعدة على الأغلب للتصرف، ولم تكن مستعدة للتعامل مع عواقب تقاعسها عن العمل مثل الأزمات الناشئة، وعدم التوازن الإقليمي، والمظالم.

وتابع: خارج أوروبا، قاومت ألمانيا ميركل أيضا الاختيار بين مصالحها الأمنية والاقتصادية، وضغوط واشنطن.عودة للقيادةومضى يقول: على مدار هذا العام، سافر الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى قمم مجموعتي الـ 7 والـ 20 ومؤتمر المناخ. وفي كل مؤتمر، سعى إلى إصلاح الأسوار التي حطمها المحتل السابق للبيت الأبيض، واعدا بعودة القيادة الأمريكية تحت إدارته، وكذلك عودة الاحترام الأمريكي للحلفاء.

وأردف: مع ذلك، فإن الشعور الذي بقي بعد قمم هذا العام لم يكن إحساسًا بالإدارة الدقيقة والإصلاح والتقدم، ولكنه شعور بالتراجع والانقسام والخسارة. والسبب ليس القمم نفسها، ولكن لأن هذا النوع من الاجتماعات نادرًا ما أسفر عن شيء محدد.

ومضى يقول: طوال فترة ولاية ميركل، حاولت الحصول على كعكتها والتهامها أيضا، وقد نجحت إلى حد ما. وحسبت أنها يمكن أن تصمد أمام تهديدات ترامب ونوبات غضبه دون تقديم أي تنازل كبير لمطالبه، وثبت أنها كانت على صواب. حسبت أنها تستطيع المضي قدما في خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 من روسيا دون أي تكلفة حقيقية تفرضها الولايات المتحدة أو من داخل الاتحاد الأوروبي، ويبدو أنها حققت ما تريد إلى حد كبير. وهي تعتقد الآن أنها تستطيع فصل المصالح الاقتصادية لألمانيا وأوروبا في التجارة مع الصين عن مصلحتها الأمنية في البقاء تحت الضمان الدفاعي الأمريكي.

وتابع: على الرغم من أن نتيجة هذا الرهان لا تزال غير مؤكدة، فمن المنطقي التساؤل عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة حقا لفرض تكلفة عالية بما يكفي على ألمانيا لتغيير حسابات مصلحتها الوطنية المباشرة.

المصلحة الإستراتيجية وأضاف: يبدو أن شيئًا مشابهًا يحدث الآن في واشنطن. مثل ميركل، يبدو أن بايدن يريد اتخاذ قرارات في المصلحة الإستراتيجية للولايات المتحدة، ولكن دون العواقب المترتبة على القيام بذلك. في الاتفاقية الأمنية الجديدة (أوكوس) بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، خطف بايدن «عقد القرن» بالنسبة لفرنسا، لكنه يعتذر عن ذلك.

وأردف: مثل أسلافه، يريد من أوروبا أن تدفع أكثر للدفاع عن نفسها، لكنه أيضا لا يحب فكرة حصول القارة على المزيد من الحكم الذاتي الإستراتيجي، والتي هي النتيجة المنطقية لمثل هذا الطلب. يريد بايدن من ألمانيا أن تظهر قيادتها للصين، لكنه لم يواجه بعد نوع الصفقة الكبرى التي قد تكون ضرورية لجرها وأوروبا ككل من المسعى البسيط لتحقيق مصالحهما الوطنية.

نزاعات صغيرة ولفت إلى أن النتيجة النهائية لهذه التناقضات هي تحويل التركيز من الأهداف الإستراتيجية الكبرى لأمريكا إلى النزاعات الصغيرة نسبيا.

وأضاف: في لندن، على سبيل المثال، هناك قلق بشأن اعتذار واشنطن الظاهري لتهدئة الغضب الفرنسي بشأن اتفاقية الدفاع (أوكوس) التي أُبرمت خلف ظهر فرنسا. ويتساءل المسؤولون البريطانيون لماذا لا تتعامل الولايات المتحدة مع الاتفاقية، تكاليفها وفوائدها، كجزء من تحولها نحو احتواء الصين؟ بعبارة أخرى، لماذا تتصرف أمريكا مثل ألمانيا ميركل؟

وتابع: عندما تنظر إلى قمتي مجموعتي الـ7 والـ20 هذا العام، سترى الغرب لا يزال قويا، ولكنه لم يعد مهيمنا، وأكثر تركيزا على خلافاته الداخلية أكثر.

وأضاف: في الصورة الكبيرة سترى غربا بلا قيادة، يأخذ خطوات صغيرة متوترة، ثم يتراجع قليلا. في الصورة المصغرة، ترى أمريكا تقوم بالخطوات المبدئية الأولى بعيدا عن «حروبها الأبدية» وتتجه نحو منافستها الإستراتيجية في القرن الـ21، وهي الصين.