الشهرة في عصرنا الحاضر أصبحت بسهولة ضغطة زر من الجوال ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وهي اليوم صارت شبه خارجة عن السيطرة مع كثرة القافزين على مركب الأضواء، فكل من أتى بعجائب الكلام والجُمل زادت فرصته للشهرة.
المشهور في السابق كان يتميز بشيء عن الآخرين تسمى (موهبة). وقد تكون الموهبة جسدية (ألعاب رياضية احترافية، الرسم، النحت، المشغولات والمهارات اليدوية أو الصوت الجميل وغيرها). وقد تكون موهبة عقلية وذهنية فيصبح عالما متخصصا في مجال علمي أو أدبي أو ثقافي. والمقصود أن تملك شيئا مميزا وتجتهد عليه لسنوات من التعليم والتدريب لتصبح من الأوائل في مجالك. وانظر مثلا إلى السنوات، التي يبذلها لاعبو الأولمبياد من الجهد والتعب. وتأمل سنوات العمل من المتخصصين في المجال العلمي والأدبي. فالأصفهاني قضى خمسين سنة في تأليف كتابه (الأغاني) في (25) مجلدا. والإمام ابن حجر العسقلاني ألف كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري) في خمس وعشرين سنة. وآينشتاين صبر عشر سنوات من البحث والنقاش والمعادلات والخيال حتى ينتقل من نظريته النسبية الخاصة إلى النسبية العامة. والأمثلة متعددة ومتنوعة وأكثر من أن تحصى.
ونحن نرى اليوم أنه أصبح أي شخص يتحدث في أي موضوع تافه أو غير قيمة يجذب الكثير من المتابعين سواء على السناب أو توتير وغيرهما. وهؤلاء المشاهير نحن صناعهم حين نعتقد أن ما يقدمونه يساوي الوقت، الذي نقضيه في الاستماع إليهم! بل إن التعليق على مقاطعهم يعتبر دعما لهم من حيث نعلم أو لا نعلم! والمعضلة تكمن حين لا يقدمون أي شيء مميز أو ذي قيمة علمية أو ثقافية أو اجتماعية.
ومَن منهم يضخم ويهلل للخصومات مع بعضهم البعض من أجل الإثارة! والناس في الغالب تعشق تلك المشاحنات، التي تقع بين فلان أو فلانة من المشاهير، حيث فيها من الأحداث الغريبة والساذجة.
ومما يحز في النفس أن هناك أمثلة رائعة من مخترعين ومبدعين ومبتكرين من أبنائنا وبناتنا لا يجدون ذلك الصدى والتقدير منا كمتابعين. فنحن الذين نصنع الشهرة للآخرين بالمتابعة والتعليق، وترديد القصص في مواقع التواصل والمجالس والمقاهي.
والواقع أننا نتحمل جزءا من المشكلة والمسؤولية لأننا لو لم نهتم ونتابع وننفخ في (بالونات الشهرة) لما عرفهم أحد. والأمر الآخر لا بد أن تكون هناك مقاييس للشهرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تصبح كمهنة لها مواصفات ومتطلبات وشروط وضوابط، بل ربما نحتاج إلى شهادة معتمدة سواء إعلامية أو ثقافية أو أدبية أو علمية حتى لا يكون كل هب ودب يتحدث في كل فن ومجال وتخصص. وقد قيل: مَن تكلم في غير فنه جاء بالعجائب. وأدلة ذلك كثيرة، فحين تثار أي قضية أو هشتاق تجد البعض من المشاهير يتحدث فيها بغض النظر عن الموضوع سواء كانت القضية اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو علمية أو رياضية. المهم أن يشارك ويتحدث!! وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: «إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقًا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون».
ومن الغرائب أيضا أن بعضا منهم يتحدث في كل التفاصيل الحياتية الخاصة منذ يصبح حتى يمسي مع أن كثرة الحديث ينسى بعضه البعض كما قيل، وكثرة الظهور تحرق رونق الحضور، وتمله النفوس. وقد روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: ومَن كثر كلامه كثر سقطه، ومَن كثر سقطه قل حياؤه!
