د. شلاش الضبعان

مرض التوحد –حسب ما قرأت في المواقع المتخصصة- هو اضطراب عصبيّ وتطوريّ يبدأ مبكرًا في مرحلة الطفولة، ويستمر طوال حياة الإنسان، ويؤثّر على مهارات التواصل والتعلّم وكيفيّة تصرّف المصاب وتفاعله مع الآخرين.

ولذلك فحاجة المصابين بهذا المرض لنا ولعائلاتهم ومجتمعهم كبيرة، بل هي أحد عوامل الشفاء، وبالتالي يسعد الإنسان بكل عمل يقدم للمصابين بمرض التوحد، كما يسعد بكل عمل يقدم للمجتمع بأكمله، فخير الناس أنفعهم للناس، والمجتمعات بحاجة للعاملين أكثر من حاجتها للمتكلمين، كما أن المجتمعات الحية التي تقوم على تميز أبنائها من خلال أعمال مؤسسية تضمن استمرارية العطاء هي مصدر فخر لكل فرد من أفراد المجتمع، فلا تفخر المجتمعات إلا بمثل هذا.

ولذلك فقد سعدت خلال الأيام الماضية عندما دعيت لزيارة جمعية نوعية في محافظة حفر الباطن تختص بالمصابين بمرض التوحد، حيث تعتبر جمعية إرادة للتوحد الأولى في محافظة حفر الباطن في مجال تخصصها، حيث أسسها متطوعون متخصصون في التربية الخاصة في 30/8/1442هـ، وتهدف لتقديم خدمات غير ربحية على يد متخصصين للمصابين بمرض التوحد، والمساهمة في توعية المجتمع بتقبل الطفل المصاب بالتوحد والمحافظة على الحقوق الأساسية له والسعي لدمجه في الحياة الطبيعية، من خلال القياس والتشخيص وتقديم الاستشارات والتأهيل الوظيفي والطبيعي وتنمية المهارات الحسية وتدريب الأسر والخدمات النفسية وبرنامج التغذية وتقديم المعينات والنطق والتخاطب.

ولا تستهدف جمعية إرادة أطفال التوحد وأسرهم فقط، بل تستهدف المجتمع بأكمله لأن ارتفاع الوعي المجتمعي بمرض التوحد مهم في الحد من هذا المرض وآثاره، كما تستهدف طالبي الاستشارة والعاملين في المجال الصحي والتعليمي بما يضمن تحسين أداء المنظمات الصحية والتعليمية ذات العلاقة المباشرة بمرضى التوحد.

جلست مع الطاقم الإداري للجمعية فرأيت –كما هم رجالات هذا البلد، قيادةً وشعباً- طموحات تعانق السماء، وهذه الطموحات تحتاج إلى إنشاء مركز متخصص يساعد في تقديم الخدمات لأكثر من 150 طفلاً، فالمكان الذي توجد فيه الجمعية الآن –مع الجهد المبذول- لا يمكن أن يلبي الاحتياجات، وربط كافة الجهات ذات العلاقة –وكلنا ذوو علاقة- لخدمة أطفالنا أطفال التوحد، والتوسع في الخدمات المقدمة وغيرها الكثير.

أتمنى من كل من يملك القدرة المساهمة ليس من أجلهم بل من أجلنا، ومهما بذلنا يظل العاملون في الميدان هم أصحاب المعروف.

@shlash2020