د. عبدالوهاب القحطاني

استدركت وزارة التعليم وصف وتسمية مديري ومديرات المدارس في المرحلة دون الجامعية بالقادة والقائدات، وهي تسمية ليست مبنية على دراسات استنتاجية لتشخيص شخصية كل من القائد والقائدة والمدير والمديرة. الحقيقة أن الكثير من الناس غير المتخصصين في القيادة لا يرون الفرق بين المدير والقائد أو المديرة والقائدة. شخصية القائد مميزة عن شخصية المدير في نواح كثيرة. نستطيع اختصار شخصية القائد وشخصية المدير في ناحيتين الأولى الرؤية الذاتية والاستقلالية في اتخاذ القرار، وأيضاً في الرؤية والتوجه الشخصي لكل من القائد والمدير. الشيء الجيد أن وزارة التعليم عادت إلى التسمية السابقة الصحيحة كالمدير والمديرة؛ لأن القائد والقائدة تعني الكثير في علم الإدارة منها استقلاليتهما الكاملة في الرؤية والأهداف والسياسات والإبداع والابتكار والعلاقة بالموظفين واتخاذ القرار المستقل، وهذا لا يتناسب مع غالبية الهيئات الحكومية في معظم دول العالم، وهي في مجملها مركزية الإدارة والقرار، حيث لا مشكلة في ذلك لأن الأوضاع حولها مستقرة إضافة إلى كونها غير ربحية.

في بداية هذه المقالة، أشير إلى المفهوم المتعارف عليه بين الأكاديميين والممارسين، وذلك بأنه ليس كل قائد مديرا، وليس كل مدير قائدا، لكن ربما يكون القائد مديراً في حالات كثيرة عندما تهيئ له الظروف الملائمة. للقائد صفات كثيرة ليست كصفات المدير، لذلك لا يمكن تعميم مقولة إن كل مدير قائد، فالفرق بين القائد والمدير كبير لا يقبل الجدل. من السهل على القائد أن يستغل مهاراته العالية لإدارة الشركات الربحية وغير الربحية بجدارة تفوق جدارة المدير، الذي يهتم بتحقيق المهام والأداء بطرق يعتمد فيها على مركزه الإداري، وليس على شخصيته.

يأمل المهتمون بأعمال الشركات أن يجمع القائد والمدير بين القيادة والإدارة في آن واحد للوصول إلى النتائج والأداء المأمول، لكن الواضح أن لكل منهما نظرته وتوجهه واهتماماته وأسلوبه في التعامل مع الشركات وموظفيها سواء الربحية أو غير الربحية. يختلف القائد عن المدير في أمور كثيرة استعرضها في هذه المقالة المختصرة، التي تفيد الإدارات العليا في تشخيص إذا كان رأس الهرم التنظيمي في الشركات أو الوزارات قائداً أو مديراً أو كلاهما بالرغم أنه من الصعوبة الجمع بينهما إلا في أضيق الحالات، التي توصف بالموقفية خلال الأزمات والكوارث، التي تتطلب قائداً بعينه.

يركز القائد على رسم الرؤية للمكلفين بتنفيذها من أتباعه فلا يتابع الأعمال الدقيقة، بل يتركها لمَن وثق بهم بتفويض السلطة. هذا لا يعني أنه لا يهتم بالأمور التفصيلية، لكنه لا يملك الوقت الكافي للتوجيه والرقابة والتحكم. الحقيقة أن شمولية القائد المتمثلة في الرؤية فارق كبير بينه وبين المدير، الذي يهتم بالنتائج والأمور الدقيقة ومتابعة الموظفين. يلهم القائد الموظفين لتحفيزهم لإنجاز الأعمال، التي تساهم في الوصول إلى تحقيق الرؤية والرسالة، ويعتمد القائد على أهداف واضحة وعلاقات طيبة مع الموظفين في تنفيذ الخطة، وغالبا ما يكون قريباً منهم ويلبي احتياجاتهم الشخصية والاحتياجات ذات العلاقة بأهداف الشركة من موارد وغيرها.

يستند القائد على شخصيته في تحقيق الأهداف من أجل التغيير والتطوير والتحول بما له من جاذبية أمام موظفيه ما يساعده على التحول السلس والمرن بأقل ما يمكن من المقاومة. يشجع القائد الموظفين على العمل ضمن فريق عمل متكامل يضيف قوة للشركة في نواحٍ كثيرة مثل التآزر والتكامل والكفاءة الإنتاجية والتعاون. أما المدير فإنه يحرص على متابعة الأداء في معظم المهام، ولا يترك للموظفين مجالاً للاستقلالية والحرية في الأداء إلا نادراً. أما تواصل المدير مع الموظفين، فإنه عندما يكون الأداء جيداً. ويميل المدير إلى استخدام السلطة المركزية ومركزه الوظيفي للتوجيه والعقاب إذا كان الأداء متدنياً.

@dr_abdulwahhab