محمد السهلي
** تتواتر الأنباء وتتضارب التقارير حول مستقبل صناعة السيارات على مستوى العالم، خاصة في الولايات المتحدة التي تمثل أهم منبع لتلك الصناعة, ففي الوقت الذي تؤكد فيه تقارير أن كبريات الشركات العاملة في المجال تدرس الاندماج، تأتي تقارير اخرى تلمح الى دخول تلك الشركات في دوائر الافلاس الذي بدأت اثاره تظهر مع اغلاق مصانع وتسريح عمالة واعادة النظر في امتيازات رؤسائها ومدرائها التنفيذيين.** وقد يتساءل مواطن بسيط في منطقة بعيدة عن ضجة ما يحدث حول الآثار المترتبة على شخصه، وهو الذي اشترى سيارة امريكية قبل اشهر قليلة بسلفة بنكية فوائدها عالية، وهو لا يعلم ان انهيار احدى تلك الشركات ستجعل من سياراته مجرد عربة لا قيمة لها تفتقد الى قطع الغيار والصيانة على المدى البعيد.** تلك كانت هي النظرة المتشائمة حيال ما يحدث، ولكن بعض كبار صانعي السيارات في العالم أعلنوا أمس عن تفاؤلهم المشوب بالحذر حيال مبيعات سياراتهم في العام المقبل, خصوصا في منطقة الشرق الاوسط التي ندخل ضمن سياقها... وحسب ما نقلته صحيفة «قلف نيوز» ان كبار صانعي السيارات يأملون ان الطلب في منطقة الشرق الاوسط سيدعم مبيعاتهم التي تراجعت في مناطق اخرى من العالم خلال العام المقبل..** ويعزز ذلك تقرير اعدته «شركة ايسوس» العالمية حول مبيعات السيارات في منطقة الخليج منذ بداية عام 2008 وحتى نهاية شهر اكتوبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، التي اوضحت ارتفاعا في أعداد مبيعات السيارات بالخليج حيث شهدت المملكة ارتفاعا بنسبة 20 في المائة، وكذلك الدول الخليجية الاخرى التي تصدرتها دولة عمان بارتفاع بلغ 41 بالمائة.** وأمام تلك النظرة التفاؤلية، تقف أعين أخرى بعيدا وهي تترقب انخفاضا في أسعار السيارات، لا يصل الى حد الانهيارات «لاسمح الله», بل هي مبنية على رغبة الحصول على سيارة فارهة بسعر معقول في ظل هذه الفرصة التي لن تتكرر.. وستظل تلك الاعين تترقب وتنتظر حتى يخرج من يحسم ذلك الانتظار، وهنا نسجل علامات استغراب من صمت الموزعين والوكلاء في الخليج حيال الاخبار والتقارير الوافدة من الغرب حول مستقبل صناعة السيارات.** لو ظهر صاحب قرار وأكد أن أسعار السيارات لن تنخفض خلال الفترة المقبلة، وانها وصلت الى قاع لا يمكن تجاوزه فسوف تقف شائعات الانخفاضات والانهيارات , وسيقبل المترددون للشراء واغتنام فرصة تلك الاسعار ، لكن استمرار الصمت من الوكلاء والموزعين سيساهم في استمرار التكهنات والتوقعات وبالتالي عزوف العملاء اضافة الى اضرار لا يمكن تصورها.** ان تعرض أي شركة من الشركات الكبرى في صناعة السيارات لأي انهيار سيلقى بظلاله على اقتصادات جميع دول العالم، وسيتم تسريح العديد من الموظفين، وبالتالي فقدان العديد من الاسر لمصادر دخلهم، اضافة الى ازمة مالية لا يمكن تصورها. يبقى أن أقول أن سيارتي الامريكية التي اقتنيتها قبل عام وارتبطت معها بقصة حب عميقة، اصبحت ضمن قوائم المغضوب عليهم في حياتي، لسبب بسيط وهو أن الاقتران بها تقدم عاما وكنت أتمنى لو تأخر الى هذا الوقت ولكن «الشكوى لله».*رئيس قسم الاقتصاد m88z@hotmail.com