والواقع المشاهد والملموس يؤكد أن كثرة الكلام سبب لكثرة السقطات والزلات، خصوصا إذا كان الكلام منطوقا غير مكتوب ومباشر!!
abdullaghannam@
المشهور في السابق كان يتميز بشيء عن الآخرين تسمى (موهبة). وقد تكون الموهبة جسدية (ألعاب رياضية احترافية، الرسم، النحت، المشغولات والمهارات اليدوية أو الصوت الجميل وغيرها). وقد تكون موهبة عقلية وذهنية فيصبح عالما متخصصا في مجال علمي أو أدبي أو ثقافي. والمقصود أن تملك شيئا مميزا وتجتهد عليه لسنوات من التعليم والتدريب لتصبح من الأوائل في مجالك. وانظر مثلا إلى السنوات، التي يبذلها لاعبو الأولمبياد من الجهد والتعب. وتأمل سنوات العمل من المتخصصين في المجال العلمي والأدبي. فالأصفهاني قضى خمسين سنة في تأليف كتابه (الأغاني) في (25) مجلدا. والإمام ابن حجر العسقلاني ألف كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري) في خمس وعشرين سنة. وآينشتاين صبر عشر سنوات من البحث والنقاش والمعادلات والخيال حتى ينتقل من نظريته النسبية الخاصة إلى النسبية العامة. والأمثلة متعددة ومتنوعة وأكثر من أن تحصى.
ونحن نرى اليوم أنه أصبح أي شخص يتحدث في أي موضوع تافه أو غير قيمة يجذب الكثير من المتابعين سواء على السناب أو توتير وغيرهما. وهؤلاء المشاهير نحن صناعهم حين نعتقد أن ما يقدمونه يساوي الوقت، الذي نقضيه في الاستماع إليهم! بل إن التعليق على مقاطعهم يعتبر دعما لهم من حيث نعلم أو لا نعلم! والمعضلة تكمن حين لا يقدمون أي شيء مميز أو ذي قيمة علمية أو ثقافية أو اجتماعية.
ومَن منهم يضخم ويهلل للخصومات مع بعضهم البعض من أجل الإثارة! والناس في الغالب تعشق تلك المشاحنات، التي تقع بين فلان أو فلانة من المشاهير، حيث فيها من الأحداث الغريبة والساذجة.
ومما يحز في النفس أن هناك أمثلة رائعة من مخترعين ومبدعين ومبتكرين من أبنائنا وبناتنا لا يجدون ذلك الصدى والتقدير منا كمتابعين. فنحن الذين نصنع الشهرة للآخرين بالمتابعة والتعليق، وترديد القصص في مواقع التواصل والمجالس والمقاهي.
والواقع أننا نتحمل جزءا من المشكلة والمسؤولية لأننا لو لم نهتم ونتابع وننفخ في (بالونات الشهرة) لما عرفهم أحد. والأمر الآخر لا بد أن تكون هناك مقاييس للشهرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تصبح كمهنة لها مواصفات ومتطلبات وشروط وضوابط، بل ربما نحتاج إلى شهادة معتمدة سواء إعلامية أو ثقافية أو أدبية أو علمية حتى لا يكون كل هب ودب يتحدث في كل فن ومجال وتخصص. وقد قيل: مَن تكلم في غير فنه جاء بالعجائب. وأدلة ذلك كثيرة، فحين تثار أي قضية أو هشتاق تجد البعض من المشاهير يتحدث فيها بغض النظر عن الموضوع سواء كانت القضية اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو علمية أو رياضية. المهم أن يشارك ويتحدث!! وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: «إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقًا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون».
ومن الغرائب أيضا أن بعضا منهم يتحدث في كل التفاصيل الحياتية الخاصة منذ يصبح حتى يمسي مع أن كثرة الحديث ينسى بعضه البعض كما قيل، وكثرة الظهور تحرق رونق الحضور، وتمله النفوس. وقد روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: ومَن كثر كلامه كثر سقطه، ومَن كثر سقطه قل حياؤه!
والواقع المشاهد والملموس يؤكد أن كثرة الكلام سبب لكثرة السقطات والزلات، خصوصا إذا كان الكلام منطوقا غير مكتوب ومباشر!!
abdullaghannam@