عبدالعزيز العمري – جدة

ثلث رواد الأندية التجارية يتعاطون الهرمونات الستيرويدية

حذر مختصون من مخاطر الهرمونات الستيرويدية، التي يتناولها بعض الرياضيين لبناء العضلات في وقت سريع، مشيرين إلى تسببها في مشكلات صحية خطيرة، من بينها العجز الجنسي، وموت الحيوانات المنوية، إضافة إلى ضمور الخصيتين، بالنسبة للرجال، في حين تؤثر على الفتيات بتغيرات هرمونية، غير محمودة العواقب، كظهور الشعر في الوجه وخشونة في الصوت واختفاء الثديين واضطراب العادة الشهرية.

وأوضحوا في حديثهم لـ «قضية اليوم»، أن قائمة المخاطر تشمل الذبحة الصدرية والفشل الكلوي والكبدي وزيادة ضغط الدم وارتفاع الكولسترول الضار، والوفاة المفاجئة، نتيجة الأزمات القلبية، لافتين إلى أن الأعراض الجانبية السلوكية تتمثل في الاكتئاب وجنون العظمة والعدوانية والهلوسة وتغير المزاج.

مشتقات محظورة من هيئات الأدوية العالمية

قال استشاري جراحة المسالك البولية عقم وأمراض الذكورة د. خالد الربيعة، إن الستيرويدات الابتنائية هي المستحضرات الأكثر شيوعاً بين الرياضيين خصوصاً، لاعبو كمال الأجسام، وهي من مكونات هرمون الذكورة، لافتا إلى أن هذه المشتقات غير مصرح بها لبناء العضلات، ولكن تستخدم في علاج بعض الأمراض.

وأوضح أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وأغلب الهيئات الأوروبية، ومن ضمنها هيئة الخدمات الطبية البريطانية، لم توافق على استخدام المنشطات للرياضيين أو لبناء الأجسام، ويجب استخدامها بحذر وبوصفة طبية لعلاج بعض الأمراض، مشيرا إلى أن بعض الرياضيين يستخدمونها بجرعات عالية جدا تصل إلى 100 ضعف الجرعة التي تستخدم للمرضى، وهذه الجرعات تساعد على زيادة الأعراض الجانبية التي قد تفوق منافعها وتسبب مشاكل كبيرة جدا، من ضمنها العقم الجزئي أو الدائم، والضعف الجنسي، وبعض الأورام الكبدية، والتغير المزاجي كالعنفوان النفسي والعصبية الزائدة، إلى جانب تسببها في اضطرابات القلب، وزياده السكتات القلبية.

وأضاف: أظهرت بعض الدراسات تسبب المنشطات في زيادة وفيات مستخدميها، بنسبة تفوق 4 أضعاف غير المستخدمين، ناصحا الرياضيين بالاعتماد على الرياضة بحد ذاتها لتناسق الجسم، وأيضا الغذاء الصحي المنتظم، وهذا بحد ذاته، كاف، وإذا احتاج بعض الرياضيين أي مكملات زائدة، فيمكنه استشارة أخصائي تغذية، لإضافة بعض الفيتامينات أو المكملات الغذائية عند الحاجة.

بعضها يسبب الإدمان وانحراف السلوك

أوضح أستاذ علم الأدوية وعميد كلية الصيدلة سابقا بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل د. مستور الغامدي، أن هناك مجموعتين، من الأدوية تستخدم لبناء الأجسام، الأولى منشطة وهي الأمفيتامين ومشتقاته والهدف منها زيادة التحمل والثقة أثناء التدريب وهي أدوية ممنوعة في المملكة، إذ تسبب الإدمان وانحراف السلّوك وفقدان الشهية والأرق، والمجموعة الثانية: هرمون الاستيرويد وخاصة مشتقات هرمون الذكورة «التستوستيرون» وهذه المجموعة تؤخذ عن طريق الحقن أو الفم، وكذلك يمكن استخدامها من خلال «كريمات»، ولها أعراض جانبية كثيرة منها قلة إنتاج الحيوانات المنوية وانكماش الخصيتين والعقم وضعف الانتصاب وبروز الثديين والصلع وزيادة المخاطر بشأن سرطان البروستات، أما بالنسبة للنساء فالأعراض الجانبية تشمل ظهور الشعر في الوجه وخشونة الصوت واختفاء الثديين واضطراب العادة الشهرية، وفي كلا الجنسين تزيد مخاطر حدوث الذبحة الصدرية والفشل الكلوي والكبدي وزيادة ضغط الدم والكولسترول.

