وليد الأحمد يكتب:

ماذا يعني الحياد في الإعلام؟ وهل يوجد حياد واجب وآخر ومستحب؟

هذا عنوان تقرير لافت أثارته صحيفة الجارديان البريطانية الأسبوع الماضي متسائلة: مَن يمكنه اختيار الموضوعات التي يكون فيها الحياد قضية حاضرة في مسائل شائكة مثل الاحتجاجات المناهضة للعنصرية.

صحافة إنجلترا تحديدًا هي الأفضل بالعالم برأيي والأكثر مشاكسة في العناوين والتغطيات اليومية مع الالتزام بالمهنية، ومع ذلك لا تزال قضية حياد الصحافة مسألة جدلية، حيث تتهم فيها الصحافة بالمجاملة وتجنب النقد في قضايا عامة ومهمة مثل «التغيّر المناخي»، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

قناة BBC أو هيئة الإذاعة والتليفزيون البريطانية لا تقبل الإعلانات التجارية لتجنب سلطة المعلن وسطوته التي قد تؤثر على المهنية والحياد؛ لذا فهي تحصل على مواردها من الرسوم الإجبارية التي يدفعها الجمهور ليحصل على حق مشاهدة التليفزيون في المنزل. لكن تقرير «الجارديان» ركّز على فهم وتعريف الحياد في الصحافة والإعلام من منظور BBC، واستشهدت بتصريح لتيم ديفي عندما عُيِّن كمدير عام لهيئة الإذاعة البريطانية قبل عام قال متعهدًا باستعادة الثقة في حيادية BBC كهدف رئيسي. لكنه واجه تحديات في التفاصيل، فمن الذي سيحدد بالضبط معنى الحياد؟ وما هي المواضيع - كأزمة المناخ - التي لم تعُد تتطلب أصواتًا معارضة في نظر القناة؟ وماذا يحدث عندما يعتقد بعض موظفيك أن موضوعات معينة لا يجب أن تكون مطروحة للنقاش؟

جزء مهم من إثارة هذا الموضوع هو انسحاب بي بي سي هذا الأسبوع من دعم جمعية غير ربحية مهتمة بحقوق الشواذ؛ خشية تأثير الدعم على حياد القناة في طرح هذا الموضوع للنقاش العام.

طرح التقرير أيضًا مفهوم الحياد الواجب أو المستحق «due impartiality»، وهو مصطلح معرّض لخطر إساءة فهمه من قِبل عامة الناس، ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعوبة تحديده وتشكيله وفق معايير صارمة، فهو أقرب إلى تحديده بالمعايير الثقافية والأعراف. وبما أن الأعراف والمعايير الثقافية في مجتمعات منطقتنا مؤثرة بشكل أكبر، فهذا يعني تحديًا أكبر لوسيلة الإعلام في الالتزام بالحياد. ورأيي أن الموضوعية هي الوصف الأدق للهدف الذي يجب أن له أي وسيلة إعلامية لكسب احترام الجمهور وثقته.

woahmed1@