بدر الصيوان

تشهد الرياض نهضة اقتصادية على كافة الأصعدة، وتطورًا في عدد من المشاريع الضخمة، التي ستسهم في تعزيز مكانة الرياض الاقتصادية بين مدن الشرق الأوسط، وذلك ضمن خطة لجعل الرياض مركزًا اقتصاديًا عالميًا ضمن رؤية المملكة 2030، التي تهدف بشكل أساسي إلى التحول من الاعتماد على النفط كقطاع أساسي للاقتصاد السعودي لمشاريع متعددة التخصصات كالقطاعات التجارية والعقارية والصناعية والتكنولوجية والدعم اللوجيستي، التي ستعمل بشكل أو بآخر على خلق فرص عمل للشباب السعودي، وتنويع مصادر الدخل القومي للمملكة. ولاقى القرار السعودي في استقطاب الشركات الأجنبية وتحفيزها على نقل مقارها ومكاتبها الإقليمية إلى الرياض رواجًا واسعًا؛ لما تقدمه مدينة الرياض من عوامل جذب استثمارية، سواء بتطويرها للبنى التحتية وتسهيلها لعملية استخراج التراخيص، أو تعزيز قطاع النقل البري والبحري والجوي ليتناسب مع حجم الأعمال التجارية المتوقعة، وتقديم تسهيلات على كافة الأصعدة؛ مما سيعمل على دفع المستثمرين والشركات الكبرى على النقل لهذه المدينة والبدء بتوسيع أعمالهم وزيادة فروعهم على صعيد المملكة ككل، وكانت أولى ثمرات هذا القرار انتقال أكثر من 44 شركة عالمية مثل بيبسيكو ودي لويت وبوش، وبوسطن والعديد من الشركات الأخرى.

ومن المتوقع أن يعطي هذا القرار دفعة مالية للاقتصاد السعودي، قدَّره بعض المختصين بحوالي 18 مليار دولار بحلول عام 2030.

ولكن كما يقول المَثل الشائع إن الشجرة المثمرة دائمًا ما تُرمى بالحجارة، حيث ضجّت بعض المواقع الإخبارية بتحليلات وقراءات بأن القرار السعودي بتحويل مدينة الرياض لمركز تجاري عالمي سيسحب البساط، وسيشعل المنافسة بين مدن لدول مجاورة إقليميًا.

ولكن رد الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض فهد الرشيد كان مطمئنًا للعديد من المتخوفين، حيث قال: «إن هذ الخطوة لا تهدف لتفكيك عمليات الشركات في بقية الأنحاء، ولكننا نقول ببساطة: يتعيّن عليكم أن يكون لديكم مقر إقليمي هنا؛ لأن هذا ليس عقدًا اقتصاديًا يمكنكم الاستمرار فيه أو الانسحاب منه، نريد أن نراكم لمدة طويلة». وهذا حتمًا لن يسحب البساط من أي مدينة أخرى، فلكل مدينة تنافسيتها ومزاياها الخاصة، وجعل الرياض مركزًا تجاريًا عالميًا لن يُسهم بالمنفعة على الرياض فقط، بل على كل مدن المنطقة بشكل عام، فوجود مقار لهذه الشركات في الرياض سيجعلها تفكر في التوسعة والتمدد وتنويع أنشطتها في كل المدن؛ مما يعود بالنفع على الجميع.

أضف إلى ذلك أن السوق الاستهلاكية السعودية هي الأكبر والأوسع على المستوى الإقليمي، بجانب قوة شرائية جيدة، لذلك ترى السعودية أنه من الضروري تواجد مقرات ومكاتب للشركات الأجنبية الكبرى فيها، فهي تستهدف بشكل أساسي السوق السعودي وتمتلك حصصًا سوقية كبيرة فيه.

فمن المُحق أن تكون المنفعة متبادلة بين الطرفين، فعلى سبيل المثال لا الحصر شركة سوني لصناعة الألعاب تتصدر سوق الألعاب الإلكترونية ومستلزماتها في المملكة، وتجاوزت قيمة صادراتها للسعودية بما يقارب المليار دولار سنويًا، وليس لهذه الشركة أي مقار أو مكاتب في السعودية.

وعليه فإن النهضة الاقتصادية للرياض هي نهضة لكل مدن المنطقة، والفوائد الاقتصادية ستعم على الجميع دون استثناء.

@baderalsiwan