وقال: من الأعراض الجانبية السلوكية: الاكتئاب وجنون العظمة والعدوانية والهلوسة وتغير المزاج، وبكل أسف فإن كلتا المجموعتين تسبب الإدمان، وعند الرغبة في التخلص منها، يواحه المتعاطي أعراضا جانبية مؤلمة، ولذا يجب مراجعة الطبيب للتخلص منها تدريجيا، والتخفيف من أعراضها الانسحابية.

ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين

ذكر استشاري جراحة المسالك البولية وأمراض العقم والذكورة بمستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر د. شهيد السحيباني، أن ممارسة الرياضة من ضروريات الحياة، إذ إنها تحافظ على سلامة القلب والعقل والدورة الدموية، وتحمي الجسم من الكثير من الأمراض كداء السكري وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وارتفاع نسبة الدهون الضارة بالدم وتراكمها في مختلف أنحاء الجسم، وقد لوحظ في الآونة الأخيرة تهافت الشباب على الأندية الرياضية واهتمامهم بالرياضة وهذا شيء إيجابي وجميل، لكن من المؤسف أن بعضهم قد يتناول بعض العلاجات والعقاقير الهرمونية كهرمون الذكورة وهرمون النمو وذلك لزيادة الكتلة العضلية وتقليل نسبه الدهون والحصول على قوام عضلي مثالي متناسق وذلك بعد نصيحة من صديق أو مدرب، دون إشراف طبي مباشر.

وقال: لا يخفى على الجميع خطورة هذه العلاجات والتي تؤدي إلى اعتلال وظائف الكبد والتثدي والصلع وتضخم البروستات وتسارع ظهور الأورام فيها وكذلك تؤدي الى العقم وانعدام الحيوانات المنوية وضمور الخصيتين، مشيرا إلى أن عيادات أمراض الذكورة والعقم خير شاهد على ذلك فضلا عن الكثير من الأعراض الجانبية الضارة.

ونصح الشباب الرياضي بأن يحافظ على صحته وألا يلجأ لمثل هذه العقاقير دون إشراف طبي، إذ إن استخدامه يتطلب حذرا شديدا وحاجة حقيقية.

اللوائح تمنع صرفها وتوزيعها

قالت المحامية سماهر أنور مختار، إن الأنظمة واللوائح تمنع صرف وتوزيع مثل هذه المستحضرات في غير الصيدليات مع ضرورة إظهار الوصفة الطبية، إضافة إلى أنه يحق للمتضررين من الأفراد بأي من المشاكل الصحية جراء استخدام هذا النوع من المستحضرات، رفع دعوى تعويض من خلال موقع وزارة العدل «ناجز» يوضح فيه بيان الضرر المتسبب به جراء استخدام هذا النوع من المنشطات سواء كان الموزع أو المحرض على استخدام هذا النوع من المستحضرات النوادي الرياضية أو الأفراد وبيان وجه الضرر، وموقعه، وتاريخ نشوئه، وأيضا المطالبة بمبلغ تعويضي جراءه.

وأضافت: وجود هذا النوع من الدعاوي القضائية سيسهم بشكل كبير في تقليص انتشار الموزعين غير النظامين سواء كانوا أفرادا أو نوادي رياضية.

وأكدت أهمية التوعية والرقابة من قبل الهيئة العامة للغذاء والدواء على المنشطات والهرمونات الرياضية، وكذلك يجب نشر الوعي القانوني تجاه هذه القضية.

