سعود القصيبي

تحدثنا من قبل عن التضخم في زمن الرئيس الأمريكي بايدن وعن بوادر صعود النفط فور وصوله للحكم بأسباب نمط ونهج سياساته وحزبه الديمقراطي المعادية للنفط والغاز ونشاطاته. كذلك عن سياسة الطبع اللامحدود للدولار لتمويل مشاريع ذات أنماط اشتراكية رافقت عودة الدورة الاقتصادية لطبيعتها بعد كثرة المطعمين ضد مرض الكورونا والذي اجتاح العالم مع انفتاح عام بعد إغلاق للمدن والدول.

وفي البداية ادعت الحكومة الأمريكية لتغطية برامج الإنفاق الكبير للموافقة عليه من قبل الكونجرس الأمريكي أنه مؤقت رغم الدلائل والمؤشرات لتمرير القرارات. إلا أنه مع استمرار الارتفاعات الكبيرة في أسعار أغلب السلع والخدمات صاحبه استمرار اعتماد برنامج التعويض المالي ضد البطالة والذي جعل العمل للعمالة العادية غير ذي جدوى، فأصاب الولايات المتحدة بنقص شديد بالعمالة أدى إلى تراكم البضائع وإلى مزيد من الارتفاعات في الأسعار.

وينظر المراقبون إلى دلائل أو إشارات لرفع بنك الاحتياط الأمريكي نسب الفائدة لكبح جماح التضخم وهو الأمر الذي تتوقعه الأسواق فقد وصل الرهان على الدولار أن ارتفع إلى أعلى حد له مقابل العملات الأخرى منذ 16 شهرا. كذلك ينتظر المراقبون نتائج أعمال القمة بين الرئيسين الأمريكي والصيني صباح يوم الثلاثاء القادم لا سيما أن العلاقة بين دولتيهما مشدودة وعلى أكثر من جبهة. كذلك ينظر المستثمرون إلى قراءة تطلعات ثقة المستهلكين في الاقتصاد والتي هوت إلى أدنى حد لها ومنذ عشر سنوات مما جعلها فرصة للاستثمار بالدولار كمؤشر لما هو قادم من رفع بنسب الفائدة.

كما لم يساعد الدولار تشدد البنك المركزي الأوروبي من الإبقاء على سياساته بالرغم من ظواهر تباطؤ الاقتصاد. وفي الجهة الأخرى الآسيوية فالبيانات أظهرت تباطؤا في الاقتصاد الياباني بسبب اضطراب وسائل الشحن والذي أثر على صادراتها. إلا أن الصين من الجهة المقابلة أظهرت نتائج جيدة بارتفاع في سوق الاستهلاك والإنتاج الصناعي مما أعطى الثقة للعملة الأسترالية كسوق مرتبط مع الصين.

من خلال ما ذكر، إننا نعيش في محيط عالمي واحد من الصين للولايات المتحدة واليابان إلى أستراليا، ومنها إلى الدول الأوروبية والشرق الأوسط والقارة الأفريقيه. فما يحدث بالولايات المتحدة حتما سوف نتأثر به كما سوف نتأثر بما يحدث في الدول الآسيوية لا سيما أننا دولة نفطية جل مواردها بالدولار وعملتها مرتبطة به. وقد شاهدنا التضخم المستورد يعصف بالسلع المستوردة ارتفاعا لا سيما من فواتير الشحن للبضائع القادمة. وما قد يحدها هو الإنتاج المحلي للسلع المختلفة إلا أن أغلب المواد المستهلكة محليا هي مستوردة. ومن المتوقع رغم التضخم النسبي للسلع في السوق المحلي أن يلجأ المركزي السعودي إلى رفع نسب الفائده تزامنا مع رفعها في الولايات المتحدة بما فيه من كلفة إضافية على المشاريع وعلى حجم إنفاق الأفراد بالسوق المحلي. إلا أن ما هو مقلق هو استمرار اندفاع الإدارة الأمريكية نحو الإنفاق الكبير مما سيزيد الضغوط على التضخم وعلى ارتفاعات كبيرة إضافيه في أسعار الفائدة.

ونتأمل أن يحقق الاقتصاد العالمي توازنه بعد فترة إغلاق أغلب الدول بأسباب جائحة الكورونا وانقطاع وسائل الشحن، فالعالم أصبح شديد الترابط الصناعي. وما زالت هناك دول بأسباب الضوابط للحد من الكورونا تضع قيودا مؤثرة سلبا على شحن البضائع مما يزيد من تكلفتها أو للتعاطي مع السفر. ونتأمل أن تنحسر تلك الإجراءات والتحذيرات من منظمة الصحة العالمية فلا يظهر فيروس جديد أو تحور أشد قوة أو فتكا. كما نتأمل أن يجد العلماء وشركات الأدوية حلولا علاجية ليصبح التعاطي مع هذا المرض كما الصداع العادي يكفيه حبة اسبرين. اللهم آمين.

@SaudAlgosaibi