صفاء قرة محمد ـ بيروت

البلد دخل مرحلة المراوحة و«حزب الله» يعطل الشرعية وقرار الدولة

تدحرج غير مسبوق تشهده العلاقات اللبنانية ـ العربية، ويعود ذلك إلى التصريحات اللامسؤولة لوزير الإعلام جورج قرداحي، التي تسببت في أزمة دبلوماسية بين لبنان والمملكة ‏العربية السعودية، ولا تزال ارتداداتها تأخذ منحى تصاعديا، ‏ورغم كل التداعيات السلبية لهذه الأزمة، والاستياء اللبناني الواسع شعبيا وسياسيا من عدم استقالة قرداحي وسط كل القرارات الخليجية، فإن قرداحي وبدعم حزب الله الإيراني، يستمر في تنفيذ مهامه كوزير، غير آبه بالمصلحة الوطنية أو الشعبية.

تكليف إيراني

ويوضح المحلل السياسي إلياس الزغبي في تصريح لـ(اليوم)، أن «حسن نصرالله كعادته يستخدم الأسلوب الديماغوجي، أي يحاول أن يغطي الحقائق والوقائع الفعلية بافتراضات وترويج إعلامي، ولكن هذا الأسلوب بات مكشوفا جدا على الرأي العام اللبناني والعالمي، فهناك تزايد في الوعي لدى الرأي العام اللبناني، الذي يدرك أن حزب الله يقوم بدور تنفيذي لـ «تكليف شرعي» من راعيته ومرجعيته إيران، لذلك ظهر في خطابه الأخير عاجزا عن إقناع الرأي العام وحتى عن إقناع بيئته نفسها، وكان خطابه موجها في العمق إلى بيئته كي يقول لها إنه لا يزال قويا وفاعلا، ولكنه اعترف ضمنيا أنه لا يستطيع إزاحة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، طارق البيطار، وكل ما يستطيع أن يفعله هو التعطيل وليس التفعيل، وكان سابقا يقرر في كل شيء، أما الآن يقوم بتعطيل الحكومة ولكنها لا تأخذ بموقفه ورأيه».

مسار التسوية

ويقول الزغبي: «رئيسا الحكومة والجمهورية نجيب ميقاتي وميشال عون يريدان إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، والدخول في مسار التسوية مع دول الخليج العربي، وهو يرفض، هو يستطيع التعطيل الآن، ولم يعد قادرا على فرض ما يريد، بل هو قادر على رفض ما يريد، كمسألتي المحقق العدلي وأحداث الطيونة ـ عين الرمانة، وتعطيل الحكومة وما إلى ذلك»، لافتا إلى أن «نصرالله يعترف بعجزه المتراكم وظهر في خطابه وكأنه يمارس نوعا من القتال التراجعي أو الدفاعي أكثر منه قتال هجومي، حتى بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية لم يستطع أكثر من القول إنها تطلب دائما المزيد، وكأنه بدأ مسار احتواء الإخفاقات والانكسارات والخسارات، التي راكمها في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد نتائج الانتخابات العراقية، التي كانت مفصلا بالنسبة إلى رؤية إيران وحزب الله للمنطقة».

تعطيل القرار

يضيف المحلل السياسي: «إن إيران وحزب الله يعيدان حساباتهما فعلا، لأن الهروب إلى الأمام سيكلفهما غاليا، والانسحاب أو الانكفاء أو الانكسار يكلفهما، لذلك هما في مرحلة إعادة تقييم الموقف بشكل يستطيعان فيه احتواء الخسارات والانكفاءات التي نالوها، خاصة داخل بيئة حزب الله، فنحن نعرف أن هنالك تمايزا كبيرا ما بين حركة أمل من جهة، وحزب الله من جهة ثانية، ليس فقط بالنسبة إلى الملف الداخلي والعلاقة مع عون وتياره وحتى في الملف الإقليمي».

ويعتبر أن «الأزمة السعودية ـ اللبنانية ذاهبة إلى المزيد من التعطيل وليس التفعيل»، موضحا أن «الحل لا يبدو ممكنا، بل إن حزب الله يقف على عتبة التعطيل ولا يستطيع الذهاب أكثر، ولا يستطيع فرض سياسة خارجية معينة، هو يعطل القرار اللبناني والشرعية اللبنانية، ونستمر على هذا المنوال إلى فترة بسيطة، لأن المجتمع الدولي لا يقف متفرجا لكنه يدرك أنه غير معني بهذه التعقيدات الكثيرة التي لا تؤدي إلى أي مسار عقلاني ممكن، ولذلك لبنان دخل مرحلة المراوحة داخل أزمته ومأزقه، ويجب أن ننتظر التوازنات والتطورات الجديدة في الشرق الأوسط على عتبة المفاوضات في فيينا، ليتبين الخيط الأبيض من الأسود بالنسبة إلى مصير لبنان».

تحريض نصرالله

وفي هذا الإطار، اعتبر نائب رئيس «تيار المستقبل» مصطفى علوش، في حديث صحفي، أن «موقف قرداحي أصبح ‏مسلحا بشكل واضح من حسن نصرالله، لا بل بتشجيع وتحريض أمين عام ‏الحزب»، ‏ورأى أن «هذا المعسكر الذي يرأسه حسن نصرالله في لبنان، والخامنئي في إيران، ‏يهمه كثيرا أن يدفع دول الخليج إلى مزيد من الابتعاد عن لبنان ليملأ هو الفراغ».

وعن استعداد قرداحي للاستقالة مقابل ضمانات، أوضح علوش أن ما يقصده وزير ‏الإعلام بالضمانات «يعني عودة العلاقات الخليجية - اللبنانية كما كانت قبل خمس ‏وعشر سنوات»،‏ وأشار إلى أن «استقالة قرداحي قد تؤدي إلى وقف تدهور الأمور أكثر، أو ‏حتى إقالته أكثر من إقالته من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة إذا استخدما حقهما ‏الدستوري للقيام بتلك الخطوة»، واستدرك قائلا: «لكن إصلاح العلاقات مع الخليج ‏غير وارد بوجود حزب الله». ‏ ‏ضد الدول العربية.

قال الرئيس ميشال سليمان، في حديث صحفي: «منذ بداية عهدي وفي خطاب القسم تناولت الإستراتيجية الدفاعية من أجل حفظ إنجازات المقاومة وعدم تضييعها بالشارع كما يحصل اليوم، والإستراتيجية الدفاعية اليوم لم تعد كما كنت أتصورها، بل عليها أن تضع جدولا زمنيا لا يتجاوز السنة للتخلي عن السلاح، لأننا لا يمكن أن نبدأ عهدا جديدا مع كل الأحمال الموجودة على أكتاف الرئاسة، ووحدي أنا ورئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط، طالبنا مناقشة الإستراتيجية الدفاعية»، وأضاف: «جبهة إيران ضد إسرائيل أصبحت اليوم جبهة لبنان ضد الدول العربية، خاصة الخليجية».