الضرر يدخل تحت بند الاعتداء على النفس

قال القاضي بالمحكمة الجزائية سابقا د. يوسف الغامدي: دولة الحقوق والقانون المملكة، جمعت محاسن الأنظمة العالمية والمواد القانونية الحافظة للمصالح العامة والخاصة والمنظمة لكل العلاقات، وزادت بلادنا على هذه الأنظمة والقوانين بروح الشريعة المنهاج الرباني القويم، مشيرا إلى أن الأنظمة المرعية والمواد القانونية في بلادنا حفظت حقوق الجميع الفرد والمجتمع، والحقوق المعنوية والفكرية والحقوق النفسية والبدنية والضروريات الخمس، حفظ الأمن والبدن والعقل والدين والمال والعرض، وأي ضرر وكل ضرر ثابت بالأدلة القطعية وشهد عليه أهل الاختصاص والخبرة، فإن المتسبب به يقع تحت طائلة الحساب والمحاكمة بموجب الأنظمة ولوائحها والقواعد الشرعية وفروعها.

وأوضح أن مثل هذه الأفعال الجرمية والصور الخاصة بها كالمواد الهرمونية وما في حكمها من منشطات ومواد خطيرة، يدخل في الاعتداء على النفس وما دون النفس وربما تتعدى للجرائم المنظمة، وهو من اختصاص المحاكم الجزائية في المملكة، فيتم الرفع عن طريق مراكز الشرط ودوائر النيابة العامة للتحقيق وإعداد اللوائح العامة، ويجهز المتضرر دليلا خاصا ثابتا بلائحة دعواه، وتستكمل الإجراءات النظامية والقانونية ليتم الرفع بها لمقام المحكمة الجزائية بحكم الاختصاص بموجب نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وجميع الأنظمة ذات العلاقة.

تغيرات مزاجية واضطراب نفسي

بين الصيدلي في هيئة الغذاء والدواء د. محمد القدسي، أن استخدام المنشطات والهرمونات لبناء العضلات عند الرياضيين وغيرهم من الممارسات الخاطئة قد تؤدي لأمراض ومضاعفات صحية خطيرة، إذ إن هذه المنتجات تحتوي على ستيرويدات تخضع للرقابة الدوائية لتأثيرها على الكبد والكلى وارتباطها بأمراض القلب والشرايين كما قد تسبب الصلع وتضخم البروستات والثديين و الإصابة بالصلع المبكر وظهور حب الشباب والإصابة بتغيرات في المزاج واضطرابات نفسية نتيجة تأثر عمل الهرمونات الطبيعية.

وقال إن الجهات الرقابية محليا وعالميا، حذرت من مخاطر تسويق واستخدام هذه المنتجات، دون رقابة، إذ إنها من المخالفات التي يعاقب عليها القانون.

انخفاض الكولسترول النافع وارتفاع «الضار»

أكد استشاري السكر والغدد الصماء والأستاذ المشارك في كليه الطب بمستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر د. وليد البكر، أن استخدام الهرمونات الذكورية وهرمونات «التستوستيرون» وهرمونات النمو لدى اللاعبين في الأندية الرياضية، يتسبب في الكثير من المشاكل الصحية، وفي دراسة أجريت بمدينة الخبر شملت عدة أندية رياضية في المنطقة الشرقية، تبين أن أكثر من ثلث رواد الأندية يأخذون بعض الأدوية والهرمونات في سبيل الحصول على أجسام وعضلات بارزة.

وأوضح أن المؤسسات العلمية والجمعيات الأمريكية للغدد الصماء، حذرت من استخدام تلك العقاقير؛ لتأثيرها على الصحة، مشيرا إلى أن هرمونات النمو تؤدي إلى زياده الكتل العضلية وتقليل الدهون بنسبة عالية، لكن في المقابل، تتسبب في ارتفاع ضغط الدم واحتباس السوائل وارتفاع نسبه السكر، واحتمالية فشل عضلة القلب، أما بالنسبة للهرمونات الذكورية «التستوستيرون» فلها عواقب خطيرة، إذ تؤدي إلى انخفاض الكولسترول النافع وارتفاع الكولسترول الضار، وبالتالي زيادة فرص الأزمات القلبية وزيادة مشاكل البروستات وتضخمها، وعلى المدى البعيد قد تسبب سرطان البروستات.

وبين أن هذه المنشطات قد تؤدي إلى ارتفاع في هيموجلوبين الدم، وبالتالي حدوث خثرات وتجلطات في الرئة والقدم مما يؤدي للوفاة، مشيرا إلى أن بعض الهرمونات والأدوية قد تسبب ارتفاعا في انزيمات الكبد وفشله، مشددا من أن الاستخدام العشوائي قد يتسبب في عواقب وخيمة، وهرمونات الذكورة تسبب ضمورا في الخصيتين وخللا في الغدد النخامية، وبالتالي العقم وعدم القدرة على الإنجاب.

وأكد أهمية عدم تناول هذه الحقن والاعتماد على الرياضة والبرامج الصحية في بناء العضلات مع مدرب، وتناول الأغذية الغنية بالبروتين، والمكملات الغذائية المعتمدة من هيئه الغذاء والدواء السعودية.

حماية صحة الرياضيين السعوديين والمقيمين

أوضح الباحث القانوني فيصل الشاطري، أن الرياضة من الأدوات المعترف بها لتحقيق التنمية والتقدم، لأنها تتخطى الحدود الجغرافية والانقسامات الاجتماعية، فهي تعزز الاندماج الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في سياق ثقافي وسياسي واجتماعي مختلف.

وقال إن «SAADC» هي اللجنة السعودية التي تعنى بالكشف عن المنشطات، وهي تابعة للجنة الأولمبية العربية السعودية، ويقع تحت مسؤولياتها حماية صحة الرياضيين السعوديين أو المقيمين داخل المملكة المشاركين في المنافسات الرياضية، ومن هنا يتضح الفرق بين الرياضيين المحترفين والمنافسين وبين الهواة الذين يرتادون الأندية الرياضية التجارية وهناك صورة مرسومة في ذهن الشباب «الهواة»، ساقت معظمهم إلى سلوكيات خاطئة تهدد صحتهم، عبر البحث عن البناء السريع لأجسادهم، من خلال تناول المنشطات والمكملات الغذائية، لتسانده خلال لعبة كمال الأجسام والبحث عن الجسم المثالي في أسرع وقت، لا سيما وأن أغلبهم لا يملك الوقت الكافي للتمارين بشكل يومي.

وأضاف: لهذه الأسباب يستغل بعض ضعاف النفوس من المدربين أو الأطباء هذا الهوس في إعطاء بعض المتدربين بعض الهرمونات والمكملات الغذائية التي تساعد في بناء الأجسام بشكل أسرع، ولكن بعض هذه المكملات والهرمونات محظورة بحسب أنظمة الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، ولها أضرار كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر: العقم أو العجز الجنسي أو الإصابة بالعمى أو الفشل الكلوي، ولكن في الأساس يعتبر الشخص المتعاطي لهذه المكملات هو المسؤول مسؤولية تامة عما يستخدمه، إذ لا بد أن يعرف الأضرار الجانبية لها، ولكن هذا لا يعفي المدرب أو الطبيب في حال كان استخدامها له بموجب وصفة طبية ويحمله المسؤولية القانونية حيال ما تم صرفه على توجيهه.

وأكمل: في حال تضرر هذا المتدرب من بعض المكملات الغذائية بناء على وصفة طبية، وبشرط عدم وجود خطأ أو إهمال، فإن له المطالبة بالحق الخاص سواء بتعزير الطبيب أو المدرب أو التعويض المالي لقاء الضرر التي تعرض له، وتختص بذلك المحاكم الجزائية في المملكة للتعويض عن الحق الخاص في حال كانت المطالبة بالتعزير أو كان الحق العام منظورا لديها، أما إذا كانت المطالبة مالية فينظر التعويض في المحاكم العامة.